هديّة
قصة قصيرة
✍️ أحلام أحمد بكري :
روح ساذجة هشّة
يجرحها الصمتُ
وتُفرحُها هديّة..
ذات جمال طاغي..
.
رمتَ كُل حملها عليهِ واكتفتْ..
لم تُحرّك ساكناً بمحدوديّة فكرها وإمكانياتها..
لا تفقه من الحياة شيء ؛ أو بمعنى آخر لا تريد أن تعي الحياة بكامل حقيقتها..
.
ولا عجب ، فقد أفرط بدلالها
منذو اقترانهِ بها..
وقد اعتادتْ هي على ذلك..
.
تمحور دلالهُ وتنوع ؛ فهي تنتظر منهُ دائماً وتطلبُ (كلمات الغزل الهدايا الثمينة الرحلات الخارجيّة)..
.
مع تقادم السنين بينهم خفتتْ شعلة الاهتمام منهُ ؛ لكثرة عملهِ ، كما كان يقول لها ويعتذر عن تقصيرهُ ..
بينما الحقيقة شيء آخر ؛ فقد أحتل قلبهُ السأم والملل ؛ لعدم تغيّر طباعها ؛ فهو مايزال يراها ؛ كما هي غير ناضجة فكرياً وينقصها الكثير من الوعي وذات عقل مغلق ، ولا يستطيع أن يُلقي عليها ولو جزء يسير من مسؤولياته وهمومه..
.
بينما هي ظلّت تنتظرهُ ؛ ويغالبها الضيق والعتب ؛ على ذلك المترِف
بانتظار سيلان فراتهُ الجاري عليها..
بانتظار الارتواء
بانتظار الغدق
والعطاء بكثرة منه..
.
طلبتهُ عبر الهاتف وهو منهمك بالعمل ، قائلة لهُ:
لن يُمحي عدم اهتمامك بي وانشغالك عني ؛ سوى هديّة تجلبها لي معك أثناء عودتك من العمل..!
.
قال لها بصوت مكتوم :
حاضر ، لك ما تُريدين..!
.
أغلق الهاتف وأطلق تنهيدة حرّى طويلة ..
أدرك وقتها الخطأ الذي اقترفه منذو اشتراطه للزواج وهو شاب أن تكون العروس ذات جمال ولا شيء غير الجمال..
.
فقد انتهى من مرحلة الجمال منذُ السنةِ الأولى ، و بدأ البحث عن بقيّة الأمور الأُخرى..
.
مرحلة الاحتياج لسند ، مرحلة الحوار العقلي والصداقة ، مرحلة التعايش والدفئ والحنان ، مرحلة الركون بعد اللهث المتواصل ، مرحلة التفهّم..
.
لقد أكتفى من الاستنزاف
أكتفى من العطاء
وجاء وقت الأخذ والحصول على شيء ولو بسيط ؛ يُشعره بالامتنان بما قدمهُ..
.
يجد نفسهُ بحياة يعيشها بعيدةً جداً عن طموحهُ الحاليّ..
كأنهُ بواديٍ غيرَ ذي زرعٍ ..
ومطلوب منهُ أن يُحوّله لحدائق غنّاءٍ ذات بهجة..
.
خرج من العمل وعرّج على محل مجوهرات ، تاركاً الحريّة للبائع بالاختيار والتغليف..
.
دخل عليها بعد منتصف الليل
حاملاً الهدية بيده..
استقبلتهُ بابتسامه عريضة فرحة مبتهجة بما رأتْ..
طبعت قُبلة على خدّة ، قائلة لهُ:
شكراً حبيبي..
جلسَ على الأريكة يرقبها بعين الخيبة ، بينما هي في عوالمها محلّقة مع هديتها..
.
التقطتْ عدة صور للهدية وأرسلتها لصديقاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ..
ملحق بها عبارة
(حمل لي شغف الليل ، ببداية صبح نديّ ؛ أحبك ياحبيبي) ..
.
و لم يحصُلْ على شيءٍ ، غيرَ تلك العبارة..