حوار مع الكاتب الجزائري فيصل سليماني

كتاب وكاتب

• حاوره: سمير تلايلف


◾الكاتب فيصل سليماني أهلا بك، بداية لو تعرف نفسك للقراء، ماذا تقول؟


فيصل سليماني: أهلاً بكم، أنا فيصل سليماني، كاتب روائي وصحفي جزائري. بدأت مسيرتي في الكتابة منذ المرحلة الثانوية بكتابة القصص القصيرة، وكنت دائمًا أطمح لإيصال رسائل قوية عبر الأدب. صدرت لي رواية “جحيم الشيطان”، التي تتناول قضية العنف ضد المرأة، ورواية “لفلوكة” التي تتناول موضوع الهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت، كما أنني عضو في الاتحاد الوطني للكتاب الجزائريين، وأؤمن بأن الأدب رسالة اجتماعية عميقة، وأطمح أن أترك أثرًا في الساحة الأدبية الجزائرية والعربية.


◾لماذا اخترت عالم الأدب والكتابة لكي تترجم أحاسيسك وتنقل هموم وانشغالات جيلك، بينما نجد معظم أبناء جيلك يتجهون لفنون أخرى للتعبير عن ذواتهم؟


فيصل سليماني: اخترت الأدب لأنه يمثل لي أداة للتعبير بصدق وعمق عن مشاعري وأفكاري تجاه قضايا المجتمع. وجدت في الكتابة مجالاً يمكنني من خلاله أن أطرح تساؤلاتي وهمومي بوضوح، وبطريقة تجعل القارئ يتوقف عند كل كلمة ليفكر ويعيد النظر في كثير من المفاهيم. الأدب بالنسبة لي ليس مجرد فن، بل هو مساحة تأمل وتعبير عن قضايا وحقائق أرى أنها تحتاج إلى المعالجة والنقاش.
في وقت يتجه فيه الكثير من أبناء جيلي نحو الفنون السريعة والبصرية، التي تتماشى مع وتيرة العصر وتوفر تواصلاً سريعاً ومباشراً، وجدت نفسي أميل إلى الكتابة لأنها تمنحني الوقت الكافي لأتعمق في القضية وأصيغها بالشكل الذي أطمح إليه. أردت أن أترك أثراً دائماً، بعيداً عن الصخب اللحظي، وأن أكون صوتاً يتسلل بهدوء إلى الوجدان، ليصنع تغييراً حقيقياً ومستداماً في وعي القارئ.


◾هناك تهمة تقول أن الشباب الجزائري لا يقرأ الكتب، بحكم تجربتك، هل يمكنك تأييد الفكرة أو رفضها، وما مكانة الكتاب في الأوساط الشبابية من وجهة نظرك؟


فيصل سليماني: التصور السائد بأن الشباب الجزائري لا يقرأ الكتب يحتوي على بعض المبالغة، لكنه يحمل جزءًا من الحقيقة كذلك. بحكم تجربتي وملاحظتي، أرى أن القراءة ليست غائبة تمامًا عن الأوساط الشبابية، لكن نوعية واهتمامات الشباب بالكتب تتفاوت. هناك شريحة من الشباب الجزائري مهتمة فعلاً بالقراءة، خاصة في المجالات الأدبية والفكرية التي تتناول قضايا المجتمع وتجارب الحياة. كما أن هناك إقبالًا على الروايات التي تطرح قضايا اجتماعية أو تعالج مواضيع هامة بأسلوب جذاب.
مع ذلك، أعتقد أن التحديات الاقتصادية والتطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تغيير نمط القراءة لدى الشباب، وأصبحت قراءة الكتب التقليدية أقل انتشاراً مقارنة بالقراءة الرقمية، التي تتيح الوصول إلى المحتوى بسهولة وسرعة.
من وجهة نظري، الكتاب ما زال له مكانة مهمة لدى فئة معينة من الشباب، لكنها تحتاج إلى دعم أكبر لتوسيع نطاق الاهتمام به. هذا يتطلب ترويجًا أعمق للكتب وأفكارًا تجذب الشباب للقراءة، كإقامة معارض الكتب وورشات القراءة والنقاشات الأدبية التي تقرب الكتاب من حياتهم اليومية وتجعل القراءة أكثر ارتباطًا بأفكارهم وتطلعاتهم.


◾في رصيدك الأدبي روايتان، حدثنا عنهما أكثر؟


فيصل سليماني: لدي روايتان تشكلان جزءًا أساسيًا من مسيرتي الأدبية.
الرواية الأولى هي “جحيم الشيطان”. صدرت عن دار كوهينور للنشر، وتتناول قضية العنف ضد المرأة من منظور فريد. في الرواية، أقدم شخصية تمثل “شيطانًا إنسيًا” يمارس العنف والهيمنة على المرأة. من خلال هذه الشخصية، أسلط الضوء على الآثار المدمرة للعنف على حياة النساء، وكيف يعاني الضحايا نفسيًا وجسديًا. الرواية تستعرض أيضًا صراعاتهن الداخلية ورغباتهن في التحرر، مما يعكس عمق المعاناة التي قد تواجهها المرأة في المجتمعات التي تعاني من هذه الظاهرة. الهدف من الرواية هو زيادة الوعي حول هذه القضية وإظهار أن العنف لا يتوقف عند الأذى الجسدي، بل يمتد إلى الجوانب النفسية والاجتماعية.
الرواية الثانية هي “لفلوكة”. وقد طبعت مؤخرًا، وتركز على قضية الهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت. تروي الرواية قصص مجموعة من الشباب الذين يقررون الهروب من واقعهم الصعب بحثًا عن فرصة لحياة أفضل. تستعرض الرواية المخاطر والتحديات التي يواجهونها خلال رحلتهم، بالإضافة إلى أحلامهم وآمالهم في مستقبل أفضل. من خلال هذه الرواية، أسعى لتسليط الضوء على قضية الهجرة وكيف تؤثر على الأفراد والمجتمع، بالإضافة إلى البحث عن أسباب ودوافع هذه الظاهرة.
أطمح أن تساهم كلا الروايتين في إثارة النقاش حول القضايا الاجتماعية المهمة وتعزيز الوعي لدى القارئ، سواء في ما يتعلق بالعنف ضد المرأة أو تحديات الهجرة.


◾أكيد أن في كلتا الروايتين تعاملت مع دارين للنشر، صراحة كيف كان التعامل خصوصا وأنت اسم جديد في عالم الكتابة؟


فيصل سليماني: بالفعل، كانت لي تجربتان مختلفتان مع دور النشر.
في روايتي الأولى “جحيم الشيطان”، تعاملت مع دار نشر لم تكن تعمل بصفة جيدة. ككاتب جديد، واجهت بعض الصعوبات في التواصل والمتابعة، مما أثر على تجربتي ككل. لم يكن الدعم الذي توقعته موجودًا، سواء في التوزيع أو في الترويج للرواية، وهو ما أثر نوعًا ما على وصولها للجمهور.
أما في روايتي الثانية “لفلوكة”، فقد تعاملت مع دار خطوة للنشر والتوزيع، وكانت التجربة مختلفة تمامًا. أظهرت دار خطوة احترافية عالية، حيث كان التواصل سلسًا وداعمًا منذ البداية، كما حرصوا على متابعة تفاصيل العمل من الطباعة إلى الترويج. وجدت لديهم اهتمامًا كبيرًا بجودة العمل الأدبي وبإيصاله للجمهور بالشكل الذي يليق به، ما جعلني أشعر بالدعم الحقيقي الذي يحتاجه الكاتب، خاصة في بداية مسيرته.


◾معرض الكتاب الدولي سيفتح أبوابه نهار الغد، ماذا تعني لك هذه المناسبة الأدبية، وهل ستكون الروايتان متوفرتان في إحدى أجنحته؟


فيصل سليماني: معرض الكتاب الدولي يمثل بالنسبة لي فرصة فريدة، ليس فقط لعرض أعمالي الأدبية، بل أيضًا للانخراط في عالم الثقافة والالتقاء بقرائي مباشرة. إنه فضاء مميز يجمع عشاق الكتابة والقراءة، ويتيح للكتاب فرصة التفاعل مع جمهورهم، والاستماع إلى انطباعاتهم وآرائهم حول الأعمال الأدبية. كما أن المعرض يشكل منصة مهمة للتواصل مع كتّاب آخرين، وتبادل الأفكار التي تثري تجربتي الأدبية.
في هذا الحدث، ستكون رواية “الفلوكة” متوفرة في جناح دار خطوة للنشر والتوزيع، وهي دار أعتز بالتعامل معها بفضل احترافيتها وحرصها على تقديم العمل بأفضل صورة. أما روايتي الأولى “جحيم الشيطان”، فلن تتواجد للأسف في المعرض، بسبب بعض التحديات التي واجهتها مع دار النشر الأولى، والتي أثرت على توفرها هنا.
ورغم غياب “جحيم الشيطان”، فإنني متحمس لمشاركة “الفلوكة” مع القراء، فهي تحمل رسالة إنسانية عميقة حول قضية الهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت، وآمل أن تثير النقاش وتلقى تفاعلًا إيجابيًا من الجمهور.


◾ماذا بعد الفلوكة، هل هناك مشاريع كتابة على المدى القريب؟


فيصل سليماني: بالتأكيد، بعد “الفلوكة” أطمح لمواصلة الكتابة وتقديم أعمال جديدة. أرى أن لدي الكثير من الأفكار التي تستحق أن تُروى، وأخطط لاستكشاف قضايا اجتماعية أخرى تلامس واقعنا بعمق. أعمل حاليًا على تطوير عدة أفكار لروايات تتناول مواضيع متنوعة، وتسلط الضوء على تحديات مختلفة يعيشها المجتمع والشباب بشكل خاص.
أطمح في المستقبل لتقديم سلسلة من الروايات تعالج قضايا معقدة بشكل درامي وواقعي، بحيث تعكس واقع الإنسان وصراعاته وآماله. أسعى لأن تكون كل رواية تجربة جديدة بحد ذاتها، تعبر عن مرحلة وتكشف عن جوانب مختلفة من مجتمعاتنا.


◾في رحلة كتابتك للعملين أكيد أنك التقيت بأناس ساندوك ودعموك، أترك لك المجال لتذكرهم، فلمن تقول له شكرا؟


فيصل سليماني: في رحلتي الكتابية للعملين، أود أن أخصص جزءًا من شكري لأشخاص ساهموا في دعم مسيرتي.
أولاً، أشكر عائلتي، التي كانت دائمًا مصدر دعم لي. لقد شجعوني على التعبير عن أفكاري وتحقيق أحلامي، وكان لتفهمهم وصبرهم دور كبير في استمراريتي.
كما أود أن أعبر عن امتناني لأصدقائي الذين كانوا إلى جانبي في كل مرحلة من مراحل الكتابة، سواء من خلال تقديم ملاحظاتهم القيمة على نصوصي أو من خلال دعمهم المستمر لي في أوقات التحدي. لقد كانوا دائمًا مصدر إلهام لي.
لا يمكنني أن أنسى أيضًا فريق العمل في دار خطوة للنشر والتوزيع، الذين قدموا لي الاحترافية والدعم، مما ساعدني على نشر روايتي بطريقة تليق بها. لقد أسهموا في جعل تجربتي ككاتب أكثر سلاسة وإيجابية.
أخيرًا، أشكر جميع القراء الذين يؤمنون بالكتاب ويمنحون أعمالنا الفرصة للوصول إليهم. دعمهم وتفاعلهم هو ما يدفعني للاستمرار في الكتابة والإبداع.


◾ماهي الرسالة التي توجهها من خلال هذا الحوار؟


فيصل سليماني: من خلال هذا الحوار، أود أن أوجه رسالة حول أهمية الأدب كوسيلة للتواصل وفهم التجارب الإنسانية. الكتابة تمنحنا القدرة على استكشاف قضايا معقدة تعكس الواقع الذي نعيشه، وتساعدنا على التعاطف مع الآخرين وفهم تحدياتهم وآمالهم. الأدب يُعد جسرًا يصل بين الأفراد والثقافات، ويعزز الحوار حول موضوعات قد تكون غير مريحة أو مهمشة.
كما أريد التأكيد على أهمية الدعم من المجتمع، سواء من الأهل أو الأصدقاء أو القراء. كل كاتب يحتاج إلى من يؤمن به ويشجعه، وهذا النوع من الدعم يمكن أن يكون له تأثير كبير في تعزيز الإبداع. لذلك، أشجع الجميع على دعم الكتاب، قراءة أعمالهم، ومشاركة تجاربهم الأدبية مع الآخرين.
أخيرًا، أؤكد على ضرورة القراءة كجزء أساسي من حياتنا. القراءة ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي وسيلة لتوسيع آفاقنا وتطوير تفكيرنا. إن استثمار الوقت في قراءة الكتب يمكن أن يثري حياتنا ويمنحنا فهمًا أعمق للعالم. لذا، أدعو الجميع لجعل القراءة جزءًا من روتينهم اليومي والإستمتاع بما تقدمه من تجارب ومعرفة جديدة.


◾وصلنا لنهاية حوارنا، الكاتب فيصل سليماني نتمنى لك التوفيق في مشوارك، قبل مغادرتنا نترك لك كلمة الختام، فقل ما شئت.


فيصل سليماني: أشكركم على هذا الحوار المثري الذي أتاح لي فرصة التعبير عن أفكاري وتجربتي الأدبية. آمل أن تلامس رواياتي قلوب القراء وتساهم في تسليط الضوء على القضايا المهمة في مجتمعنا. شكرًا لكل من دعموني في هذه الرحلة، وأتمنى للجميع النجاح والإلهام في مساعيهم. شكراً لكم جميعًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى