أسطورة كرة القدم
✍️محمد ابراهيم الشقيفي:
من غير خجل أوتجميل لحقيقة الأمر رغم أنه ليست من بين هوايتي متابعة كرة القدم إلا تشجيعاً لمنتخب مصر فى مباريات كأس العالم أو ماشبه ذلك مع تمنياتي الشديدة أن يرفع علم بلادي فى نهاية المباراة. لكن هناك ثوابت راسخة تعلمناها من طوائف المجتمع المصري الراقي. وهى أن الرياضة أخلاق؛ وذلك عند ازدياد حالة الاحتقان والتوتر النفسي، والتعصب لفريق ما دون إعطاء فرصة تتيح الحوار مع الطرف الآخر لتكون تلك الجملة الثنائية هى درع قوي يصد به أى حوار خارج عن حيز المألوف.
الساحرة المستديرة : المعنى الجوهري لكرة القدم التي ألفت بين قلوب جموع فئات الشعب والتي لها رموز على الصعيدين المحلي والدولي. قد شرحت حركاتهم وتصرفاتهم الأنيقة الراقية معنى الأخلاق والقيم الإنسانية.
وتحدثت فى صمت دون رهبة لتكسر قاعدة أن الكورة أهداف تحرزها الأقدام فى شباك الفريق المقابل بل رفعت لافتة فى الملاعب مكتوب عليها( الرياضة أخلاق) واللاعب على أرض الواقع هو جوهرها الحقيقي.
لنا فى الملاعب المصرية، والعربية، والعالمية بل فى عالم الرياضة بين الماضي والحاضر أمثلة نفخر بها ونعتز بأخلاقها التى تعكس فى بلد ما ثقافة بلد أخر. ليس هذا من فراغ بل أتى على مدار رحلة عطاء بعد تدريبات شاقة ومشاركات فعالة والتعرض لبعض المضايقات، والشائعات المغرضة.و هنا تظهر علامات الرقي والتميز فى تعبيرات الوجه رغم كثرة الضباب من حوله والضغوطات التي يتعرض لها على مدار الساعة. لكن المبدأ عند لاعبي الرياضة بصفة عامة لا يتجزأ وخاصة فى حالة الفريق الواحد الذي يلتف حول قائد غير متعجل صبور فى الملاعب غير متعصب على جمهور مقابل متقبلا النقد برردود مشرفة لا تخرج عن نطاق المألوف دون تجريح فى لاعب أخر..هكذا تعلمنا معني الجملة التي تتكون من كلمتين اثنتين.( الرياضة أخلاق).
يراودني حلم منذ الشروع في كتابة شخصيات مؤثرة أن يتناول قلمي المتواضع الحديث عن شخصية أسطورية على الساحة الرياضية على المستوي العالمي يشهد لها بالكفاءة والنزاهة والشفافية المطلقة ليس عليه غبار ولا على صاحبها ثمة علامات استفهام. إنه الخصم الشريف الذي هاجم بكل أدب حتى أحرز الهدف بكل طمأنينة،
إنه المدافع الجسور الذي يشبه الخيل فى السباق ضربته مسددة بقدم مشدودة الأوتار أمام حارس مرمي قد أوشك من براعته أن ينهار وتمزق معه الشباك لكن الجموع الغفيرة هتفت له باسمه الرنان( بيبو) رمز الكرة المصرية والعربية، والذي امتلك قلب الساحرة المستديرة وخطف بها الأنظار وروض مفاتنها حتى انصاعت بين أنامل أطراف الأقدام.
عملاق من عمالقة الكرة الذي تردد إسمه على كل لسان منذ عدة عقود قرب مجموعها بل تعدى نصف قرن من الزمان. ويبقى صاحب المبدأ ثابتاً على المبدأ فى كل ميدان مهما كان النزال أنه (محمود الخطيب). صانع الأهداف فى أعرق الملاعب ومزين الشباك بالأخلاق. فأنا لست محللا رياضياً وبالتالي لا استطيع تقييم المباريات بصفة عامة، ولا الحديث عن أداء الفريق بصفة خاصة. ولست منصة تكريم تهتم بالتقاط صورة مع صانع هدف الفوز بل كل ما يهدف له الكاتب وهو يغمز بقلمة فى عمق الجوهر أن يخرج قطرة صافية نقية تخلو من الشوائب وهو يسرد للمجتمع نبذة شارحة حول إنسانية شخص قد أحدثت ثورة فى فكر المجتمع المتعصب. نحو شىء لا يرى غيره صحيح من وجهة نظره يحارب التشجيع الأعمى بل يملك مفاتيح روح الفريق الواحد. ولد( الخطيب) في ١٩٥٤/١٠/٣٠ بقرية( قرقيرة) التابعة لمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية. وزاد شغفه بكرة القدم حتى التحق فى بداية مشواره بنادي النصر الذي رفض قطعياً الاستغناء عن شخص وموهبة الخطيب الراقية، وظل عاما كاملاً يتدرب بالنادي الأهلي إلى أن وافق نادي النصر على الإنتقال لنادي القرن. وكانت أولى مباريات من محض صدفة الأقدار أمام فريق ناديه السابق، ولم يكن قد تجاوز الثامنة عشرة من عمره. ومن أول خطوة قدم له فى الملاعب حتى لحظة الاعتزال وهو ثابت على مبدأ واحد أن الرياضة فى المقام الأول هى (الأخلاق والقيم). انطلق وتردد اسم( بيبو) على كل لسان خاصة بعد الفوز مع فريقه على شباب نادى الزمالك.
لاعب كرة القدم المصرية السابق، ورئيس النادي الأهلي الحالي. رصيده الكروى مشرف للغاية لا يحتاج إلى شرح وافي يدور حول الأهداف التي أحرزها الخطيب. ذاكرة الرياضة الكروية مليئة بسيرته، ومشوارورحلة كفاحه الطويل له بصمات فى كل الملاعب الرياضية. والمباريات التي شارك فيها تشهد بذلك. وكفانا فخراً و اعتزازا أن مايسترو الرياضة المصرية قد تنبأ له بمستقبل واعد. وتصاعدت نجوميته وقد صدق فيه رأى الرائع الراحل الكابتن( صالح سليم) لو أعطيت نبذة مختصرة عن تاريخ كل هدف أحرزه فى الملاعب، أو عن كل مباراة قد شارك بها مع فريق النادي الأهلي، ما وسعنا سوي كتاب كامل تدور أبوابه حول احترام الكابتن (محمود الخطيب) لجمهور كرة القدم بصفة مطلقة. لكن الأهم من كل هذا وذاك أنه خصم شريف لا يقابل الإهانة بالسوء، ويقبل النقد بكل حب، و الأروع من وجهة نظري المتواضعة والافضل من أى كأس أو جائزة الإتحاد الإفريقي لكرة القدم أنه من أفضل عشرة لاعبين خلال الخمسين سنة الماضية.والتي فاز بها. والأهم من ترشيحه لجائزة أسطورة الكاف وأبلغ إبداعا من وصفه الرئيس الحالي للنادي الأهلي نادي القرن، ولا مؤهلاته أو شهادته العلمية، أو تكريماته الدولية من شخصيات سياسية بارزة على المستوى العالمي، بل الشىء الأعم والأشمل الحب الذي رسخ فى قلوب المصريين. إضافة إلى اخلاقياته المهنية و تصرفه النبيل الذى يدرس في المحافل الرياضية والذي كسر به قاعدة التعصب الكروي فى مصر لدى أكبر جمهورين على حد علمي وحسب ما اعتقد فى محاولة جريئة هي الأولى من نوعها بعد ارتداء الكابتن محمود الخطيب قميص القلعة البيضاء فى إحدى مباريات القمة بين الغريمين( الأهلى والزمالك) وفى صورة تعكس جمال الروح الرياضية يتوسط الخطيب كلا من الكابتن حسن شحاته والكابتن فاروق جعفر نجمي نادي الزمالك العظام، وهما يرتديان قميص القلعة الحمراء للنادي الأهلي فى مشهد مهيب على أرض السلام مصر. لقد نال استحسان الجمهور العريق بل رسخ فى وجدان الشعب المصري مدى نبل أخلاق الرياضيين؛لتكن خطوة مهمة بموافقة الثلاثي الأبطال نجوم الاهلي والزمالك وهو يتوسطهم فى صورة أرشيفية تبقى مدي الحياة .وخاصة أن مبارة ديربي عام ١٩٨٧ لم تكن مجرد مبادرة كروية عادية تدون فى ذاكرة السجلات الرياضية، بل كانت حدثا تاريخيا، وسياسيا، وخير شاهدا على أن جمهور النادي الاهلي والزمالك قد اتحدا من أجل حب مصر بعد أن كان إيراد المباراة بالكامل داخلا فى بند تسديد ديون مصر .
هكذا كانت الرياضة وأخلاق الرياضيين التى يفتقدها البعض ويتحلي بها الجمع.نري الكابتن( محمود الخطيب) بنبل أخلاقه يسكن قلوب الملايين عشاق الساحرة المستديرة بعد أن وضع بصمة لا تمحي فى الجانب الأخلاقي بالمجال الرياضي. وكسر قاعدة التعصب الكروي ليبقي الخطيب( بيبو) إلى الأبد .
هو أسطورة كرة القدم.