في يوم المعلم المقال لا يقبل الخطأ أو النسيان

وجه الحقيقة

✍️ إبراهيم شقلاوي :

من أصعب المواقف التي يمكنك أن تقفها حين تكتب عن المعلم، يتملكك إحساس أن تلك العين الفاحصة الحاذقة سوف تصحح ما تكتب في قراءة أولى، قبل أن تعود لتقرأ قراءة ثانية كما يقرأ الجمهور هكذا هم المعلمون يبحثون عن جوهر المعاني وجودة الكلمات وصحيحها ، المعلمون لهم عين الصقر وحذاقة الحرفيين يمارسون مهنتهم بيقظة و محبة يحرصون دائما على الصحيح ، من الأقوال والأفعال لذلك يجب أن تكون من ممن يدرك ذلك بوعي.، كما يجب أن تعلم أن مايقولون من مقال ضد الخطأ والنسيان أو هكذا كانوا من تتلمذنا على أيديهم في جميع المراحل التعليمية ، كانوا بتلك الانتباهة المسؤولة التي تبحث وتصنع النجاحات الراسخة لتفاخر بها ولكي تشبع نفسها وتهنئها في استحسان وكبرياء ، كثيرين هم من نجحوا في هذه المهمة الإصلاحية والأخلاقية الصعبة التي جعلت أفعالهم النبيلة هذه صنو لما يفعله الرسول والأنبياء أو أقل بقليل في إصلاح الأنفس و المجتمعات وإعمار الأرض ، وفي ذلك يستوي كل من تتلمذنا على أيديهم وتعلمنا منهم ، الذاكرة تضج بهم وتكاد لا تبارح الأساتذة الكبار منهم شيخ المعلمين : عوض زايد ، محمد الحسن، عبد الرحمن البر ، حسن عبد الله جاد الله ، محمد سيدون ، الفاضل بابكر رحمة الله ، صديق المهدي (انجليزي) ، إبراهيم الجوهري، القائمة الذهبية هذه ليس لها حدود ربما ذاكرتنا مرهقة بسبب الحرب ومخازيها لكن مؤكد افئدتنا تجاههم عامرة متقدة بالحب والوفاء ، ندين لهم جميعا بالفضل والدعاء ، في هذا اليوم الذي خصص للمعلم ، لنجاحه وتميزه في تربية الأجيال وتفوقه في رسالة الحياة ، يجي اليوم العالمي للمعلم في 5 أكتوبر من كل عام الذي تحييه منظمة اليونسكو ومنظمة العمل الدولية منذ العام 1994م ، بهدف تقييم وتقدير وتحسين وضع المعلمين في العالم قاطبة ، فإن المعلم يربي الأجيال ويساعدهم على تطوير أنفسهم وإكتساب المعرفة والمهارات الشخصية المميزة، لذا فإن للمعلم فضل كبير على الأفراد والمجتمعات. قال عنه الأدباء و الشعراء الكثير الذي يؤرخ لهذا الدور ويحفظه نذكر رائعة أمير الشعراء احمد شوقي عن المــعلم : قـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا كـــــادَ المعــلّمُ أن يكــــــونَ رسولا-أعلمتَ أشــــرفَ أو أجلَّ من الذي يبني وينشئُ أنفــــساً وعــــقولا-سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معــــــلّمٍ علَّـــمتَ بالقـــــلمِ القــــرونَ الأولـــــى-أخرجـتَ هـــــذا العقلَ من ظلماتهِ وهديتَهُ النــــــــورَ المبينَ سـبيلا.، كما نذكر رائعة الاستاذ المعلم التجاني حاج موسى تلك الانشودة (متشكرين ومقدرين يامدرستنا يامدرسين التي لحنها د. يوسف حسن الصديق لتصبح من بعد رسالة للدكتوراه عن أهمية التعليم و ثقافة الطفل، ذلك ماكان يقوم به المعلمون في توظيف الإبداع والفنون في تربية الناشئة من أبناءنا ، هذا يؤكد أهمية بناء الإنسان من خلال مثلث القيم ، الحق والخير والجمال ، عندها يمكن أن يبني الوطن على أساس راسخ ومضامين متجزرة ، حتى لا تدمر الحياة كما نرصد الآن ، لذلك يظل المعلم فكرة وواقع وطلب حتى تمضي الحياة بآمالها و أحلامها وتحدياتها ، في حالتي الشخصية دعونا نحي هذا المعلم الذي يبدأ عندنا من البيت حيث أم الكل معلمة الأجيال حرمنا المصون التي قدمت الكثير لأجل اسعادنا ونجاحنا وتميزنا وكان لها في ذلك قواعد صارمة داخل البيت وخارجه تبدأ من قبل الفجر بقليل ثم تمضي على بركة الله في رؤية ومنهاج وتدبر يعيننا جميعا أنا وأولادي على استقبال الحياة بكل صروفها وصنوفها حتى اكتمال اليوم بكل تحدياته ونجاحاته ، ليبدأ يوما جديدا بذات النسق والتنظيم والرزم المملوء بالدفئة والمحبة.، اعلموا أيها الاحبة هناك أساتذة معلمون لا نجلس بين ايديهم تلاميذا بالشكل التقليدي لأخذ العلم ، بل ننظر الي كل مايفعلون من حركات وسكنات لأنهم القدوة وهكذا كانوا لذلك كثير من الفلاسفة والمفكرين يرى أن العلم والمعرفة هي الترياق المضاد للخوف والجهل وأن الإنسان عدوا لما يجهل ، لذلك يظل وجه الحقيقة في أهمية الذهاب إلى سياسات جديدة تكرم المعلم وتحسن دخله وترفع كفاءته وتعينه في هذه الأيام وبعدها على القيام برسالته على أكمل وجه ، كما يجب أن لا ننسى أن هذه الحرب التي غيرت واقعنا وادخلتنا في هذه التجربة الصعبة، ظلت معالمها تحاصرنا قبل اندلاعها كما ظلت شاخصة للعيان لمن يتدبر حيث تمثل ذلك في جميع وجوه الحياة بلا استثناء ، لذلك لا بد أن نستفيد من هذه التجربة القاسية في اليوم التالي من الحرب لتكريس مهنية المعلم والنائي بها عن العمل السياسي والحزبي الذي لا تحتمله هذه المهنة المقدسة ، فجميعنا يذكر تلك الأيام التي سبقت هذه الحرب التي اندلعت نتيجة المحاولة الانقلابية الفاشلة لقوات الدعم السريع المتمردة بإيعاز إقليمي وسند سياسي من بعض القوى الحزبية ، كانت تلك الأيام مضطربة ذاق فيها الأبناء التلاميذ والطلاب والمعلمين مرارة تعطيل الدراسة وتعطل العملية التعليمية التي أوشكت على الانهيار ، هذا بالإضافة إلى الصراع و المماحكات بين المعلمين أنفسهم التي كادت أن تؤثر حتى على علاقاتهم الاجتماعية التي ظلت مضرب الأمثال ومحل التقدير ، ذلك من أميز ما يجمع أهل القلم والطبشورة في هذه الدنيا التي لا يملكون فيها ، إلا صدقهم ومحبتهم لهذه المهنة المرهقة ومحبة تلاميذهم الأوفياء، وتقدير وتكريم كل أهل السودان .
دمتم بخير وعافية.
الإثنين 7 اكتوبر 2024 م. [email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى