فلسطين في القلب .. دائما وأبدا

 

 

بقلم – مريم الشكيلية – سلطنة عمان

كلنا يعلم أن الأحداث في الأراضي الفلسطينية لم تلبث أن تهدأ حتى تتجدد الأحداث والمواجهات مع الإحتلال الإسرائيلي حتى مع وجود معاهدات  هنا وهناك، فهذا حال فلسطين منذ البداية مع الإحتلال، ولكنني هنا لست بصدد سرد وقائع وأحداث تاريخية عن قصة فلسطين والأرض المقدسة مع الإحتلال الإسرائيلي، فالكل بات يعلمها لأننا نعيش واقعها ومستجداتها، ولكنني هنا أردت أن ألفت القارئ إلى أمر ما، وهو سؤال يجول في ذهني لماذا في شهر رمضان نحن مع موعد لمسلسل أحداث واقعية ومواجهات واشتباكات بين الشعب الفلسطيني الأعزل وبين قوات الإحتلال الإسرائيلية ؟ هل شهر رمضان يشكل أهمية كبرى للشعب الفلسطيني فيما يخص قضيته والكيان الاسرائيلي كذلك؟..
إن القضية الفلسطينية لاتزال تمثل القضية الأولى للشعوب العربية والإسلامية رغم القضايا والأزمات التي ترزح تحتها المنطقة العربية والشرق الأوسط إلا إن القضية الفلسطينية لاتزال تحتفظ بمكانتها.
أحداث من الذاكرة
أن المتتبع للأحداث السابقة يجد أن لشهر رمضان النصيب الأكبر في أحداث ومواقف كان لها القدر الكافي من العمق في تغير الأحداث ومنه كانت نقطة فاصلة بين الجانبين بشكل خاص والوطن العربي والعالم بشكل عام، مثل ما حدث في  العام الماضي في 2021 شهدت الأراضي الفلسطينية إقتحامات إسرائيلية لبيت المقدس وأحداث الشيخ جراح وبعدها حرب غزة وهذا العام 2022  أيضا وقبل دخول  شهر رمضان بقليل بداية الأحداث من دهس وطعن وإغتيالات ميدانية واقتحام للبيوت ومطاردات لشبان فلسطينيين في الضفة الغربية هذه المرة تحتدم المواجهات وكأن الكيان الإسرائيلي لديه ما يخافه في هذا الشهر لهذا يفتعل الاحتلال القتل العمد والاعتقالات العشوائية وسياسة التضييق، وكلها لأسباب وبحجج مسبقة وهو أمن إسرائيل وشعبها.
سيناريوهات محتملة
عندما يفتعل الكيان الإسرائيلي الأحداث في كل مرة وبالأخص الأعمال الاستفزازية ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني فحسب وإنما ضد الشعوب العربية والإسلامية جمعاء باقتحامات متكررة وتدنيس للمسجد الأقصى المبارك والتنكيل بالمصلين فيه خلال شهر رمضان المبارك، فهذا يجعل الأحداث تسير نحو انتفاضة ثالثة بكل قوة وبانفجار شعبي ككتلة لهب تتدحرج على الأرض لا شيء يوقفها إذا لم يوقف الاحتلال هذه الأعمال من التضييق والاقتحام المتكرر للأقصى المبارك فهو يشعل الحريق بيديه لأن الشعب الفلسطيني لا يمكن له إن يقف مكتوف الأيدي وإنما سيجد نفسه يتصدى ويقلب الطاولة على المحتل، لأن هذه الاستفزازات توحد الشعب في الداخل والخارج وحتى إنها توقظ الأمتين العربية والإسلامية..
وأما أن تكون هناك تدخلات جدية من المجتمع الدولي ويجبر الإحتلال الإسرائيلي وقيادته على التوقف عن التنكيل والعبث بحرمة المسجد الأقصى المبارك وأعتقد أن العالم لا ينقصه أن يفتح له جبهة جديدة في الوقت الحالي، وخصوصاً الولايات المتحدة أوروبا في ظل انشغالهم بالحرب الروسية الأوكرانية، إنهم الآن أحوج إلى جمع تأييد لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا وأفعال الكيان الإسرائيلي والاشتباكات والأمور التي تتجه نحو الانفجار هي ليست أولا تحرج المجتمع الدولي في إدانة الممارسات الإسرائيلية من قتل واعتقال وغيرهما للشعب الفلسطيني الذي لا يملك سوى التصدي بالنفس والحجارة ثانياً صرف العالم عن ما يحدث في القارة العجوز من أحداث وسير مجريات الحرب هناك
اتفاقيات التطبيع على صفيح ساخن
في عام 2020 شهد العالم وهي سابقة من نوعها تطبيع أربع دول علاقات مع إسرائيل في عام واحد برعاية أمريكية وهو ما عرف باتفاقية إبراهام، وهو ما أعطى الإحتلال الإسرائيلي شرعية له بصورة أقوى من ذي قبل وهو أيضا ما دفعه إلى مزيد من التضييق على الشعب الفلسطيني بصفته مدافعا عن كيانه ورغم أن ما ذكر وقتها في حفل توقيع مذكرات إقامة علاقات متبادلة بين الكيان الإسرائيلي والدول المطبعة معها من أنها جاءت لاسترداد حق الشعب الفلسطيني  الذي كان الغائب في هذا الحفل ورافضا له، وقد أعلن إنه غير معني به وأنه لم يخول أي دولة بالتحدث باسمه إلا أنه اليوم وهذه الأحداث تثبت عكس ذلك ، إن الإحتلال الإسرائيلي أحرج هذه الدول بهذه الأعمال التي يشرع بها وخصوصاً الاعتداءات على المصلين.
والتهديد يتكرر في داخل المسجد الأقصى بين فترة وأخرى بذبح القرابين في ساحات المسجد الأقصى، ولازال الإحتلال الغاشم يثبت للجميع ما هو عليه دائماً، فهو لا يحافظ على العهود والمواثيق حتى مع الصديق، وكأنه من خلال التطبيع يأخذ الشرعية الكاملة والموافقة الشاملة للشروع في إذلال الشعب العظيم الذي له الحق الكامل على أرضه وكيانه شاء العدو أم أبا.
إن تلك الإنتهاكات تكشف لنا حقيقة المحتل ووجهه الحقيقي في تدنيس القدس الشريف، بل ويكشف لنا بشكل واضح وجلي أن التطبيع مع المحتل لا يخدم السلام الذي ينشده المحتل بل على العكس تماما فهو يكرس الإحتلال ويساعد على تعميق الانقسامات العربية والإسلامية وعزل القضية الفلسطينية عن محيطها العربي والإسلامي وذلك حتى يسهل للعدو الإسرائيلي تغييب القضية الفلسطينية.
إن المخططات التي يرسمها المحتل الغاشم من اقتحامات وإساءات متكررة للقدس الشريف وباحات المسجد الأقصى المبارك، يستهدف منها العدو الإسرائيلي طمس الهوية العربية والإسلامية عن المدينة المقدسة والمباركة وكأنهم يصرحون أن لاوصاية على المدينة المباركة، ولكن يبقى صراع قوة الإرادة أمام الترسانة العسكرية الظالمة التي لانحسبها إلا كبيت العنكبوت .
تحية إكبار وإجلال للعشب الفلسطيني المناضل ولتلك الجموع المرابطة في القدس الشريف والمسجد الأقصى، الذين كانوا وما زالوا يتصدون للترسانة العسكرية المؤججة بالعتاد والسلاح، وفي كل مرة لا تراهم إلا ويفتحون صدورهم في وجه المعتدي الغاشم دفاعا لحرم المدينة المقدسة والمباركة، فمنهم من يسقط شهيدا ومنهم من يسقط جريحا ومنهم من يعتقل ويزج إلى السجون، والغريب أن العالم العربي والإسلامي في صمت شديد عاجزا عن الدفاع عن الشعب المظلوم المضطهد والمسلوب حقوقه المشروعة.
مما يبعث في النفس الغضب هو هذا الصمت المطبق الذي يصم الآذان من قبل المجتمع الدولي أمام ما يشاهده من صور على شاشات التلفاز ومواقع مختلفة من ممارسات الكيان الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وهو الذي ما ينفك يردد في كل محفل عن حقوق الإنسان في العيش بسلام وحقه في ممارسة العبادة وغيرها من الحقوق ومع الأسف الكيل بمكيالين وإزدواجية المعايير هو ما نراه حقيقة واضحة الكل يعلم كيف الولايات الأمريكية ومعها الدول الغربية يقفون مع أوكرانيا بكل قوة في دفاعها في وجهه الجيش الروسي ويصفون قادته بمجرمين حرب وفي المقابل لا نجد كلمة واحدة أو إدانة حقيقية أو موقف للجم الإحتلال الإسرائيلي عن ما يرتكبه في حق شعب أعزل وإن تحدث المجتمع الدولي فإن تصريحاته تكون خجولة جداً وغير منصفة، فهم يضعون المعتدي والمعتدى عليه في خانه واحدة، وهذا يكشف عن مدى تهاون المجتمع الدولي عن حماية الأبرياء وتقاعسه عن الوقوف بجانبه وهذا ما يجعل القوة العسكرية الإسرائيلية تضاعف تنكيلها وتدنيسها وإنتهاك حقوق الشعب الفلسطيني وأمام أعين العالم دون رادع وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة فهذا هو ديدنهم في كل مرة بهدف تخويف الآمنين والتضيق على المصلين فهم لا يحترمون حرمة وقدسية الأديان ويستخفون بحياة الأفراد ويتعمدون على استفزاز الشعوب المسلمة وخصوصاً في هذا الشهر الكريم لما له من قيمة ومكانه وقدسية..
فهل ستكون القدس مفتاح الحل في توحيد الصف الفلسطيني؟
مريم الشكيلية
كاتبة من عمان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى