وداعًا.. أيها الرجل الطيب

✒️ صَالِح الرِّيمِي

رحل عنا عبدالله الصعيدي ولن نراه مرة ثانية، وهكذا هو حال الدنيا، كلنا راحلون، ففي مواعيد القدر ومشيئة الله لا نملك سوى أن نرفع الأكف إلى السماء لندعو لمن اختاره الباري ليكون إلى جواره، بالأمس مات عبدالله الصعيدي رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته..
إنني شخصيًا، لا أجد كلمة توفي فقيدنا الراحل حقه من التكريم الذي يجدر أن يليق به ميتاً، وهو الذي أوجد بغيابه، هذا الحزن الذي يشع في الوجوه، عندما رأيت في عيون الزملاء الدموع تكاد تتحجر في عيونهم من الأسى عليه أثناء دفنه في المقبرة، ولكن لا راد لقضاء الله، لله ما أعطى، ولله ما أخذ.

ماذا عسانا أن أقول في سطور بسيطة محاولًا أن أرضى بهذه الكلمات ضميري تجاه إنسان عرفته عن قرب من خلال جلسات البحر على مدار أعوامٍ عديدة، فقد كان يأتي بسيارته الجمس مبكرًا ومعه أدوات الجلسة من فرش وغيره..
فكل كلمات الرثاء صعبة، وكل كلمات النعي متحجرة، ومن الصعب أن ينعى عزيزًا، ومن المؤلم جدًا، أن يجد المرء نفسه يسكب الدموع أو الكلمات لترثي قلبًا بحجم قلب وطيبة ونقاء وإخلاص، زميلنا عبدالله الصعيدي رحمه الله تعالى..

لقد رحنا عنّا الرجل الطيب، الرجل الصادق في التعامل، صاحب الروح الجميلة الإنسانية، وحبيب الجميع، وصاحب السلوك البسيط والرجل الخدوم، وصديق الجميع، مات عنوان التلقائية والبساطة، السَّهل الذي لا يمكن تقليدُه أو مضاهاته، ويظن أنه من السهل الإتيان بمثله، فإن جرّب أحدهم أن يكون مثل أخلاقه امتنع عليه ولم يصل إليه..
مات من كان مبتسمًا صبورًا على أقدار الله، مات من كان حسن التعامل مع الآخرين، مات من كان كريم الخصال والسجايا، مات من كان متواضعًا لأقصى درجات التواضع، وقليلًا أو نادرًا ما كان يطلب شيئًا لنفسه..
نعم الرجل التقي النقي الصالح الذي يحب الخير للناس ويحثهم عليه ونحسبه كذلك.

*ترويقة:*

إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى، ولا نقول إلا ما قاله الصابرون: (الَّذِينَ إِذَا أَصَأبَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)..
والحمد لله ربِّ العالمين على قضائه وقدره، وإنا على فراقك أبا وحيد لمحزونون، فما أعظم حزننا عليك، وما أكبر مصابنا بفقدك! فأحسن الله عزاء أسرتك الكريمة، وأحسن الله عزاءنا فيك.

*ومضة:*

قال الله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)، قال تعالى: (كل نفس ذائقة الموت)..
اللهم اغفر لعبدالله الصعيدي وارحمه مع الأنبياء والصالحين والشهداء والصديقين وجميع موتى المسلمين والمسلمات.

*

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى