لقد خلقنا الإنسان في كبد

الكاتبة / سلوى خلفان المقبالي

لاتقاوم شعورك بالحزن والمشاعر القاتمة تأكد كل التأكيد ان مرحلة الألم هذه مرحلة حتمية من مراحل الحياة،ستأخذ فقط دورتها عليك ثم تتلاشى، ستمر يوماً منها وتعتبرها مرحلة تطهير،ستمر بمرحلة تتوالد بها الأفكار وهي حالة مستمرة وكل فكرة تعتريك من خلالها شرارة تحرق المكان فيزداد سوءاً ،وكأنها شرارة نار تخرج وتحرق اشلائك الباقية ،ولكن تأكد أن مقاومة الشعور بالحرق يزيد سوء وقتامة الأمر ،فكلما سمحت للحزن ان يتغلغل في روحك كلما وصلت الى مرحلة السماح بالرحيل لذلك الحزن ،وأقتربت من التشافي ،فعش حزنك للنخاع ،سيبدو الشعور ثقيلاً اي نعم،وتشعر بنهايتك في هذا العالم قد بدأت، ستخوض حينها صراعات جديدة وانت مازلت تتألم من أثار صراعات قديمة ، لكنك لا تيأس وواصل الصمود والثبات أمام تلك المواقف والأحداث ،والكفيلة والقادرة على أن تدمير حياتك ،ومع ذاك تستمر وتحاول ، أعتبرها انتصاراً من انتصاراتك اليومية التي تحققها ،ستشعر بدموعك متحجرة في عينيك ،لا تقاوم نزولها ،عيشها من اول قطرة لاخر قطرة ،فمع الصبر والتعايش ستتحرر من جبل حرون مكث على صدرك ردحاً من الزمن، سيأتيك شعور الخفة وتصل إلى شعور النشوة ،نشوة الإنعتاق ،فلا تكن صحبة للشعور في فهذه الأحزان والمشاعر تأتي كل إنسان على هذه الأرض ،فقد خُلق الإنسان في شدة وعناء ،فلا يلقي ابن ادم الا مكابد الدنيا والأخرة يكابد في أمرهما من مصائب الدنيا وشدائد الأخرة لقوله تعالى( لقد خلقنا الإنسان في كبد) فأعتبرها حكمة الله في الأرض ،فعش أحزانك وأجعلها تمر بسلام دون حدوث أي ضرر ، ولا تتورط في جلد ذاتك في أوج حزنك ،كل ماعليك استسلم للحزن وتجاهل الفكرة لتصل لعظمة التحرر وروعة التلاشي ،فنحن تلك الأشياء التي تنمو سراً في هامش الوجود ،والكلمات التي نرددها سراً دون الجرأة في قولها على الملأ، نحن مجموعة إنهيارات حسبناها بإتقان تحت الهدوء واللامبالاة،تذكر تلك الأشياء التي تمنيت أن تأخذها وتركتها ،ولهؤلاء الأشخاص الذين أحببتهم وحلمت بالعيش معهم ولم تعش ،تذكر البطولات السرية التي فزت فيها بذاتك، ،واصل الركض في هذه الحياة ، أنتشل روحك من اليأس رغم خوفك من عدم نجاتك ،واصل ممارسة حياتك لا توقف مساراتك ،فكل الاشياء تستحق ان تعتبرها إنتصاراً ،لا تستسلم ابداً ولا تظن أنك غير قادر على تحقيق هذا الأمر وحدك، فقط استعن بالله وتوكل ،فتأكد هناك من يناديك كل ليلة فيقول لك ماذا تريد؟ هناك الله .
فلا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ،إنك لا تدري بعد هذه العتمة ماذا سيكون حالك ،ولا تعرف مايخبألك القدر من مفاجأت التي لا يعلمها الا الله، فقد يتحول الحزن الى فرح وستسجد شكراً من شدة الفرح،ويتحول العسر إلى يسر وبعد الضيق فرج ،فينتشلك الله من حزنك ويجعلك في احسن حال ،ومن شيئاً تمنيته منذ زمن ولم يتحقق ونسيته من اليأس ،إلى حقيقة تبكيك فرحاً، فقط أستعن بالله ،فلا تكتم مشاعرك الحزينة بل أعطها حقها، وكن متفائلاً دوماً ،فيسقي الله روحك اولاً ويشبعها حتى ترتوي بيقين أن قادمك أجمل ،كن صابراً مستعيناً كل الإستعانة بالقادر المقتدر والذي يغيّر ولا يتغير ،إنتظر لهفة الفرج ،تيقّن بعد كل حزن أصابك من الله يتلوه فرج عظيم فقط قل ( يالله) فهو الوحيد الذي يعلم عن ثباتك عن المواقف التي حطمتك وهزمتك ،ويعلم نواياك وصدق أفعالك حتى لو خانتك الكلمات في شرح ماأنت فيه،فالله يعلم عن أثقالك في الحياة ويعلم حزنك ومأساتك ،فقط أصبر وأحتسب ، وتأكد كل التأكيد أن الله قادراً على تخطّي كل ماتمر به وكن على علم أن الله لا يبتلي أحد بشيئاً دون أن يُلهمه الصبر،فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ،فيختبرك بالبلاء حتى تفقد عقلك وصوابك ،فتأتي أقدارك ثقيلة على أن تتحملها،فهل علمت إنها امتحان الله دائما يأتي على مقاس قوة تحملك ، فهو العالم بشؤون عباده فلن يكلفك أكثر مما تحتمل ،فالله أرحم من يحمّلنا مالا نستطيع تحمله ،فكن على يقين تام فسيرزقك الله فرحة الوصول إلى مقصدك وأنت راض،فهذا النصب سيكون محض ذكرى فلا تضع في الزحام فسيجعل الله نوراً يضيئ بصيرتك حتى تدرك هوان الدنيا رغم جمالها وحقيقة الأشياء فقط أستعد هدوءك وتوكل على الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى