أخبار المجتمعأخبار عربيةأخبار محليةالآندينعـــــاجلمنوعات

على ظهر موتوسيكل… خطيب جمعة يلحق بالمنبر ويحوّل الموقف إلى درس عملي وتربوي ملهم في اليقين

#على_ظهر_موتوسيكل_حكاية_خطبة_جمعة_لا_تُنسى

على ظهر موتوسيكل… خطيب جمعة يلحق بالمنبر ويحوّل الموقف إلى درس عملي وتربوي ملهم في اليقين

القاهرة:

قد تكون صورة ‏‏‏شخصين‏، و‏‏لحية‏، و‏شارع‏‏‏ و‏طريق‏‏
في يوم الجمعة 4 من ربيع الآخر 1447هـ / 26 سبتمبر 2025م، كان موضوع الخطبة الموحدة عن اليقين، وقبل أن يعلو النداء الإيماني من المآذن بدقائق، شاء الله أن يكتب لفضيلة الدكتور أحمد علي سليمان – عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية – موقفًا استثنائيًّا، سيظل شاهدًا على عظمة اليقين بالله (سبحانه وتعالى)، وعلى شهامة المصريين التي تسري في دمائهم وأفعالهم وأحوالهم.

كانت السيارة قد تعطلت فجأة على بُعد كيلومترين من المنزل، بينما كان المسجد المخصص له لإلقاء خطبة الجمعة – مسجد الدكتور حسن الأنور بالتجمع الخامس – يبعد أكثر من 14 كيلومترًا تقريبا.

رفع المؤذن الأذان، وأحس الدكتور أحمد سليمان، أن المهمة التي حافظ عليها طوال 36 عامًا من الانتظام على المنبر دون تأخير قد تكون في خطر لأول مرة تاريخه.

وقف في الطريق متوترًا جدًّا، يُلوّح للسيارات طلبًا للنجدة، لكن لا أحد يتوقف. الدقائق تمضي، ووقت صعود المنبر يقترب، والهمّ يثقل صدره.
وبينما يوشك على الانكسار، توقّف شاب من محافظة بني سويف يُدعى عبد الرحمن يقود موتوسيكلا بسيطًا، فطلب منه الدكتور أحمد علي سليمان أن ينقذه قائلًا: “أنا خطيب الجمعة والمسجد ينتظرني”.
فما كان من الشاب الطيب، إلا أن رحّب على الفور، وقال بلسان الحال: “اركب يا دكتور…”.

رحلة محفوفة بالمخاطر

لم يعتد الدكتور أحمد ركوب الموتوسيكلات من قبل.
ومع سرعة الرياح واندفاع الطريق، كان يشعر في كل لحظة أن جسده يكاد يطير، وأن الأوراق والكتب التي معه تتطاير، ناهيك عن النظارة والطاقية تكاد يطير مع الريح وهو يحاول الإمساك بها، والهاتف يكاد يسقط مع كل اهتزاز.

كانت بالفعل لحظات عصيبة تُلهب الأعصاب، لكنها في الوقت نفسه تُوقد جذوة الإيمان والأمل واليقين في الله (سبحانه وتعالى)، فتتردد في قلبه الكلمات: “يقيني بالله أنني سأصل… سيوصلني الله… وسيبارك في الوقت القليل المتبقي”.

ترتيب إلهي ولطف رباني
وصل الدكتور أحمد إلى نهاية سور كومباوند المخابرات بالتجمع الخامس، حيث كان المهندس طارق عبد العزيز – عضو مجلس إدارة المسجد – يقترب بسيارته من نقطة التلاقي التي اتفقا عليها عبر الهاتف، أثناء ركوب الدكتور أحمد الدراجة النارية.
كأن القدر رتّب المشهد بعناية؛ دراجةٌ تندفع من جهة، وسيارةٌ تقترب من أخرى، ليكتمل مشهد اللقاء في توقيتٍ وتزامن بالغ الدقة، تتسارع فيه الأنفاس، وكأن اللحظة ذاتها تمهّد لفصلٍ جديد من الحكاية.

لم تمضِ سوى دقائق بعد تلاقيهما حتى كان في طريقه إلى المسجد، والرجل يهدأ من روعه مبشرا إياه وجماهير المسجد بالوصول ولن تتأخر الخطبة…
وهنا تجلى كرم الله ولطفه، إذ طُوي له الزمن والمكان؛ فالمسافة التي تستغرق عادة 16 – 18 دقيقة، قُطعت في أقل من ذلك بكثير، وكأن الله قد أبطأ عقارب الساعة وطوى الطريق، وبارك في اللحظة، حتى صعد المنبر في وقته، ليبدأ خطبة الجمعة، التي تجمع فيها اليقين العملي وفضل الله وتأييده.

خطبة عن اليقين.. تنبض بالواقع

لم يكن ما جرى مجرد موقف عابر يطويه الزمن، بل كان نفحة ربانية امتزجت بخطبة الجمعة، فصبغتها بروح جديدة، وجعلت عنوانها “اليقين” حقيقة محسوسة لا مجرد كلمات تُقال.

قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏مِنبر‏‏

لقد عاش فضيلة الدكتور أحمد علي سليمان تجربة استثنائية، انتقل فيها من:
. مقام القول إلى مقام الحال
. ومن ميدان التنظير إلى ميدان التجربة؛ فحوَّل المحنة إلى منحة، وصاغها لبنة حيّة في خطبته، فلامس القلوب قبل الأسماع، وأحيا المعنى في النفوس قبل أن يجري على الألسنة.
وهكذا تحوّل الموقف إلى درس بليغ ملهم، يزاوج بين حرارة الكلمة وصدق التجربة، وبين النظرية والتطبيق.

ومن ذلك المشهد الواقعي، أخذ الخطيب بألباب المصلين إلى رحاب بعض أنبياء الله العظام، حيث تجلّى اليقين في أبهى صوره، وكأنه مدرسة تربوية تُلهم القلوب وتغرس في النفوس أن الثبات على وعد الله أعظم زادٍ في مواجهة المحن والابتلاءات، ومن ذلك:
• يقين خليل الرحمن سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو يُلقى في النار، ويقينه وهو يترك زوجته السيدة هاجر ووليدها إسماعيل في وادٍ غير ذي زرع، ويقينه وهو يهمّ بذبح ابنه امتثالًا لأمر الله.
• ويقين الحبيب المصطفى ﷺ وهو في الغار مع صاحبه، ويقينه في طريق الهجرة، ويقينه يوم بدر ويوم الأحزاب، حين أحاطتهم معية الله من كل جانب، ونصره لعباده المؤمنين.

قد تكون صورة ‏‏‏٣‏ أشخاص‏ و‏مِنبر‏‏

وهكذا التقت معاني الوحي بواقع الحياة، ليقول الدرس بلسان الحال والمقال معًا: ما دام اليقين حيًّا في القلوب، فلن تُغلق أبواب الفرج.
قد تكون صورة ‏نص‏
لقد كان الموقف الذي عاشه الخطيب قبل دقائق من صعوده المنبر بمثابة تجسيد عملي لمعاني اليقين التي تحدث عنها؛ ليشعر المصلون أن الكلمات تخرج من قلب قد ذاق شيئًا مما يقول.

قد تكون صورة ‏‏‏٦‏ أشخاص‏ و‏نص‏‏

دروس وعبر من الموقف

1. اليقين بالله هو المفتاح الذي يبدد الخوف ويفتح أبواب الفرج، وهذه رسالة أبعثها إلى أهلنا المستضعفين في غزة وفي كل مكان: اثبتوا واصبروا، فالصبر مفتاح الفرج والفرح، والنصر يولد من رحم الشدائد. وتذكروا مشهد بدر يوم ضاقت السبل بالمؤمنين فرفعوا أكف الضراعة، فجاءهم الجواب عاجلًا، قال تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ . وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (الأنفال: 9-10).
فربُّ بدر هو ربُّ غزة، ووعده الحق باقٍ لا يتخلف، ينصر عباده إذا صدقوا اللجوء إليه، وأحسنوا التوكل عليه، وأخذوا بالأسباب.
2. أن الله يبارك في الوقت والجهد متى صدقت النوايا.
3. أن شهامة المصريين لا تزال حيّة في قلوب الشباب، فعبد الرحمن لم يكن يملك إلا موتوسيكل، لكنه كان يملك قلبًا كبيرًا، أغاث به ملهوفًا، فنال بذلك أجرًا عظيمًا من الله (سبحانه وتعالى).
4. أن على الخطباء والعلماء أن يكونوا قدوة في الإصرار على أداء رسالتهم، مهما اعترضتهم العقبات.
٥. ومن الدروس العظيمة أيضًا بركة الوقت؛ فقد شاء الله (عز وجل) أن تتسلسل الأحداث بسرعة عجيبة، فبمجرد حدوث المشكلة، والاتصال بفضيلة الشيخ عبد الله حسان من أوقاف القاهرة الجديدة –جزاه الله خيرًا– قام من فوره بالاتصال بالأستاذ الدكتور مصطفى شلبي عضو مجلس إدارة المسجد، الذي تحرك فورًا وأجرى سبع مكالمات متلاحقة في أقل من دقيقتين، كانت سببًا في إنقاذ الموقف وتيسير الأمور على نحو مدهش، وكأن الزمن قد انطوى ببركة اليقين وحسن التوكل على الله الكريم.

قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

قد تكون صورة ‏نصب تذكاري‏قد تكون صورة ‏‏‏٥‏ أشخاص‏ و‏نص‏‏وبالله التوفيق

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى