مدينة قصر البخاري الجزائرية عبر التاريخ

الجزائر _ عباس مولبات :
إن ماضي قصر البخاري هو حصيلة تفاعل الشروط الطبيعية، و المميزات المناخية بالعوامل البشرية، و الدوافع الإقتصادية و المتطلبات الإجتماعية عبر بعد زمني محدد، و حركة تاريخية مستمرة، لقد عرفت مدينة قصر البخاري استقرار إنسان ما قبل التاريخ، و هذا ما تؤكده البقايا الحجرية التي عثر عليها، نجد ذكر مدينة قصر البخاري في المصادر التاريخية مع إنشاء الخط الدفاعي الروماني شمال الهضاب العليا، و جنوب التيطري من لدن الإمبراطور الروماني سبتيموس سيفيروس الذي أقام إلى الشرق من قصر البخاري حصن أو زينازا و قد واصل جهوده الدفاعية من بعده ابناؤه من الأباطرة.
ظل قصر البخاري طوال الفترة الرومانية، و حتى الفترة الإسلامية محطة عبور أكثر منه مركزا عمرانيا لأسباب تتعلق بخوف السكان من التعرض للغارات و الهجمات، فكان بوغار خير مكان لهم لحصانة موقعه، و سهولة الدفاع عنه، بينما تحول موقع قصر البخاري على وادي الشلف ال>ي يصعب الدفاع عنه رغم ملائمته للسكن إلى مجرد سوق لرجال قبائل جهات التيطري الجنوبية و نواحي الهضاب الشمالية طوال الفترة الإسلامية، و لم يكتسب طابع المركز العمراني إلا مع إنشاء بايلك التيطري في اوائل العهد العثماني على الأرجح في القرن العاشر الهجري/ السادس عشر ميلادي.

من حيث الوظيفة الإدارية فقد أصبحت مدينة قصر البخاري مركز بلدية كاملة الصلاحيات بفعل القرار الصادر في 29 جانفي 1869م، ثم أصبحت مركزا إداريا للجهات المحيطة به، عندما أحدثت البلدية المختلطة بقرار 25 أوت 1880م.

لقد حافظت مدينة قصر البخاري على مكانتها الإدارية فتحولت مع التقسيم الإداري بعد الاستقلال إلى دائرة إدارية تابعة لولاية المدية.
لقد عرفت مدينة قصر البخاري في السنوات الأولى للاستقلال تطورا ملحوظا ما لبث أن تراجع بفعل الأزمة العامة التي أصبحت تعيشها البلد منذ أواسط الثمانينات، و انعكس ذلك في تلك الأعداد الكبيرة من العاطلين غن العمل و في تلك الجماعات الكثيرة من الشباب الذي وجد نفسه خارج المدرسة، و بدون تكوين، فارتفعت نسبة البطالة في قصر البخاري نتيجة ذلك من 21.02 ℅ سنة 1987 من مجموع السكان إلى41.41 ℅ سنة 1992.
إن موقع المدينة و إمكاناتها الاقتصادية و نشاط سكانها و حيويتهم كفيل بإحداث حركة تنمية متسارعة قادرة على تطوير مستوى سكان قصر البخاري و القضاء على البطالة، و أزمة السكن، فتحتل بذلك مدينة قصر البخاري مكانتها اللائقة بين المدن الجزائرية، و تظل حلقة وصل و بيئة تفاعل تربط أصالة الماضي بطموحات الحاضر و آمال المستقبل.