
بقلم . فايل المطاعني
المقدمة:
كلّ ما أرادته كان شيئًا من الحنان.
قطعة دفء تلوّن بها وحدتها…
لكنها لم تكن تعرف أن الحنان أحيانًا… يُباع بثمنٍ باهظ.
“رحمة”، اسمٌ وادع… قلبٌ عذبٌ كان يُحب بصدق.
كانت تؤمن أن الحب لا لون له، ولا شكل، ولا وزن.
ولذلك أحبت “خالد”، الرجل الأسمر الذي نبت كأغنية في صدرها، رغم اعتراض الجميع.
تزوجته، قاومت لأجله، غامرت بعائلتها وكرامتها وسمعتها.
لكن حين ذبلت زهرتها، وتسللت الإبر إلى جسدها النحيل،
حين انتفخ جسدها وتعبت عيناها…
أدار لها خالد ظهره.
تركها كمن يترك كوبًا انكسر، لا يستحق حتى لملمته.
تخبطت في ليلٍ بلا نجوم، تنبش في الحطام عن يد تُمسك بها.
فلم تجد سوى يد امرأة…
امرأة كانت تحترف التسلل إلى الأرواح الكسيرة.
وبين عبث الجسد، ولهاث الفراغ…
ضاعت رحمة.
—
الفصل الأول:
“كانت تشبه الأغاني القديمة”
كانت رحمة تمشي في الحي كأنها قصيدة منسية من ديوان نزار…
بشرتها القمحية، عيناها العسليتان، وجسدها الذي لا يعرف الامتلاء ولا الضجيج.
فتاة لم تكن ترفع صوتها، لكن كل من حولها كان يسمعها.
لأن الطهر… أحيانًا يصرخ بلا كلام.
أحبته لأنه مختلف.
لأنه كان يشبه القهوة، داكنًا، غامضًا، لكنه يمنحك شيئًا من اليقظة.
خالد، ابن الحي الشعبي، لا يحمل شهادة، ولا لقبًا، ولا كلامًا معسولًا.
لكن عينيه حين كان ينظر إليها، كانت تقول كل ما لم تستطع القصائد قوله.
قالت لها أمها:
– الأسود لا يناسبك، لا لونًا ولا حياة.
ردّت رحمة بحزم:
– القلب لا يرى لونًا يا أمي، القلب لا يُصاب بالعنصرية.
وانتصر الحب…
لكن الحب، يا رحمة، لا ينتصر طويلًا في بلادٍ تأكل العاطفة كما تأكل الخبز اليابس.
يتبع ….