
إفتتاحية:
الأبوة ومقابلها الأمومة هي ليست امتلاكًا لروحٍ أخرى، بل مسؤولية تُبنى بها الأرواح أو تُهدم. حين ينسى بعضهم أن أبناءهم بشرٌ بقلوبٍ حساسة وأحلامٍ هشة، تتحول من حضنٍ إلى قيد، ومن أمانٍ إلى عقابٍ يلازم الروح مدى الحياة.
وبقلمي أكتب و أقول معبرةً عن أولئك الصامتين .
ماذا سوف نصنع إن كان من يعيش معنا هو السبب في تدمير أحلامنا وسحق عواطفنا وبتر أجزاء من روحنا، ويجعلنا نعاني منه بصمت؟ لا نستطيع التخلص منهم، ونجبر على البقاء معهم. ومن هنا تبدأ فكرة وتنتهي: كيف ستنجو من آلامك النفسية بعد ذلك؟ ومن سيحتمل معك نتائج كل ذلك؟
إلى أولئك الذين يعاقبون أبناءهم ويعقدون برّ الوالدين برضى منهم أو سخط، دون مراعاة أن هناك شخصيات سوف تُبنى أو كيانات تُهدم… كيف له أن يخوض في ميدان الحياة وهناك خصم قريب لا يستطيع مواجهته؟
ليس عليك أن تسحق كرامة أبنائك، أو تبتر كفوفهم فلا يستطيعون احتضانك مجددًا مهما كان. تذكّر بأن وجعهم منك لن يزول، وحين تدور عليك دوائر الأيام ستدرك كم كنت الطرف الأول في كسر نفوسهم وعدم احتوائهم.
حتى ولو قسا عليك والديك في ما مضى وانتهى ولمن ينتهي منك ، ومهما كانت طفولتك السابقة، فلا يحق لك أن تُلغي وجودهم من خارطة حياتك أو أن تستعبد قلوبهم. بل عليك أن تكون أكثر نضجًا، وتعالج ما لقيته أنت بتعويض تلك المشاعر بينهم وبينك.
لا تُربِّ أبناء كومة من العقد النفسية، مكسورين لا يستطيعون مواجهة الحياة وأخطائها بقوة إرادة. إنها دعوة مني إلى الآباء والأمهات الذين يربطون بين حياة أبنائهم وشخصياتهم وبين برهم وغضبهم: تذكّروا قبل أن تضعوا برّكم ورضاكم في كفة، وهدمهم في كفة أخرى، أن تهشيم داخليتهم سوف يعود بأثر رجعي عليكم.
حتى لو مضى بهم العمر، ستبقى بداخلهم صرخات غير مسموعة وخفقات قلب تنادي: لا غفران لمن كسر قلوبنا وهمّشها.
ختام:
ولعل البداية لا تحتاج إلى معجزات؛ يكفي أن نصغي أكثر، ونحتضن أبنائنا قبل أن نُحمّلهم ثِقل أخطائنا. فالاحتواء دواء، والرحمة أساس، والقلوب التي تُروى بالحب لا تنسى من سقاه.