صِنَاعةُ الإنْسَانِ

خطبة الجمعة بمسجد وسط المدينة-كسلا

✍🏻احمد حامد الجبراوي

“ بسم الله الرحمن الرحيم “

لما كان الإنسان هو محور النهضة والبناء والتغيير فإن ذلك يقتضي صناعة وايجاد الفرد الصالح والمصلح بمصفوفة متماسكة من التراتيب قيما ووسائل قال تعالى:” وَلِتُصۡنَعَ عَلَىٰ عَيۡنِيٓ” ٣٩ طه
“وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي” ٤١ طه
ولذلك فإن تجذير العقيدة الإسلامية وتعميق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أساس تلك الصناعة: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ٥٦ الذّارِيَات
” أيُّها النَّاسُ قولوا لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تُفلِحوا “
رواه الدارقطني
” اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ”٣ الأعراف
قال عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ : اتَّبِعوا ولا تبتدِعوا، فقد كُفِيتُم، وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ.
فلا بناء ولا صناعة بلا عقيدة صحيحة وعليه فإن العقيدة هي التي توقظ الضمائر وتحي العزائم وتعمق المراقبة وتحقق الأمن الفكري والاجتماعي والاقتصادي و العسكري قال تعالى:
“فَأَيُّ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ أَحَقُّ بِٱلۡأَمۡنِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ” الانعام ٨١-٨٢ كما انها سبيل العزة وجسر لقبول العمل .
ومماويجدر الاشارة اليه أنه كلما علت الهمة واشتدت العزيمة قويت صناعة الفرد وقد وصف الله سبحانه الصالحين والقدوات بالعزيمة، فقال: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) ٣٥ الأحقاف ومن هذا المنطلق خاطب الله نبيّه يحيى بقوله: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) (مريم/ 12). فكلما حمل العبد رسالة الاسلام بقوّة وعزيمة وإرادة لا تلين قوي عوده واشتد عطاؤه ومما يعزز صناعة الفرد القرب من البيئات الايجابية والبعد من البيئات المثبطة كما في قصة الذي قتل تسعا وتسعين نفسا فإن شيوع السلبية، واللامبالاة، والضعف الايماني تضعف البناء وتهتم الأركان .
واشارت الخطبة إلى أهمية المبادرات فكل انسان يسهم بجهده وبذل وسعه ولا ينتظر غيره فالتاريخ يسجل باحرف من نور اهل المبادرات قال تعالى:
“وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ” ١٤٨ البقرة
وعززت الخطبة من قيمة العلم والتعلم كمحور مهم لصناعة الفرد قال تعالى:”اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ
ولأننا نعيش عصر التغيير عصر الفاعلية والانطلاق، عصر انفجار المعلومات وتوالى المستجدات فلابد من الأخذ بسلاح الوقت من التقنية والمهنية الفنية والتكنولوجية جميعها وهي تمثِّل تحديًا شديد القسوة لمتخذي القرار، ولذلك نجد أن الإحاطة بعلم التغيير وأهميته القادرة على إحداث التحولات والتحكم فيها، وبناء المنظومة التعليمية بما يتناسب مع تحقيق آمالنا التي ننشدها و تتطلع إليها .
ودعا الخطيب الى أهمية إيجاد القيادة الفاعلة الملهمة لتصبح قدوة صالحة تكتشف المواهب وتفجر الطاقات وتوجه القابليات والاستطاعات نحو النهضة والبناء والتطوير
كما لابد من بأهمية إيجاد استراتيجية لبناء الانسان بتعزيز الثوابت وتنمية العقل والمعرفة وثقافة الفرد والتعامل مع التحديات والمتغيرات
ومن أهم وسائل صناعة الإنسان إيجاد الأسرة الصالحة باختيار الزوجة وحسن الترببة وقيام المدرسة بدورها في التربية والتعليم والتوجيه وبناء الاعلام بما يتسق ومطلوبات الصناعة والصيانة للفرد والمجتمع واختيار الصحبة الصالحة فالصاحب ساحب فهءه الوسائل ونظائرها تمثل عنصرا مهما لصناعة وصياغة الفرد فمتى ما أحسنا توظيف ووبناء هذه الوسائل على المعالي وحسن الأداء أعطتنا نماذج حية ومعطاءة وبضدها تتميز الأشياء

وعظمت الخطبة من وجود الخير والخيرين في المجتمع مما يعتبر فرصة للمزيد من تعميق تلك القابليات وتوسيعها وتحريكها نحو الافضل: (إِنِّي أََرَاكُمْ بِخَيرٍ) فلنجدّد العزائم ولنعمّق من التوكل على الله وحسن اللجوء إليه واحتمال بعضنا والسّمو باخلاقنا والاحسان لبعضنا والإخلاص في جهدنا لنتجاوز ما نحن فيه من البلاء والمحن والتراجع فالله الله في صياغة الفرد وصناعة الانسان .
والحمدلله رب العالمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى