هل يستمر الزواج

✍️ صالح الريمي :

الأيام دول، فكم من غنيٍ أصبح فقيرًا! وكم من عزيزٍ أصبح ذليلًا! وكم من قويٍ أصبح ضعيفًا! ولهذا اليوم في ظروف الحياة المتتابعة قد تنزل المحن والمصايب والظروف الصعبة بالشخص، وقد تتحول صحته إلى مرض، ويتحول غناه إلى فقر، وتتحول قوته إلى ضعف، وهنا يظهر معدن الزوجة الصالحة الوفية التي تقف إلى جوار زوجها في كل ضيق ومصيبة، تؤنسه وتواسيه، وتثبته، وتخفي عيوبه وتستر ذنوبه، ولا تنسى أيام الغنى والسَّعة، وأيام الصحة والقوة، وتردد دومًا قول الله جل وعلا: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ﴾..
أرسل لي أحد الأصدقاء قصة وفاء زوجته معه بعد أن مر بظروفٍ ماديةٍ قاسية، وامرني بنشرها دون ذكر اسمه لكي يستفيد المتابعين من قصة وفاء زوجته معه، أنقل رسالته بتصرف مني، يقول:
كنت في خيرٍ كبير موفرًا لعائلتي كل سبل الراحة من المأكل والمشرب والملبس والمسكن، وقبل سنة تدهورت تجارتي وخسرت كثيرًا من أموالي، بل أصبحت مديونًا، وتكالبت عليّ الظروف من كل جانب.

وقبل أيام جلست إلى زوجتي اشتكي لها الظروف والحال بعد التقصير معها ومع أولادنا، فنظرت إليّ نظرة رحمة وأدب، ونظرة حنان وتواضع، قائلةً: أرجوك لا تكمل حديثك فأنا معك في المنشط والمكره، وسوف أصبر معك على أي حال طول عمري، فأنت لم تقصر فيما مضى، فهل ينبغي لي أتركك في الوقت الحالي؟.
وأبشر أيها الزوج والحبيب! المعروف لايضيع والوفاء يبقى وصنائع الخير ستعود إليك وإن طال الزمن، وتأكد عند الله لا يضيع مثقال ذرة، ولا أنسى أنك فعلت كذا وكذا، وقدمت لي كذا وكذا، ثم ذكرتني بقوله تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يشكُرُ اللهَ من لا يشكُرُ الناسَ)، أذهب لابأس عليك وإن شاء الله تعود كما كنت وأفضل”، انتهت رسالته، ولم ينته الكلام.

*ترويقة:*
أفٍّ من الدنيا حين ينزف الوفاء في صدور الشرفاء! وحين يئن الوفاء في رؤوس البسطاء! متذكرين قوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾، فالوفاء خُلق لا يقدره إلا القليلون، ولقلَّة وجود ذلك في الناس اليوم، قال تعالى: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ﴾..
لهذا أيها الزوج لكي تستمر حياتك الزوجية بعيش رغيد أختر امرأة تبكي معك لا تبكيك، وحين تنظر لوجهها يجتاحك شعور الرغبة بأن يمضي عمرك كله بجانبها، وأن تشيخا معًا، أن تضحكا وتبكيا معًا، ومهما كبرت بينكما العثرات تجتازانها بحبكما العظيم، ووفاء الزوجة لزوجها يكون بطاعته واحترامه وتقديره، والوقوف إلى جانبه في عسره ويسره، وعدم نكران فضله وجحود عطائه، إذا أمرها أطاعته، وإذا نظر إليها سرَّتْه، وإذا غاب عنها حفظته.

*ومضة:*
وسؤالي المهم هل يستمر الزواج بدون تضحيات؟والجواب وخلاصة الكلام من أجمل ما قرأته في الحياة الزوجية: “قد لا يستمر الزواج بالحُب فقط، فقد تعصب بهما الظروف فيختفي الحُب ولا يبقى إلا التضحية من الطرفين”.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى