هل كرة القدم قادرة على هزيمة الذكاء الاصطناعي

الرياض — حسن عواجي :

هل تستحق كرة القدم كل هذا الزخم كنت أعلم جيدا أن وراء هذا السؤال أسئلة أخرى مختبئة هل تستحق كرة القدم الكتابة عنها أليس من المبالغة أن نربط كرة القدم بالأدب والفلسفة والحياة  . 

مع الوقت أدركت أن الطريقة المثلى للإجابة عن تلك الأسئلة لن تكون إلا بالإشارة إلى متعة كرة القدم كما أراها وأؤمن بها  . 

ولحسن الحظ منحتني بطولة يورو 2024 فرصة جديدة للإجابة عن تلك الأسئلة  . 

قررت القناة الناقلة للبطولة أن تمد المشاهدين بخدمة تظهر أسفل يسار الشاشة أكثر من مرة خلال المباراة عبارة عن توقعات بواسطة الذكاء الاصطناعي لتحديد الفريق الأبرز للفوز بالمباراة في حينه  . 

طبقا لتلك التوقعات قبل عشر دقائق من مباراة ربع النهائي بين منتخبي ألمانيا وإسبانيا كانت نسبة المنتخب الألماني للفوز في المباراة 5% فقط.

بدا الأمر منطقيًا حينئذ فإسبانيا كانت متفوقة بهدف ولم تكن ألمانيا قد بدأت ضغطًا هجوميًا بعد، لكن ما حدث أن الألمان أحرزوا هدف التعادل قبل دقيقة واحدة من نهاية المباراة! فهل فاز الألمان لا فقد سجل المنتخب الإسباني هدف الفوز قبل دقيقة واحدة أيضًا من نهاية الأشواط الإضافية.

يعتمد الذكاء الاصطناعي في توقعه على المعطيات المنطقية التي نغذيه بها فطبقًا لموقع أوبتا باستخدام معطيات مثل قياس القدرات الهجومية والدفاعية خلال مباريات البطولة توقع الذكاء الاصطناعي أن المنتخب الإنقليزي سيعبر نظيره السلوفاكي في ثُمن نهائي البطولة بنسبة 81.6% لكن على أرض الملعب ظل المنتخب السلوفاكي متفوقًا بهدف طوال 70 دقيقة وعانى الإنقليز بشدة حتى أحرزوا هدف التعادل بمهارة استثنائية في الدقيقة 95 قبل أن يحققوا الفوز في الأشواط الإضافية.

لهذا تحديدا أحب كرة القدم لأنها رغم كل الخطط والبيانات والأرقام لا تزال تتمتع بالقدر الكافي من العشوائية القادرة على مفاجأة الجميع.

فهي لا تخضع لقاعدة المعطيات والنتائج التي أصبحنا مع الوقت لا نؤمن بقاعدة غيرها.

فبينما يتحول كل شيء حولنا ليصبح رقميًا ويتدخل الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات حتى الفن والأدب تطمئننا كرة القدم بأنه لا تزال هناك فرصة للتمرد على تلك الأرقام بمراوغة غير متوقعة أو هدف يعكس سير اللقاء أو فوز يحققه فريق لا يتوقعه أحد ولا ينصفه الذكاء الاصطناعي.

يقول الفيلسوف الإنقليزي سايمون كريتشلي في كتابه «فيمَ نفكر حين نفكر في كرة القدم إنه إذا كان لكرة القدم بعد مقدس فإنه يكمن في عادية اللعبة وحماقتها.

وبالرغم من بوهيمية اللعبة وفسادها ورأسماليتها المزمنة فإن تشجيع كرة القدم يتطلب من المرء أن يؤمن بالجنّيات.

أؤمن تمامًا بكلمات كريتشلي فكرة القدم رغم كل ما تعرضت له من استغلال بداعي التطور لم تفقد جوهرها قط.

فهي لا تزال تحمل لنا وعدا بغير المألوف ولا تزال تبث فينا الحياة بينما كل شيء حولنا رتيبٌ ممل.

والأهم أنها ما زالت قادرة على هزيمة الذكاء الاصطناعي في كل مرة.

السؤال المعتاد هل تستحق كرة القدم كل هذا الزخم نعم ما دامت تضمن لنا أن في هذا العالم الرقمي الجاف ثمة مفاجأة في انتظارنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى