أنت ملك من ملوك الدنيا!!

✍🏻 صالح الريمي :

قال رجل لعبدالله بن عمرو: «ألسنا من فقراء المهاجرين؟». فقال له عبد الله: «ألك امرأة تأوي إليها؟». قال: «نعم». قال: «ألك مسكن تسكنه؟». قال: «نعم». قال: «فأنت من الأغنياء». قال: «فإن لي خادمًا». قال: «فأنت من الملوك»!.
ولله الحمد الكثير منّا يعيش في نِعَم لا حصر لها، وخيرات تترى، وأمن وأمان، وعيش رغيد، وشعائر تؤدى دون حذر ولا مساءلة، ووئام وسلام، وبسطة في الدخل وسعة في الرزق؟! فاستمتع بهدوئك وتلذذ بلحظاتك، وكن عبدًا شكورًا حامدًا، فأنت تعيش في زحام من النعم، فالحمدلله على كل حال وعلى أي حال.

لكن على النقيض حينما تنظر إلى أحوال الناس، تجد أن أكثرهم قد أصيب بإحباط شديد، وأصبح يعيش في قلق كبير، ويتلظى بنكد عظيم، وشقاء دائم؛ وما ذاك إلا بسبب نظرهم إلى من هم فوقهم، وتطلعهم إلى ما بأيدي غيرهم، وظنهم أن أولئك هم السعداء بما في أيديهم، وأنهم هم الأشقياء المعدمون، فينعكس ذلك في نفوسهم، ويقلل من شكرهم لربهم، ومعرفتهم بأنفسهم، ويؤثر في حياتهم، ويثبط من سيرهم..
يستطيع الإنسان أن يعيش سعيدًا، ويحيا غنيًا، ولو لم يكن لديه شيء من مباهج الحياة وزينتها؛ فالسعادة سعادة القلب، والبهجة بهجة النفس، وتمام النعمة في الدين، وكمال المنة بالإيمان، والسرور بالحياة هو بحسن النظر إليها، وفن التعايش معها، وأن يرضى المرء بالقليل، ويشكر على الكثير، ولا يتيه فرحًا بموجود، ولا يموت أسى على مفقود، وما من أحد إلا ولله عليه منة، وله عليه نعمة.

بمنطق الأمس القريب أنت غنيًّا بما تملك من زخارف الدنيا، وتكنولوجيا العصر بين يديك، مقارنة بمن كان يعيش قبلك، ثم ألم تسمع حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»؟ ألست آمنًا على نفسك وأهلك! وتعيش في أمن ليس مثيل له؟ ألست تملك جسدًا صحيحًا! وبعيدًا عن المشافي والدواء؟ أليس عندك قوت شهرك وليس يومك فقط؟.
ومع هذا أنا لا أتكلم عن مجتمع ملائكي أو أننا نعيش في المدينة الفاضلة، فالقصور موجود، “وتلك الأيام نداولها بين الناس”، صحيح أن بعضنا يشتكي قلة الدخل، وهذا الخلل حاصل، ولكن هذا هو حال الدنيا، ولا يشكل شيئًا في بحر الأمن والنعيم الذي نحظى جميعنا به.

*ترويقة:*
يقول المورخ عبدالعزيز العويد:
«إذا كان لديك بيت يؤويك وطعام ولباس فأنت أغنى من (75%) من سكان العالم، وإذا كان لديك مال في جيبك فأنت ضمن (8%) من أغنياء العالم، وإذا لم تتجرع خطر الحروب، ولم تعذَّب فأنت أفضل من (500) مليون إنسان، وإذا كنت تنعم بالأمن فأنت أفضل من ثلاثة مليارات لا يعرفون الأمن».

*ومضة:*
جمال الحياة في الجلسة الهادئة، الطيبة، البسيطة مع فنجان قهوة لم يمنعك الطبيب من شربه، وجليسٌ تحبه ويحبك، وصحة توصلك إليه وتنقلك منه، وفكر صافي من هموم الحياة، إن حصلت على هذا كله فأنت ملك من ملوك الدنيا.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى