علمني أهلي الكلام و علمني الناس الصمت

" حديث الجمعة"

✍🏻 سعاد حسني :

مع بداية حياتنا وخاصة مرحلة المهد منها، كل منا تداعبه أمه ببعض الكلمات و الألفاظ المعبرة الدالة على حبها له. فعند طعامه تكلمه، وعند شرابه تكلمه، وعند استحمامه تكلمه، ونأتي إلى اللعب معه حيث تلاعبه وهي فرحانة، مستخدمة الكلمات المعبرة عن ذلك. وينفلت هذا الكلام ما بين الضحكات، والانسجام، واللعب معه. ومن هنا يلتقط الطفل الكلام رويدا رويدا. ويردد الكلمات، ثم تصير جملا وهو متنقل من مرحلة أخرى، ثم يأتي الأب بدوره، والأهل على اختلاف صلة القرابة، وفى أثناء ذلك يتعرض لمواقف، واختبارات، ومناسبات، وأشياء وأشياء لا تعد ولا تحصى. وهو بدوره معبر عنها بالكلام تارة بالفرحة، وتارة أخرى بالغضب والعصبية.و َتأخذنا سفينة الحياة، وتنتقل بنا من شط إلى أخر؛ مستمتعين بالحياة مرة، وساخطين عليها مرة أخرى. وفى وسط هذا وبلا شك، وطبيعة الحياة نتعامل مع الناس على اختلاف أنواعهم.؛ فنقابل منهم الطيبون ،ونقابل أيضا الأشرار .نتعرف على من يشبهنا فى طباعنا، ونتعلق بهم، ويتعلقون بنا؛ ونصبح إخوة وأصدقاء، ونهون على بعضنا صعوبة الحياة. وعلى النقيض من ذلك نتعرف على من لا يشبهوننا فى طباعنا، وما أكثرهم. وأحيانا كثيرة نجذع من التعامل معهم، ومع كثرة المواقف المؤلمة، وكثرة ما جرحت منهم تفضل الصمت، وعدم الكلام معهم؛ لأنك تجد فى الصمت الصحبة، والأمان، وتجنب الجروح والألام، أفضل من الكلام الذي قد يكون سببا فى إهانتك، وجرحك. وعندئذ يتحقق المثل الشهير( إذا كان الكلام من ذهب فالسكوت من فضة). فأحيانا كثيرة تستغني عن الذهب لأنه مكلف وغالي الثمن، لكن نلجأ إلى الفضة لأنها فى متناول أيدينا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى