✍️سميرالشحيمي :
في قديم الزمان يحكى عن رجل غني يعمل بتجاره وبعد أن كبر بالسن وظهرت عليه علامات الشيب وأصبح لا يقوى على متابعة تجارته أعطاها إلى إبنه الوحيد الذي لم ينجب غيره ليدير تجارته ويحافظ عليها ومع مرور الوقت أصبح الإبن واليا على هذه المدينة التي يعيشون عليها.
عندما أصبح الإبن واليا بدأ لا يهتم بأبيه ولا يسأل عنه إلا قليلاً حتى أصبح الرجل لا يقوى على الحراك وزاد إهمال الوالي لأبيه ، بمعنى آخر ينتظر وفاته ليتخلص من ذلك الأب العجوز الذي يعيق عليه طريق حياته ويخزيه بين الناس نظراً لعجزه وضعفه.. حتى إنه كان يرميه بالشمس لساعات طوال على حصيرة من القش تحت أشعة الشمس الحارة… دون أن يتذكر أن هذا الرجل المسكين كان يوماً من الأيام من ساعده ورعاه في صغره حتى أصبح رجلاً قوياً ..وأصبح واليا.
الوالي كان لديه إبن صغير في العمر لم يتعدى الرابعة عشرة .. وفي يوم من الأيام ..قرر مشايخ القرى التي حول المدينة الإجتماع عند هذا الوالي وفي قصره.. وبالفعل جهز هذا الوالي لهم جميع متطلبات الضيافة وأمر خدمه بتجهيز كل مالذ وطاب من الطعام والشراب وكل ما يحتاجونه لترحيب بالضيوف.. وعندما إقترب موعد قدومهم .. وفي ظل إهتمام الوالي بكل تفاصيل الضيافه في قصره حيث يريد كل شئ مجهز بشكل منمق .. نظر من فوق شرفة قصره إلى الحديقة ووجد والده العجوز جالس على الأرض إفترش حصيرته كعادته !! .. لم يحن قلب الوالي القاسي على أبيه.. فنادى خادمه وطلب منه أن يأخذ أبيه إلى غرفته بعيداً عن أعين الضيوف لكي لا يروه ..وبالفعل قام الخادم بمساعدة خادم آخر بنقل الأب إلى غرفته وأخذا الحصيرة التي كانت مطوية عليه حدث هذا عند مرور إبن الوالي ..فنظر على الخادمين وهو مستاء جدآ وحزين فلحق بهما ودخل معهما إلى غرفة جده وفرش الخادم الحصير وجعل الجد يجلس على الحصيره ولقد كانت الحصيره ممزقه وباليه فأمر الإبن أحد الخدم بأحضار حصيره جديده وطوى عن جده الحصيره القديمه وأخذها وذهب إلى غرفته ومعه الحصيره القديمة فرآه والده الوالي فسأله ماذا تفعل بهذه الحصيره أليست هذه الحصيره لجدك؟
قال الإبن نعم يا أبي إنها لجدي ولكنها أصبحت باليه ممزقه فأمرت له بحصيره جديده
قال الوالي ولكن لماذا لم ترميها مادام إنها باليه؟
رد الإبن وهو يهم الدخول إلى غرفته أردت أن أحتفظ بها يمكن أحتاجها في إحد الأيام .
أستغرب الوالي وقال له كيف لك أن تحتاج الى هذه الحصير
قال الإبن سيأتي يومآ ما ستهرم وتكبر وسأحتاج إلى هذه الحصيره لأضعك فيها.
.. فصعق الوالي من كلام إبنه الصغير وقال له : من علمك هذا؟ قال له : أنت من علمتني هذا بفعلتك بجدي المسكين .. فنهار الوالي على الأرض ومسك ولده واحتضنه وقال له لا يا ولدي لم أكن أقصد ذلك .. فقال له الإبن بلى أنت رميت أباك الذي علمك وكبرك وها أنا أنتظر اليوم الذي سأرميك فيه مكان جدي ..فذهب الوالي مسرعاً إلى غرفة أبيه فوجده يبكي بحرقة شديدة دون أن يتكلم كلمة واحدة ..
وأخذ الوالي يد أباه وظل يقبلها وهو يبكي ويقول له : سامحني يا أبي لقد غرتني الحياة وقصرت في حقك .. واحتضن أباه واخذه وأمر الخدم بتحميمه وترتيبه بأفضل الثياب وقص شعره .. ووضعه في صدر المجلس ..وعندما دخل ضيوف الوالي إلى مجلسه.وألقو عليه التحيه فسألوه من هذا الذي بصدر المجلس.
قال لهم … يشرفني أن يكون هذا الرجل والدي ..
عزيزي القارئ تذكر أن الدنيا دار إختبار وكل ما تفعله وتعمله من عمل أو قول ستجني ثماره مهما كان سئ أو جيد( *وكما تدين تدان*)
تمت.