*لا تعيش لحظة يأس*

✍️ صالح الريمي :
قبل يومين التقيت بصديق قريب إلى قلبي، بعد السلام والترحيب وأخذ أخبار بعض، قال لي بكل صدق وأمانة لا أتحدث إلى غيرك عن ظروفي، ثم حدثني عن بعض ما يشعر به من أوجاع ومشكلات، وأنه يعيش لحظة يأس من الحياة، فقلت له: يا صديقي العزيز استعن بالله ولا تعجز، ثم لا تقف كثيرًا عند أخطاء ماضيك، لأنها ستحيل حاضرك جحيمًا، ومستقبلك حطامًا، يكفيك منها وقفة اعتبار، لكي تعطيك دفعة جديدة في طريق التغيير للأفضل والأحسن..
والزمن سوف يداوي كل شىء، وهذه الأوجاع والمشكلات سوف تذهب وتمرّ كما مرّ غيرها، وسوف تنسى مع الزمن، قاطعني قائلًا: ما أسهل كلامك! وما أسهل أن تقول أشياء من هذا القبيل وأنت لم تعاني مثلي، وتتكلم بكل برود أن كل شيء سينتهي، أنت لم تكن في قلب الحدث، ولم تمرّ بمعاناتي، ولا أظن أحدً يعيش نفس ظروفي الصعبة اليوم، فأنا متورط في جوف المشكلات وأوجاعها ولا أظنها أنها تتغير أبدًا.!
قاطعته قائلًا: يا صديقي العزيز أنا أقول لك هذا الكلام وكلي يقين وأمل بأن ما حصل لك سيزول وينتهي كل شيء بكل تأكيد، فقط أصبر قليلًا من الوقت وسيتغير كل شيء بإذن الله تعالى، وسوف تنسى الألم، ويتحسن حالك، ولعل الله كفّر لك بعض الخطايا بهذا الابتلاء، واذكرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب المؤمن من هم، ولا غم، ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله من خطاياه)، انتهى الحوار ولم ينته الكلام..
أحيانًا يغلق الله سبحانه وتعالى أمامنا بابًا لكي يفتح لنا بابًا آخر أفضل منه، ولكن معظم الناس يضيع تركيزه ووقته وطاقته في النظر إلى الباب الذي أغلق، بدلًا من باب الأمل الذي انفتح أمامه على مصراعيه.
والحياة الدنيا لا تصفو لأحد من المصائب والأكدار، ولا تغدو مرتعًا للهناء والعيش المريح على الدوام دون نغص ولا ألم، فلا أمان من تقلباتها، لذا هي تتطلب نفسًا كبيرًا وصبرًا أكثر لخوض كل معتركاتها الوعرة دون الوقوع في مصيدة اليأس، فلا ينتظم أمر هذه الحياة إلا إذا كانت العلاقة بين العبد وربه متينة، لذا ليس هناك شيء أشرح للصدر بعد الإيمان بالله من حسن الظن به سبحانه..
إن تجرع الإنسان للأوجاع والأسقام هو دافع له للعيش ببسالة وبساطة؛ بمعنى يجب على المرء أن يعيش موقف التحدي الذاتي مع الظروف ولا يتعايش معها، وليس سببًا مقنعًا لليأس والانهزام إن كنت تملك مقال ذرة إيمان، وهناك بصيص أمل بالفرج مادام أن لك قلب ينبض بالحياة.
*ترويقة:*
إن حسن الظن بالله هو صمام الأمان الحقيقي من الوقوع في معترك اليأس فبه يدرك العبد أن رحمة الله تسعه وتغمره، فلا خزائن أوسع من خزائن الرزاق، كيف لا يكون ذلك وهو القادر الذي بيده كل شيء، فلا متصرف في خلقه عطاءً ومنعًا إلا هو، فيعطي ما عنده دون أن ينقص ذلك شيئًا من ملكه، ويمنع عن عباده الرزق أو الخير لا لبخل منه أو لحاجة له في المنع وإنما نفعًا لهم.
*ومضة:*
بالصبر على البلاء والمحن والرضا والإيمان بقضاء خيره وشره تنال أجرًا عظيمًا، قال صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*