كل الرجال ذكور وليس كل الذكور رجال

✍️ خالد غواص :
فلان رجل دائما نسمع مثل هذه العبارات تردد بين الناس وفي أوساطنا المجتمعية ويثني عليه البعض والبعض يمتدحه فبعض الثناء والمدح قد يكون صحيح والبعض قد يكون مجانب للصحيح ، فأحببت أن أكتب في هذا الموضوع وفق وجهة نظري ومن خلال فهمي لمعنى كلمة “رجل” وما ينبغي أن يتصف به من صفات لكي أتمكن أن أقول فلان رجل بمعنى الكلمة كما يقول الأخرون ، فعندما نضع كلمة رجل بين قوسين بمعناها الصحيح المجرد من المحاباة والعواطف فهنا تختلف معايير وسمات وصفات وتقييم الرجولة ومقارنتها بين شخص وآخر ، الحياة كما نعلم جميعا ليست سهلة وليست المدينة الفاضلة أو جنة من جنان الله التي وعد الله بها عباده المؤمنين الصادقين وما يتمنوه يتحقق لهم فيها ، الحياة دائما لا تأتي وفق الأمنيات ولا التمني ولا الخيال فهي تحتاج منا للعمل والمثابرة والتضحيات والجهد ، ودائما تفاجئ الإنسان منا بمواقف وأمور ليست في الحسبان ومن كانت حياته متقلبة هكذا ولا تثبت على وتيرة ولا على نسق واحد فوجب أن يتعلم ويدرب نفسه على تقلباتها وأن يتسلح بأدوات ومعدات الرجولة من صبر وتحمل وأخلاق وإنسانية صادقة ولا نقصد بالأدوات والمعدات هنا الشيئ الملموس بقدر ما هي صفات معنوية ذاتية ترتبط بالإنسان .
يقولون فلان من الرجال الذين لا يشق لهم غبار أي لا منافس له وهنا ممكن أن نسترشد بقول المتنبي في ذات المعنى فنجده يقول واصفا ومفاخراً بنفسه وهازئاً بمنافسيه من شعراء سيف الدولة “إذا شاءَ أن يَلهو بلِحيةِ أحمقٍ أَراهُ غُباري ثم قال لهُ ،
وفي ذات السياق سنتحدث عبر هذه الكلمات ببعض مما نراه يمكن أن ينطبق على مفهوم كلمة “رجل “
الرجل من وجهة نظري يبرز في المواقف والأحداث التي تستدعي وقفات ومن هنا تتضح ملامح الرجولة وتتباين المواقف بين شخص وآخر أو قد تطلق بناءً على إرتياح من قبل أشخاص لشخص أخر وهكذا
ولكن معنى الرجولة في مفهومها العام أن لم تكون مقرونة بالصدق وحسن النية وحسن الظن البعيدان والبرئيان من العفوية والبساطة فلا معنى لها بالرغم من أن هذه الصفات كالعفوية والبساطة قد تكون صفات لا حول ولا قوة لصاحبهما وقد تعتبر جزء من شخصيته وكينونته وغرائز موجودة فيه لا يقوى على تبديلها فهنا وجب مراعاة ذلك النوع من الرجال ومعاملتهم المعاملة الحسنة وعدم جرحهم أو إحراجهم فتلك شخصياتهم ووجب تحملهم وتحمل ما يبدر منهم لإنهم ليسوا سيئين بقدر ماهم طيبين يحملون بين جنباتهم قلوبا صافية نقية طاهرة ،
ومما سبق بإعتقادي أن الرجولة صدق وحسن نية وحسن ظن ، الرجولة إنجاز المهام للنهاية والدفاع عن معتقداتك ومبادئك والثبات عليها دام إنها صادقة وصحيحة ولا تضر الأخرين ،
الرجولة أن لا تهزأ بمن هو أقل منك مستوى سواءً كان تعليمي أو مال أو جاه أو نسب أو أيا كان ذلك وأن لا تصدر أحكام من خلال وجهة نظر ضيقة قد تعتريها مشاعر سلبية أو إيجابية تجاه الشخص نفسه فحينها الحكم لن يكون سويّ وستجده يفتقر لعامل التقييم الصحيح المجرد من أي شيء بخلاف الوصول للحقيقة الصحيحة .
الرجولة أن تحترم أراء الأخرين وأفكارهم حتى ولو أختلفت مع آرائك وأفكارك وأن تحترم رغباتهم حتى لو لم توافق رغباتك ،
الرجولة أن يكون قولك يطابق فعلك
الرجولة أن تحترم الأخرين كما ترغب وتحب من الأخرين أن يبدون لك إحترامهم وتقديرهم ،
الرجولة أن توفي بوعدك وتبدي الأسباب للآخرين بكل وضوح في حال عدم إستطاعتك الإيفاء به وحالت الأحوال بينك وبين ما وعدت به ،
الرجولة أن لا تصاحب وتتقرب من الأخرين بناءً على المصالح لأن صداقتك وصحبتك لهم غير صادقة وهي مبنية على مصالح فقد تزول بنيل المصالح ،
الرجولة أن لا تنتقص من مناقب الأخرين وصفاتهم وسماتهم الطيبة وذكرهم الطيب وأن لا تغتابهم ولا تذكرهم الإ بما تحب أن تذكر به أنت بين الناس ،
الرجولة أن لا تستشعر النقص من تقدم الأخرين ونجاحاتهم فذلك قدرهم ورزقهم المقدر لهم من ربهم ولا إعتراض لمخلوق على قدر الخالق .
الرجولة بإختصار شديد هي معنى وقيم ومبادئ الإنسانية ولا نريد أن نسهب في مفوم الإنسانية .
وفي الختام لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نحصر كل معاني وقيم ومبادئ ومفاهيم الرجولة في بضع أسطر فهي أعم وأشمل وأكبر من كل ما نقول ولكن هذا غيض من فيض كما يقولون .