الحرب العظمى
✍🏻 زينة البلوشي :
“اهداء ”
الى تلك الارواح التي عانت في صمتا تام الى اولئك الذين فقدوا احبتهم في خضم الصراعات و الحروب الى اولئك الذين عاشوا في وطأة الظلم و التعذيب و الاستبداد و الى الذين لم يتخلوا عن امالهم على الرغم من معاناتهم و ما مروا به من الم و تعذيب و فقد و قسوة.
الى كل شخص شاهد الفظائع و عاشها الى تلك الارواح التي عانت من الذل و القهر و الحسرة الى اولئك الذين سقطوا في افاق الحرب و الى الذين عادوا بجراح لا تلتئم ابدا.
الى كل ام فقدت ابنائها و الى كل اب فقد عائلته و الى الاطفال الذين نشأوا في ظل الحروب و عاشوا بفقد الوالدين و في خوفا لا يزول يحملون في قلوبهم ذكريات موجعة و مؤلمة .
الى كل كاتب عظيم كتب عن الحرب و معاناة شعوبها و ماذا قد الم بهم و الى كل من تحدث عن السلام و الامان و الاستقرار و الى اولئك الذين سعوا دائما الى تحقيق العدالة .
المقدمة:
في عالم تملئه القسوة و الجبروت عالما ملي بالصراعات حيث تتداخل الاقدار و تتقاطع المصالح بشكلا كبير و تلعب الحرب دورا بارزا كأحد اكثر الظواهر تعقيدا و تاثيرا على الانسانية انها ليست مجرد صراع بين القوى بل هي تجربة انسانية عميقة الى درجة انها تحمل في طياتها جزءا كبيرا من الالم و العذاب و المذله و القهر .
يعتبر تاريخ الحروب ملي بالقصص التي قد تجاوزت الاحصائيات و الارقام انها عن قصص عن اشخاص و عن عائلات و عن احلام قد سلبت و دمرت و تحطمت و عن قلوب مزقت و انكسرت في خضم المعارك تتلاشى الحدود بين الخير و الشر و تصبح الانسانية في كثير من الاحيان ضحية لقرارات التي يتخذها القادة بعيدا عن ساحة المعركة.
الحرب العظمى هي ليست مجرد رواية فقط بل هيه محاولة لاستكشاف اعماق الانسانية في زمن الحرب و هي دعوة للتأمل و التفكر في ما قد يعنيه ان تكون انسانا في ظل الفوضى العارمة و الحروب القاتلة و كيف من الممكن ان ينبعث لك الامل من الانقاض نفسها.
من خلال هذه الرواية سنتعمق و سنغوص في اعماق الالم و الذل و القهر الذل يلازم الحرب و سنعرف كيف انه يمكن للظلم ان يولد قوة جديدة و كيف يمكن للمعاناة ان تكون دافعا كبيرا للتغيير سنرى كيف ان الامل يمكن ان يتواجد حتى في اصعب الاوقات و كيف ان الروح يمكن ان تتجاوز جميع العقبات و الصعوبات.
الرواية هذه ستكون عبارة عن رحلة عبر الزمن و عبر الامل و الالم رحلة ستكون وجهتها هي اعماق النفس البشرية و ستظهر لنا كيف يمكن للحرب من الممكن ان تلعب دورا بارزا و كبيرا في الدمار و في نفس الوقت من الممكن ان تولد نقطة انطلاقها نحو التغيير.
فلنبدا هذه الرحلة معا لنتذكر ان الامل دائما موجود حتى في اصعب الظروف و اللحظات.
الفصل الاول من رواية ” الحرب العظمى” بداية عاصفة الحرب 1914م
في صباح يوم مشرق باشراقة الشمس الساطعة التي اخترقت النوافذ و الاشجار و تغريدات الطيور التي قد ملئت المكان و اصوات الحيوانات و كل هذا في قرية قبيلة “الرحماني” حيث الحياة كانت تسير بكل بطء و كأن الزمن قد توقف هنا و على الرغم من الاصوات و المناظر الجميلة و الخلابة في هذه القرية الا ان هناك توترات بدات في التصاعد و التراكم كالسحب الداكنة السوداء في السماء كانت القوى العظمى تتصارع بشكل كبير على النفوذ بينما كان الناس يعيشون في قلق و خوف من المجهول ودائما ما كانت الاجواء مشحونة و كانها تحمل انذارات لحدث كبير وعظيم سيلعب دورا كبيرا في تغيير مجرى التاريخ.
محمد الرحماني هو شاب في منتصف عمره كان يجلس بجوار اصحابه في احدى المقاهي الموجودة في القرية كان يتحدث بكل حماس عن طموحاته و اهدافه و احلامه و كان يتحدث بكل سعادة عن كيف انه سيبني له مستقبل زاهرو ايضا كان يتحدث عن كيف سوف يساهم في بناء مستقبل القرية التي يعيش فيها و لكن هذه الطموحات بدات تتلاشى تدريجيا مع كل خبر يصل عن انه هناك حرب قادمه و من اهم احلامه هي انه يريد ان يصبح طبيبا حتى يستطيع معالجة الجميع و يهدي حياته سبيلا في تقديم المساعدة لكبار السن و المحتاجين و الصغار و الفقراء و كان محمد الرحماني يلعبا دورا كبيرا في المساهمة على الحفاظ على القرية و كل من فيها و كان يعتبر كل سكان القريه و كانهم فردا من افراد اسرته و دائما ما كان حريصا على تقديم النصيحة و المبادرة في فعل الخير و الاصلاح بين الناس
و بعد مرور ساعات من الوقت اتى احد اصدقاء محمد و الذي يدعى سيف الرفاعي و قال هل سمعتم ماذا حصل فردوا عليه انهم لم يسمعوا بشي حتى الان فماذا حصل هل هناك امر يستدعي ان نعرفه فاخبرهم بان تم استدعاء المجندين و استغرب الجميع ما سبب الاستدعاء فرد عليهم سيف و قال ان الحرب قد بدات و هنا كانت الصاعقة الكبرى حيث ان كلمات سيف كانت و كانها اسهم تخترق قلوب اصدقائه بكل الم و كانت نظراتهم كافيه حيث كانت تحتوي على خوف و قلق من القادم و كل هذا و كان محمد يستمع دون ان يقول اي كلمة فهو كذلك في حالة من الصدمة و بعد لحظات قال احدهم و الذي يدعى منصور و ماذا سنفعل الان و لكن مع صدمة الجميع لم يستطع احد الرد
في تلك الاثناء اتى احد الجنود و الذي كان يحمل نظرة حادة شبيهة بنظرة السيف الحاد و قال بصوت كانه يحمل عبء العالم في اكتافه لقد حان الوقت الان ايها الشباب يجب ان نكون على اتم الاستعداد لكي نحافظ على وطننا و نقوم بحمايته بكل فخر و اعتزاز و قال هذه العبارة بكل قوة و كانه يؤكد على انهم لهم دور كبير كونهم ابناء الوطن على حمايته و الحفاظ عليه و كل كلمة كانت تتردد و كانها صدى قوي لا يمكن ايقافه في عقول ابناء الوطن و لكن في هذا الوقت كان محمد له رايي اخر و شعور غريب و مختلف و كانه كان لديه نظرة حول ان الحرب ستكون كانها بداية لتغيير كل شي
و بعد الانتهاء من كل ما دار بين محمد و اصدقائه و بين الجندي قرر محمد العودة الى منزله و على الرغم من عودته الى المنزل الا انه كان محملا باثقال في قلبه و من ثم دخل الى المنزل و قام بالتسليم على اهل البيت و من ثم جلس بالقرب من المدفأة المتواجدة في الصالة التابعة لمنزلهم حيث انه النيران كانت تتراقص في تناغم و تحالف بشكل هادئ و على الجانب الاخر كانت والدة محمد التي تدعى سليمة تجهش بالبكاء عندما وصلها خبر انه الحرب قد بدات و انهم بحاجة الى مجنديين و كان والد محمد الذي يدعى احمد الرحماني يقوم بتهدئتها و من ثم قالت الام بصوت يملئه الحزن و الكسرة هل ستذهب و تتركنا من سوف يعتني بنا فاننا لا نملك احدا سواك ف انت الابن الوحيد لي و قد اتيت لي بعد سنين من المعالجة و الصبر و هل تريدني ان اتقبل فكرة ذهابك عني هكذا انه ليس سهلا بالنسبة لي ابدا ف انت جزءا مني و من روحي فانت فلذة كبدي و على الرغم من شعور محمد بالحزن لانه والدته تبكي الا انه لا يستطيع البقاء بجانبها و الكل بدون استثناء يذهب الى الحرب و بعد تفكير عميق بينه و بين نفسه قرر الذهاب و ان يحارب و يقاتل من اجل وطنه الذي يحبه و بلاده التي لا مثيل لها
رد قائلا لامه يا امي انتي احدى اوطاني و بلادي وطني الثاني اتريدين مني ان اضحي باحد اوطاني فهذا من سابع المستحيل بالنسبة لي و انا ساذهب حتى ادافع عن حقوقنا و كرامتنا و شرف بلادنا لا يمكنني ان اكون شخصا جبانا و ان اتهرب من هذه المسؤولية و خاصة في الوقت الذي يطلبني فيه الوطن لكي احميه و احارب من اجله و من اجل الحفاظ عليه و كل هذا قاله محمد بصوت حازم و كانت والدته تنظر اليه بنظره كلها دموع و الم و على الرغم من ذلك فقد عرفت الام بان ابنها مصر على الذهاب و انها لن تستطيع رده ابدا مهما فعلت و قالت فلن يفيد الكلام الان لانه ابنها كان قد حزم الامر و في صباح اليوم التالي ودع محمد عائلته المكونة من ام و اب و خرج بكل فخر و عزيمة و اصرار حتى يبدا بداية جديدة مجهولة لا يعلم ما هو المكتوب و المقدر له
عندما وصل الى معسكر التجنيد لاحظ الاعداد الهائلة من الشباب الذي كانوا تقريبا في مثل سنه او اكبر بقليل و كانت وجوههم تعكس خليطا من الحماس و الخوف و القلق و كان هو احد هؤلاء الاشخاص الذين يشعرون بقلق عميق و على الرغم من ذلك الا انه كان مصمما على مواجهة المقدر له و المكتوب
و بعد قليل من الوقت قام احد المجنديين و كان يدعى علي بسؤال عما اذا كانوا على اتم الاستعداد لمواجهة مصيرهم القادم الذي هم بانتظاره ام لا؟ اجاب محمد و قال لا احد منا يعرف القادم و ما هو ف انتظاره و لكننا جميعا فداء للوطن محاولا باجابته هذه اظهار القوة
تدريجيا بدا محمد بالتكيف مع الحياة العسكرية و على الرغم من ذلك الا انه كانت الايام تمر ببطء شديد و كانت التدريبات شاقة و متعبة و على الرغم من صعوبة الحياة العسكرية الا ان محمد كان دائما ما يسارع في التعلم على كيفية المحاربة بالشكل الصحيح و بدا بالتعلم على كيفية مسك السلاح بكل انواعه و كيف يمكن استخدام كل نوع من الانواع التي وجدت في القاعدة العسكرية و كان يتدرب في كيفية مواجهة العدو بكل الطرق الممكنة و في كل مرة كانت يتدرب فيها في ساحة التدريب الخاصة بي العسكرية كان دائما ما يتذكر عائلته و قرية”الرحماني” التي تركها خلفه و دائما ما كانت ذكرياته تاخذه الى والدته و كان دائما ما يتخيل والدته و هي في ساحة المنزل تسقي الزهور بكل حب و ووالده و هو يعطي العمال حقهم من اجل المزرعة التي يعملون بها وهذه المزرعة ترجع الى عائلة جده و هكذا دائما الى ان ينتهي التدريب و تنتهي التخيلات و يرجع مرة اخرى الى الواقع الذي هو فيه فعلا.