حوارات رمضانية مع سمير ” ضيف العدد الاول الفنان والمنشط الجزائري فيصل عجايمي”



• فيصل عجايمي: السلام عليكم ورمضان كريم، لكل فنان ظروفه الإجتماعية، ولكل ظروفه الثقافية كذلك، ولكل ظروفه الوجودية بصفة عامة.
أما عن نفسي فأعتبرني محبًا للفن، الفنان بالنسبة لي مرتبة عالية، فمن الصعب جدًا أن تحصل على هذا اللقب.
على كل حال حتى الرجل المتوحش فنان حسب أقوال الفلاسفة.

• فيصل عجايمي: بالنسبة لي كانت تجربة رائعة في مسار حياتي، كأنها لوحة زيتية ترسم أمامي، فأعيش كل لحظات الريشة التي تلعب مع قماش اللوح الأبيض، حركات تتلى أمامي من محرك لا يتحرك بتعبير أرسطو، تجربة تبقى فريدة من نوعها لالتقائي بطاقم فني عجيب، فالفريق كله طاقات للجهد والنشاط ولا يهمهم إلا العمل والإتقان، يجتمعون على بناء تلك اللوحة الزيتية المتحركة، ويجمعهم في ذلك الحب كله، وكأنهم يمرحون، بل يمرحون وزاهون، كلهم إحترام وتقدير.

• فيصل عجايمي: المتميز في هذا العمل، أولاً فكر ووعي الجيل الجديد الذي يعشق عمله، فهو في طفرة نوعية من الصورة التلفزيونية والسينمائية التي من خلالها يوصل تميزه وإبداعه، وبطريقة تختلف تماما عن الجيل القديم، إدراكًا منهم وتعلمًا من المناهج الحديثة والتكنولوجيا المعاصرة.
ثانيًا، لأول مرة أتيحت لي مساحة زمنية في التمثيل الدرامي، فكانت فرصة استغلها قلبي للعمل في ما يحبه ويهواه.
ثالثًا، العمل فرصة أخرى لأهدي هذا الأداء المتواضع لأبي لعله يقبلني في مملكة التمثيل ولو كبستاني للعمل.
رابعًا، التعرف على أرمدة من الممثلين الكبار في أدائهم المميز والنوعي، أمثال المحترمة كنزة موسوس، المحترم مصطفى لعريبي، المحترمة سامية مزيان، المحترم نضال الملوحي، المحترمة ياسمين عماري، المحترم محمد بونوغاز، والمتميزة المحترمة مونية بن فغول، والمحترم المفكر السيد عبد القادر آفاق، وغيرهم من التقنيين والفنانين نساءً ورجال، وعلى رأسهم المايسترو المحترم كريم موساوي صاحب اللمسة المميزة في كل إخراجه وصاحب آخر بصمة نهاية في العمل الفني والراقي.

• فيصل عجايمي: مناخ أي عمل عليه أن يكون ملائما لا كهربة فيه، فكل شيء فيه عليه أن يكون متوفر، بدءً من اللوجستيك إلى المرافق اللازمة، ومن الإلتزام إلى الأخلاق الراقية المتعالية، ففي نهاية المطاف هذه العوامل تدلك على حب والتفاني في العمل، وتدلك أيضا على علامة الإتقان، فالمناخ الجميل يعطيك وبالضرورة عملا متقنا غنيا.
بصراحة لقد كانت الأجواء في هذا العمل الفني رائعة، الكل يريد النجاح، والكل يحب عمله، والكل متفانٍ في إتقان المهام الموكلة إليه، عمل جاد وأخلاق راقية وأسلوب لا تعيشه في يومياتك وروتينياتك في الحياة، تود أن يطول بك العمر في هذه الأجواء، كانت لحظات ممتعة جدا مع الجميع وبدون إستثناء.

• فيصل عجايمي: هذه السنة الأعمال الرمضانية أخذت مساحة أوسع من حيث الكم مقارنة بالسنوات الماضية، وهذا شيء جميل ومشجع، وحبذا أن ننتهي من فكرة العمل إلا لشهر واحد في السنة، لنا من الطاقات الإبداعية ما يخدم هذا القطاع الحساس جدا وطيلة العام، كل المبدعون سئموا من العمل لشهر واحد، ويحلمون دائما بغد مشرق، لأنهم في مرتبة المسؤولية المطلوبة، ولأنهم حساسون جدا، فهم منبع العواطف الصحيحة، وهم أنوار المجتمع، رغم أن في جمهورية أفلاطون لا وجود لهم في مدينته الفاضلة ولا ينبغي لهم الوجود لأنهم يوهمون الناس وفقط.

سأمنح لك ثلاث بطاقات ملونة، واحدة حمراء، وبطاقة خضراء، وأخرى برتقالية، وأريد منك منح بطاقة لحدث أو لفنان معين، فكيف ستوزع البطاقات؟
• فيصل عجايمي: سأمنح بطاقة لونها أبيض، بطاقتي بيضاء وكتابي مفتوح للجميع، من أراد أن يقرأ فليقرأ، فلا سر لدي إلا سره، ومن امتنع فله الحق كله في ذلك، فهناك الكثير من الكتب من امتنع الناس وبرمتهم عن قراءتها، ومنها كتب لم تقرأ بعد.
أحبذ البطاقة البيضاء لسلمها وسماحتها، بطاقة وراية، بطاقة سلم للتعلم والتأمل، بطاقة عفو عند المقدرة، إن عاتبت عاتبت نفسي، وإن تصارعت فمعها كذلك.

• فيصل عجايمي: قبل أن أجيب على هذا السؤال أنصح نفسي بقراءة متأنية لكتاب عنوانه صناعة أو نظام التفاهة في العالم، قد يكون الكل تافه، وبعضا قليلا منه ليس كذلك.
تعتقد أن المعادلة صعب حلها، ولهذا على كل منا أن ينظر لنفسه ليحررها من كل برمجة فكرية قد تؤدي به إلى القطيع، ألا يقال في علم الإعلام والإتصال أن مثل هذه الظواهر الإلكترونية الواقعة في المواقع قد رسمها خيال الإنسان وسموها إصطلاحيا بالقوى الناعمة. لذا علينا أن نتأقلم مع العصر الذي نحن فيه، ولا نحتقر بعضنا بعضا، فلا ذنب للتكتوكور إن تكتك، ولا ذنب للانستغرامور إن استغرم إن صح التعبير، ولا ذنب، ولا، ولا …..، علينا أن لا نقصي أحدا ونبذ سياسة الإقصاء، كلنا نعلم أنه يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، علينا أن نستغل ذلك وفقط، لكن هذا لا يمنع أن البحر يبقى بحرًا وإن نشف، والنهر يبقى نهرًا وإن بقي ماءه جارٍ.

• فيصل عجايمي: هناك سلطة ضبط هي من تحدد هذا الأمر وكفى، لأن الموضوع شائك وذو شجون.
أنا أطرح أمر آخر، وهو علينا تسويق أعمالنا إلى خارج الوطن، وبالخصوص إلى الوطن العربي، وعلينا بكل الإرادات بشتى أنواعها التفاعل مع ما ينتجه إبن الوطن. ألا تثقون ؟؟؟!!!! أم ما الذي يحدث !؟.

• فيصل عجايمي: الوالد الحمد لله حي يرزق، وحالته الصحية على ما يرام، والحمد لله على ذلك. وعدم ظهوره على الشاشات والركح والإذاعات يرجع لحالته الوجودية التي يعيشها، فهو يعيش مرحلة لا يمكنني التحدث في مكانه عنها.

• فيصل عجايمي: ليست لدي إجابة مؤكدة، قد يكون ذلك، لأن الرنة التي تقع في الآذان من خلال سماع إيقاعات الألقاب في الأذهان تلعب دورا مهما في شد المشاهد، وقد يكون عكس ذلك تمامًا، فكم من لقب ذُكِر وأبناؤه فيما بعد حملوه ورفعوه عاليًا ، وكم من لقب كان مشهورًا ولم يعد له أثر.

• فيصل عجايمي: نأمل أن نصل إلى منظومة فنية جمالية راقية، تجعل من الجمال منظومة فكرها، ومن الوجود عنصر همها، ومن الفن قوة حلمها، ومن المستقبل نور استشرافها، لكي ترقى وتثبت وجودها. أراها منظومة مكونة بمفكرين، ومشرفين ومشرعين قانونيين، وعلماء إجتماع، ونفسانيين، وفلاسفة ومبرمجين، وخاصة أهل التسويق أو الماركوتينغ، منظومة تأمل لصناعة مسرحية وتلفزيونية، وخاصة سينمائية، للتعبير عن كينونة هذا العالم وحركة مجتماعاته.
علينا إثبات وجودنا في كل حركة عالمية، فنحن لازلنا تحت التراب، وعلينا أن ننفض الغبار قليلا حتى نقول للآخر أننا فوقه يرانا النسر والغراب.

• فيصل عجايمي: الإذاعة بالنسبة لي هي الصوت، والصوت قبل الكلمة، لأنه الطاقة التي تحملها، فلولاه لما كانت الكلمة، ومن الكلمة انبثقت جميع الكلمات والأحرف، فمنها المعاني، ومنها البيان، ومنها اللسان، ومنها اللغة.
فمن اخترع ونسق بين العبارات عبر الأثير لكي يصل ويتصل ويتواصل مع الآخر في مهد التواصل الإجتماعي، وفي بدايات التواصل الإنساني، يعتبر عبقري وفي قمة الذكاء الإنساني. لهذا أعشق هذا التراث وهذا الموروث، فهو ضرب مهم من الفنون، وضرب فيه الكثير من العلم الفيزيائي والرياضي وترابط العلوم فيما بينها، لإنتاج منظومة سمعية معينة حسب الظروف، وحسب التاريخ، وحسب مراحل الحياة، وحسب مرور الزمن على الأجيال، وحسب ما يحدث من ظواهر آنية عالمية لها جذور من عمق التاريخ، وحسب كل فترة حياتية، فلكل مرحلة إذاعية نشاطها وعملها.

• فيصل عجايمي: ورقة وقلم، سأكتب لكل فرد أطلب منه الإعتذار، والسماح لما بدر من نفسي المخطئة المذنبة، وأبدأ بوالدي ووالدتي، ثم إخوتي، ثم زوجتي، ثم أبنائي، ثم إلى كل الناس الذين ربما أخطأت في حقهم من دون قصد.

• فيصل عجايمي:: ما يعجبني في هذه الحياة هو وصول الفكر البشري إلى تحديد مفاهيم خاصة بماهية الإنسان، فعلى سبيل المثال ذهبت الفلسفة الوجودية إلى أن الإنسان مشروع وجودي، إلى أن خلصت أن الإنسان ساعة موته مثل ما ذهب إليه «جون بول سارتر»، أو ما ذهب إليه الفيلسوف الألماني «هايدقر» فهو يقطع في حياته مراحل هامة لإثبات ذاته شرفا وعزة وقوة وإرادة ….، أو ماذهب إليه الفيلسوف المبشر «نيتشه» وحديثه عن الإنسان الكامل وإرادة القوة.
كلامي عن مشاريع مستقبلية التي تخص شخصي تحملها طيور غيبية، قد تهدف في لحظات العمر وعلي استغلال فرصة قدومها وفقط، فلا يمكنني تحديدها بدقة، المهم أنها فرص مرتبطة بكل ما هو فن، في التمثيل أو التنشيط.

• فيصل عجايمي: لم نتعلم البوح بالأسرار بعد، فالسر يبقى سرًا إلا على خالقه، فهو السر الأكبر وسر الأسرار، فلا تسألني عن الخبر.

• فيصل عجايمي: أتمنى أنني كنت عند حسن الظن، ورمضان كريم.
اللهم أغفر لنا وارحمنا، قولوا آمين.