من الذكريات

✍️ فايل المطاعني :
الشخص الوحيد الذي يستحق الأحترام حيا او ميتا هو والدك فهو الشخص الوحيد الذي يريدك أفضل منه
اليوم سوف أخبركم عن اهتمامات جيل الطيبين مثلما يطلق علينا الجيل الحالي.
الحقيقة أن جيلنا مثقف ، في تلك الأيام كان للكتاب قيمة ،وتشهد علينا مكتبات المدرسة حيث كانت حركة استعارة الكتب في أوج ازدهارها، فأنا تعرفت على المغامرون الخمسة وانا بالصف الخامس الابتدائي
حيث كان تختخ ومحب ولوزة هم الابطال المفضلين لدي
تلك هي اسماء قصص المغامرون الخمسة قصص للاطفال في تلك الحقبة من الزمن، تصدر عن مؤسسة الهلال التابعة لجريدة الأهرام المصرية ، ناهيك عن الرجل المستحيل نبيل فاروق وكانت في منافسة كبيرة بين الصحف اللبنانيه والصحف المصرية ، طبعا الصحف اللبنانية كانت تمتاز بأن أوراقها ملونة وجميلة وتجذب القارئ ، ولكن كحبكة صحفية نرفع القبعة للصحافة المصرية ، معروف أن أول صحيفة عربية هي الاهرام ، والذين أسسوا الاهرام هم الأخوين تقلا هؤلاء صحفيين من اصل لبناني ، طبعا كان هناك منافس خطير لمجلات الاطفال المصرية وحتى العربية ، فقد دخلت الإمارات العربية المتحدة بالايقونة الخالدة …مجلة الاطفال الاولى الا وهي مجلة ماجد كانت الوالدة رحمها الله تعالى ، تحضر لي مجلة ماجد ا لكي اقرأ محتواها ،ولا زلت أذكر الدعاية التي تقول
يله يا موزة وراشد
نجري نشتري ماجد
وكان معي قرابة ثلاثمائة من الاعداد القديمة لمجلة ماجد .
فعلا كان جيلنا ، جيل قراءة وعندما أقول قراءة لا أخص الكتب فقط لا ، ايضا المجلات فهناك العديد من المجلات الثقافية برزت في تلك الحقبة ، منها مجلة العربي ، والوسيط و مجلة الرجل ،ناهيك عن المجلات الفنية مثل الموعد ومجلة الشبكة و زهرة الخليج التي كانت مجلة شاملة وغيرهم الكثير من المجلات الفنية والسياسية و ايضا الدينية.
وهنا تحضرني حادثة مع الوالد رحمة الله عليه …
يوم ما أردت أن اشتري كتاب للكاتب محمد حسنين هيكل
وكان ثمنه مرتفع قليلا ،وانا كنت أضع جزء من مصروفي لشراء الكتب المختلفة ، ولكن المال الذي جمعته لا يكفي لشراء جزء واحد من أجزاء كتاب محمد حسنين هيكل الثلاثة .فأخبرت والدي انني اريد مبلغ لكي اشتري كتاب ، هز رأسه قليلا ثم قال : حسنا غدا سوف اعطيك المبلغ ، فرحت كثيرا وانتظرت الغد بفارغ الصبر ، وعندما جاء الغد رأيت والدي احضر كرتون مليئ بالليمون الطازج ، فاستغربت ! فقلت له :يا والدي انا اريد مالا لكي اشتري كتب ولا اريد الليمون ، فضحك والدي ثم قال : هذا هو المبلغ الذي طلبته ، اذهب الى السوق و وبع هذا الكرتون و بثمنه اشتري ما تريد …ثم أضاف : هل تعتقد أننا نجد المال في الشارع لكي تأخذ منى المال بتلك البساطة ، كان رحمه الله يريد أن يعلمني درسا : بأن اعمل لكي احصل على المال، فالمال لا ياتي اليك مهرولآ.
احبك يا والدي ،لولا تلك الحركة من والدي لما تعلمت وعرفت أن الآباء يتعبون من أجل راحتنا و سعادتنا.
طبعا طرق التواصل بين جيل الطيبين وبعضهم ليست سهله مثل الان ، فقط رسالة واتساب والعالم كله يعرفك ، لا طبعا كانت الرسائل تأتي عبر ساعي البريد تأخذ وقتا طويلا لكي تصل اليك . أو باب التعارف في المجلات المختلفة …وهنا يحضرني قول المطرب عبادي الجوهر عندما يقول ( ولا رسالة يا هاجر بيد ساعي البريد )
اممم نأتي الى الجزء الجميل من حياة الطيبين الا وهي التعارف، والعلاقات العاطفية ، طبعا اسهل طريقة كانت عن طريق النافذة عندما تكونوا جيران ،واغلب علاقات الحب والزواج كانت تحدث بين الجيران، الحقيقة الجار في تلك الفترة كان يعتبر والد وبناته هن اخوات لنا ، وعندما يأتي غريب و يتحرش بفتاة الجيران كنا نهب للدفاع عنها فهي اختنا ، ولكن هذا لا يمنع أن تقوم علاقات بين الجيران واهم طريقة هي النافذة والحظ يأتي اليك من السماء اذا كانت نافذة غرفتك تقابل نافذة غرفة الحبيبة ،يا سعدك ويا بختك ….
الحديث المباشر غير وراد إطلاق ،لم نكن نملك الجرأة مثل شباب الان .
كنا نكتب رسالة ونرميها في طريقها وهي ذاهبة إلى المدرسة أو تنتظر الباص فاذا قبلت الرسالة معناه انك المطلوب ،وهناك بروتوكولات معينة لطلب الود و المعرفة ، وايضا هناك دفاتر ملونة مزينه بالقلوب ، وتكتب حرف من اسمك ومن اسم الحبيبة
ولنا تكملة لعصر الطيبين ….
اختم هذه الذكريات بهذه الكلمات
أحب مايا وعينيها وما ملكت
من الثمار فسبحان الذي خلقا
كأنها غصن بان مزهر عبق
ولو رآها جماد ساكن نطقا.
ولنا في الذكريات رمق حياة