قصائد و مقالات

قراءة انطباعية لقصة “عام الوحش” – سعيد رضواني

✍🏼 سي جمال كروكار :

ما إن بدأت في قراءة “عام الوحش” حتى وجدت نفسي مشدودًا إلى عالم يمزج بين الحلم والوهم، بين البحث عن الخلود والخضوع لقوانين الفناء. كان العنوان كفيلًا بإثارة فضولي: هل نحن أمام حكاية عن وحش فعلي، أم أن الوحش هنا فكرة متغلغلة في الزمن والإنسان . 
سرعان ما تكشّفت لي القصة كرحلة في متاهة الإدراك البشري، حيث يسير عبد القادر، مدفوعًا بحلمه في النجاة، تمامًا كما سار بالداسار في رواية أمين معلوف، وكما تتبع بطل بورخيس سرّ الاسم الخفي، لينتهي الأمر عند مفارقة مذهلة: الطلسم الذي وُعد بالخلود، تبتلعه معدة قرد متجول!
لم يكن المشهد عابرًا، بل كان ضربة قاضية للوهم، وكأن الكاتب يخبرنا أن الركض خلف سرّ الحياة الأبدية ليس سوى خدعة، وأن من يبحث عن الخلود قد ينتهي بالسخرية من نفسه. ولعل أجمل ما في القصة أنها لا تطرح الفكرة بشكل مباشر، بل تتركك تعيشها عبر رموزها، فتتلاعب بحواسك كما تلاعب دخان “الكيف” بمخيلة عبد القادر.
كان اسم “عبد الوهام” كشفًا آخر في القصة، فقد شعرت أن الكاتب يقف خلفه مبتسمًا، يراقب كيف نركض جميعًا خلف أوهامنا، كيف نتعلق بفكرة الأمان والخلود، بينما الحقيقة تبتلعها الحياة كما ابتلع القرد الورقة.
عندما أغلقت القصة، بقيت أفكر: كم مرة سعينا خلف طلاسمنا الخاصة؟ كم مرة صدقنا أن بوسعنا تجاوز الزمن، قبل أن نجد أنفسنا في مواجهة حقيقة لا ترحم؟ ربما نحن جميعًا “عبيد للوهم”، كما قال عبد القادر لصديقه، وربما الوحش الحقيقي ليس في القصة، بل في داخلنا، في ذلك الهوس الذي يجعلنا نلهث خلف سراب لا نهاية له.

عبدالله الحائطي

المشرف العام و رئيس التحرير لصحيفة الآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى