بدون دبلجة

✍️ محمد إبراهيم الشقيفي :
حين يداعب القدر أحلام البشر يطرأ التغيير فجأة ويحول الحلم إلى حقيقة يجعل الواقع في مرمي بصيرة الفؤاد يشعرني بقيمة الفن وأكاد أن أتقن معه كل اللغات.
من أصعب الملفات المرههقة على العقل البشري
أن يحاول كالمحارب جاهداً أن يعي المقصد الحقيقي من وراء تجسيد مشهد عابر يراه بعين مجردة بعيدة عن أي تحليل نقدي ذات صبغة فنية خاضعة للمرجعية الدراسية البحثية ولكن بكل بساطة نشاهد ونتأثر مع المحاولة التي تتجدد تلقائياً رغبة ملحة لفهم رسالة الفنان المبدع التي يطرحها للمجتمع.
لقد شاهدت بعضاً من الدراما العربية وأوشكت على الإقتراب من فحوى مجملها .
لقد اتسعت الأفق دون إثارة الفتن بين الأفكار الحميدة إزاء القرب من عمق حالتها وبصفتي متابعاً للدراما المصرية والعربية فقد تأثرت كثيراً بالثقافة التي تصدرها لنا السيناريوهات التي بها شىء من السعادة وبعض من الخوف الذي جعلنا نخشي مواجهة الحاضر أو السعي نحو درب المستقبل .
دون أنانية الأرق فقد افزعتني عثرات الصخور مما تسبب بافتراء على الروح بكدمات نفسية واجتماعية وثقافية كبيرة دون جروح سطحية لكنها عميقة فمال السد لانهيار بعض القيم . على صعيد آخر فقد ابهرتني تلك القوي الناعمة وهي تجسد دور راقي غير مبتذلة رخيصة السلعة بل تناولت بعض القضايا بأسلوب متحضر وفلسفة غير زائلة ممتدة بين ارشيفيه الإبداع لعقود طويلة.
الرصيد الفني لا يأتي من فراغ بل مسافات قطعتها الأرواح على ألواح و هي تتمسك بحبال النخيل التي تترك علامات في اليد كدليل على شدة التحمل من أجل إظهار تلك الرسائل التي تحمل شعار ذو خصوصية للإنسانية.
أترقب فى حذر الكثير من الأعمال الفنية على مدار عدة عقود زمنية فرأيت من بين شلال الدراما تتدفق بعض القيم على شكل سلاسل ذهبية معقودة بتوصيف دقيق للواقع دون جرم مشهود يستحق فاعله عقاب الليل دون أنيس .
دعونا نتعرف معا على الجزء الإيجابي التي تكشف لنا من خلاله أن للدراما في كل صورها
تأثير كبير فى ثقافتنا العربية لقد أدهشني بعض الأدوار ذات الأدوات الحوارية التي نراها بسيطة فى العرض ويسر الأداء لكنها مفوهة بلغة الإشارة إلى منطق السهولة بعد مشقة العناء .
مهما اختلفت الروايات والقصص وتنوعت الأحداث ونقلتها لهجات ومصطلحات لغوية متنوعة سواء كان الحديث بلغة الإشارة أو الغرب اوبلكنة عربية لا يفهمها الجميع إلا أن الممثل الناجح أو الفنانة المهذبة يستطيعان أن يعطيا العقل جرعة شعور لا تحتاج بعدها الجوارح إلى دبلجة صوتية لفهم طبيعة العمل.
ومن بين السطور التالية ندشن حملة تأييد لكل
صاحب رؤية فنية غير مبتذلة تقدم محتوى يحترم الأسر وثقافة المجتمع ونلقي على بصيرتكم إطالة محمودة وإطلالة عنبرية لنماذج عدة لفناني الدراما العربية التي كافحت من أجل مبادئ وجدانية جميلة.
قصة الحلم الأكبر لفنانة عربية جذورها مغربية تتحدث بطلاقة اللسان عبر حروف لغتنا الأم العربية .
الفنانة هدى أحمد الادريسي البارعة فى اللكنات المغربية المتفردة فى عبقرية نطقها الصحيح بالفرنسية ذات السلالة المغربية والجنسية المصرية كانت فى مهد عمرها مذيعة ناجحة لكن سرعان ما تحولت سفينتها
إلى عالم التمثيل بعد محاولات استباقية مقنعة
تكللت جهودها بالنجاح .
سلكت الموهوبة عبر قلاع الفكرة درب النجاح ودخلت عالم التمثيل من خلال قنواته الشرعية
و منهجية أكاديمية تتلمذت علي يد عباقرة الفن والمسرح لقد بدأت رحلة الألف ميل بخطوة واحدة بعد أن درست أصول الفن عبر نوافذ معهد الفنون المسرحية ثم دخلت مجال التمثيل عام ١٩٩٩ واستطاعت بفكرها الراقي أن تقف على أرض صلبة أنبت لها حنين الحب وغصن الجمال وطرحت لها ريحانة الشهرة.
أثقلت موهبتها بالدراسة في المعهد العالي لترجمات الفنون والآداب وهى تعكف على شاطئ رمال الدراسات العليا لتكون أداة للتطوير الداخلي لتستثمر موهبتها الفزة.
من أبرز أعمالها الفنية الناجحة على خشبة المسرح الهناجر وهذا يكفيها لوكان الحكم على موهبتها من خلال عرض مباشر تتلقفه أنظار جمهور واعي ومسؤول.
كم هائل من الأعمال الدرامية جعلها فى طليعة الصفوف الأولية للفنانات الكبار كونت رصيداً جعلها تقف فوق تبة محطة الشهرة عبر كل عمل درامي ناجح على سنوات ليست متباعدة أغصانها ازدهرت ولم يسدل لها ستار .
سنوافيكم عبر سلسلة مقالات شارحة باستفاضة أعمالها الفنية ودورها الريادي المتميز والمتنوع فى كل دور وقبل أن استودع عقل القارئ الذي أراه راجحا فإن سيرة الفنانة المغربية المصرية حافلة بالعطاء والنجاح ومن أبرز ما تميزت به مجتمعيا عضويتها المتألقة بالمجلس القومي للمرأة فهي شخصية عامة تهتم كثيراً بالشأن المتعلق بجانب المرأة.