شرارة الحب

من حكايات الواقع " حكاية سحر عبدالله "              الفصل الثالث

✍️ د. فايل المطاعني :

‏وتشابَكَتْ عندَ اللقاءِ أصابِعي
لا الأرضُ تحمِلُني..ولا نبضي معي

لا شيءَ إلا الارتباكَ أُحِسُّهُ
وكأنني كلِّي أذوبُ بأجمعي

أسْلَمْتُ قلبي كُلَّهُ في لحظةٍ
ونسيتُ فيكَ تدلُّلِي وتَمَنُّعِي

مَرُّوا جَميعاً مثلَ طَيْفٍ عَابرٍ
وبَقيتَ وحدَكَ عَالِقاً فِي أضلُعِي⁦

مساء الخير اصدقائي متابعي حكايتي ،اولا شكرا جزيلا ،على الإشادة، بالحكاية ،رغم انني لا زلت في البداية ،ومثلما يقولون في الامثال ،الثقيل لسه وراء ، على العموم ،اسعدني تواصلكم ،والان لنبدأ الفصل الثالث .
مثلما قلت لكم امس، والدتي من منطقة تبعد أن مدينتنا ،بحوالي ثلاثمائة كيلو وشوية ،مما جعلها تحس بالتقصير اتجاه أهلها ،اكيد تعلمون أن مسافة ثلاثمائة ليست بالهينة على الرجل أن يقطعها ،فما بالك بامرأة ! ومثلما تقول الأغنية القديمة
انا ساكن بالسيدة وحبيبي في الحسين .وفي تلك الأيام لم تكن الطرق مثل الان ،ولكن من أجل عين جدتي ،رضيت والدتي أن تقطع تلك المسافة ذهابا وإيابا راضية مرضية .
الحدث ،الذي غير حياتنا ،هو وفاة ،جدتي ،بوفاة جدتي انقلب ،حالنا راسا، على عقب ، لقد حزنت والدتي على جدتي حزن عميقا ، ومما زاد الطين بله أن المسافة بعيدة بين المدينتين لذلك لم تحضر والدتي جنازة والدتها ،مما ولد لديها حزن عميق وتأنيب الضمير قوي جدا ، مما جعلها تنزوي على نفسها ،حزنا ،وللاسف لقد طال حزن والدتي كثيرا ،مما اثر على صحتها ،فأصيبت بمرض مزمن ،لفترة طويلة ،ولان الحزن يجر ورائه حزن اخر فقد أصبحت والدتي قعيدة الفراش لا تقوي على الحركة. فكنت أكثر اخوتي ملازمة لها ،طبعا لكوني الكبيرة ،وتضيف مبتسمة : دائما من يأتي مبكرا يحصد الشقاء دائما ؟ نهضت سحر من مكتبها ،وذهبت ناحية النافذة ،ففي نفس هذا اليوم الشتوي البارد ،جئت الى الدنيا بأمل و تفائل وصرخة وضحكت، سحر ،واشارت إلى نجمة ساطعة ،فقالت وهي تبتسم :تلك نجمتي سحر ،هي معي منذ الطفولة ،حسنا يا نجمتي ،سوف اكمل الحكاية واعود اليك .
مرض والدتي حرمني من دخول الثانوية ،رغم أنني كنت متفوقة ، ولكن لا احد يستطيع أن يطبب والدتي غيري،فقررت أن أضحي من أجلها ،واترك حلم ،أن أكون طبيبة، ونظرت إلى صورة تجمعها بأشقائها، وكتبت وبخط عريض احمر البركة في اخوتي.
لقد تعلمت مقياس درجة  الحرارة وكيف اعطي والدتي الحقن ،حتى أصبحت بارعة جدا ، لقد كنت سعيدة بخدمة والدتي ،وايضا ممارسة عملية لطموحي بان اكون طبيبه.
     و أمسكت ، سحر بقلم ذهبي ، وكتبت بيتا من الشعر
‏وتشابَكَتْ عندَ اللقاءِ أصابِعي
لا الأرضُ تحمِلُني..ولا نبضي معي
لا شيءَ إلا الارتباكَ أُحِسُّهُ
وكأنني كلِّي أذوبُ بأجمعي
ذات ليلة وايضا ،مثل هذه الليلة الشتوية الباردة، سمعت صوتا ينادي على شقيقي، من خلف الباب ,فذهبت لفتح الباب ،ولا ادري ،ما الذي حملني أن اترك والدتي ،واذهب إلى مصدر الصوت، وفتحت الباب ،فاذا هو صديق اخي ، وسرت رعشة فى جسدي ،لم نتحدث بل تركنا لغة العيون هي التي تتحدث بدلا عنا.
توقدت في قلبي الصغير شرارة ،وكبرت وأصبحت تلك الشرارة هي أول شرارة حب تنبض من قلبي الصغير ،وغدا نكمل الحكاية …..انتظروني
اختكم  سحر عبدالله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى