قصائد و مقالات

سرقة حلم

قصة قصيرة

✍️سمير الشحيمي

العاصمة
تقف سيارة كاديلاك سي تي في سوداء اللون بصوت محركها القوي ومنظرها الملفت للنظر أمام إحدى البنايات السكنية الراقيه يقودها شاب وسيم يدعى رائد ماهيه إلا دقائق وتخرج من البنايه فتاة حسناء فائقة الجمال وتجلس بجوار رائد.
رائد يخلع نظارته الشمسية وتلك الإبتسامة على وجهه لا تفارقه قائلاً : زوجتي حسناء لقد انتظرتك أكثر من 10 دقائق.
حسناء تنظر إلى المرآة التي أمامها وهيه تعدل خصلات شعرها الأشهب قائله بدلال : هل تريد مني أن أخرج من دون أن أكون بكامل أناقتي.
رائد : أنتي جميلة وأنيقة بكل حالاتك يا زوجتي الرائعة.
حسناء : إلى أين ستأخذني؟
رائد : يوجد مطعم راقي في وسط المدينة حجزة طاولة لديه لنتناول وجبة الغدا مع بعض.
حسناء : حسنا هيا بنا.
لبس رائد نظارته الشمسيه وانطلق بسيارته الفاخره.

أحدى ضواحي العاصمة
يتحرك شاب يدعى مسعود رث المظهر شعره كثيف يحمل في وجهه ابتسامه باهته لا تفارق وجهه وينتعل نعال قديمة من مظهره الخارجي يدل على مدى فقره ويحمل على كتفه عدة لتنظيف الأحذية يمر على بعض الماره يعرض عليهم تنظيف أحذيتهم بمبلغ زهيد.
مسعود يتحدث إلى أحد الماره : سيدي هل أنظف لك حذائك؟
الرجل يقف وينظر إلى مسعود ثم قال : كم ستنظفه لي؟
مسعود : بما تجود به نفسك.
الرجل ينظر إلى ساعته وهو يقول : حسنا لكن حاول أن تنتهي من تنظيفه بسرعه لا أريد التأخر على موعدي.
ابتسم مسعود ووضع عدته على الأرض وجلس الرجل على مقعد مجاور وبدء مسعود ينظف حذاء الرجل ثم قال له : ما أسمك؟
مسعود : أسمي مسعود يا سيدي.
الرجل : إنك في مثل سن إبني بسام وهو الآن في الجامعة.
مسعود : كل التوفيق له.
الرجل : شكراً لك.
انتهى مسعود من تنظيف حذاء الرجل الذي قال له : أن عملك مطقن تفضل هذا لك.
مسعود بسعادة : أن هذا كثير ياسيدي.
الرجل : ليس كثيراً عليك.
مسعود : شكراً لك سيدي أتمنى لك يوماً سعيداً.
الرجل هم بلإنصراف ثم اللتفت إلى مسعود قائلاً : أن عينيك تحملان شي لا استطيع شرحه الذي مثلك لا يجب أن يكون هنا.
مسعود : ظروف الحياة ياسيدي.
غادر الرجل وأكمل مسعود طريقه ليبحث عن زبون آخر.

وسط العاصمة
يخرج رائد وزوجته حسناء من المطعم ويركبان السيارة وينطلقا بشوارع المدينة وتوقفا أمام إحدى المنتزهات الجميلة ونزلاا من سيارتهما وأخرج رائد من حقيبة سيارته كاميرا متطورة أخذها معه وبدء يلتقط صور لزوجته الحسناء حسناء بالجهه المقابله من المنتزة مسعود وهو يبحث عن زبائن آخرين.
حسناء : يكفي يا رائد من تصويري.
ينزل رائد الكاميرا عن عينيه وهو يقول : جمالك لا بد وأن يوثق يا جميلتي.
حسناء : تعال تصور معي.
رائد : لابد من ذلك.
اللتفت حواليه فرأى مسعود فقال له : ياهذا تعال إلى هنا.
مسعود ينظر إلى رائد : من تقصدني أنا؟
رائد : نعم اقصدك أنت تعال.
مسعود يقترب من رائد فقال له : هل تعرف تستخدم هذه الكاميرا أريدك أن تلتقط لي صورة مع زوجتي.
مسعود وهو بقمة السعادة : نعم أعرف ياسيدي.
رائد يعطي مسعود الكاميرا ووقف بجوار زوجته حسناء وبدء مسعود يلتقط لهما بعض الصور ثم قال : اريدكما أن توجها ناظريكما لتلك الأشجار لتكون صورة رائعه.
اللتفتا رائد وحسناء بتجاه الأشجار وطالت اللتفتتهما ثم قال رائد وهو ينظر بتجاه مسعود : هل انتهيت؟
هنا كانت المفاجأة اختفى مسعود ومعه الكاميرا تاركاً عدته خلفه فهرول خلفه رائد بسرعه كبيره ولكن مسعود كان سريعاً جداً لدرجه انه خلع نعليه وهو يجري ولم يستطع رائد اللحاق به فرجع إلى زوجته قائلاً : لم أستطع اللحاق به لقد هرب.
حسناء : مالعمل الآن؟
رائد : سأقدم بلاغ سرقة لشرطة وسيجدونه.

في إحدى حارات العاصمة القديمة
مسعود بيده الكاميرا التي سرقها وهو سعيد بها جداً أخذ يبحث عن مفتاح تشغيل وبدء بتسجيل مقطع مرئي بها.
يمشي بين أزقة حارته القديمة ويصور كل ما يمر أمامه ، قطة وهيه تلعق إحدى أبنائها وهذا رجل كبير بالسن يمر من أمام مسعود ويلقي عليه التحيه ومسعود مستمر بالتصوير مر على امرأة متوسطة بالعمر وهيه تنظف أمام منزلها وتقول لمسعود : مسعود أخبر والدتك لتأتي مساء غد لمنزل أم رجب فلقد أتت والدتها من العمره.
مسعود وهو مستمر بالتصوير : حسنا سأخبرها.
اكمل مسعود تصويره وهو حافي القدمين يلقي التحيه على هذا وعلى ذاك حتى وصل إلى باب منزله ودخل لقد كان منزل متواضع جداً تزين جدرانه خربشات أقلام للأطفال ، كان موعد العشاء فخرجت والدته من المطبخ وهيه تقول : لقد تأخرت اذهب لتغتسل سنتناول وجبة العشاء.
كانت سفرة طعام بسيطة التف حوليها أبو مسعود واخت مسعود الصغرى ريماس وأخوه فؤاد.
أبو مسعود : من أين أتيت بهذه الكاميرا؟
مسعود : لقد استعرتها من صديق لي.
أم مسعود : هل أنت تصور يا مسعود؟
مسعود : نعم أنا اصور مالذي تتمنيه يا أمي؟
ام مسعود تبتسم وتعدل حجابها وتنظر إلى الكاميرا : أتمنى أن أراك أنت وإخوتك قد كبرتم وتزوجتم وأرى احفادكم.
مسعود يوجه الكاميرا إلى أبيه : وانت يا أبي مالذي تتمناه؟
أبو مسعود وهو يبتسم : أتمنى أن تتوظف أنت وأخوك فؤاد وتساعداني في مصاريف المنزل ونشتري منزل جديد به غرف كثيرة .
يوجه الكاميرا إلى فؤاد : وأنت يا أخي ماذا تتمنى؟
فؤاد : أتمنى أن أنهي دراستي الجامعيه وأكون محامي لكي أدافع عن المظلومين.
يوجه الكاميرا إلى أخته الصغرى : وأنتي ياريماس الجميلة مالذي تتمنيه؟
ريماس : أن أكون طبيبه وأعالج المرضى الفقراء بدون مقابل.
يتحرك مسعود ويدخل إلى الغرفة الوحيدة التي بمنزلهم وينامون فيها جميعهم يلتقط صور كل زاوية بالغرفة البسيطة ثم جلس تاركاً أهله يتناولون وجبة عشائهم ثم وجه الكاميرا إلى وجهه وهو يبتسم قائلاً : لقد عرفتم من أنا أسمي مسعود وهذه عائلتي البسيطة لكل واحد منا حلم وأحلامهم بسيطة لا تتعدا حدود المعقول أما أنا فحلمي أن أكون مخرج سينمائي مشهور أصور اعمال سينمائية لم أقصد سرقت الكاميرا لكن من امسكتها أحسست بشعور غريب لا أستطيع وصفه ولكن كل الذي أستطيع قوله بإنني بغاية السعادة فهذا أول تصوير أقوم به أنها متعة لا توصف.
صمت قليلاً وهو يبتسم وينظر إلى عائلته ثم عاد النظر إلى الشاشه ثم أردف قائلاً : شئ ما يخبرني أن هيه مسألة وقت وتصل الشرطة لتلقي القبض علي نعم لم أقصد السرقة من باب السرقة بل هيه سرقة حلم إن كان يعتبر جريمة فأنا سعيد بها لكي أحقق حلمي.
صوت طرق على باب المنزل ينهض أبو مسعود ليفتح الباب ليتفاجئ بالشرطة وهم يقتحمون المنزل ويرون الكاميرا التي بيد مسعود ويعتقلونه ويستعيد رائد وزوجته حسناء الكاميرا.

شقة رائد وحسناء
حسناء تجلس على البلكونه وتشرب الشاي ويأتي رائد ويجلس بجوارها وبيده الكاميرا التي كان يقلب محتوياتها.
حسناء : هذه كاميرتك قد عادت إليك.
رائد : نعم والأهم من ذلك بإن جميع الصور موجودة.
حسناء : الحمدلله أنه لم يمسح أي شيء بها.
رائد : أفكر بالتخلص منها سوف أشتري أخرى جديدة.
أخرج رائد منها بطاقة الذاكرة.

بعد عدة أشهر
مسعود يحكم عليه بالسجن لمدة 3 أشهر بسبب سرقة الكاميرا ورائد يشارك في بمسابقة تصوير سينمائي ويفوز بجائزة أفضل فيلم سينمائي قصير وعرض الفيلم الفائز حيث كان ابطال الفيلم مسعود وعائلته وسمي الفيلم الحلم المسروق.

عزيز القارئ كثير من هم بمثل مسعود وعائلته يحلمون بالحصول على ابسط أحلامهم ولكن الذين بمثل رائد وزوجته هم من يستغلون أحلام الآخرين ويصعدون على أكتافهم وينسبونها إليهم.

تمت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا عن طريق الواتس آب