الإرتقاء الأكاديمي ومشاركة المعرفة لتحقيق التميز التعليمي “التطور المهني والتعلم المستدام”
بقلم أ/ شيرين يحيى
في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم اليوم أصبح التطور المهني والتعلم المستدام ضرورة لا غنى عنها لأي معلم يسعى إلى تحقيق التميز في مجاله حيث يعد التطور المهني حجر الأساس الذي يبني عليه المعلم قدراته الأكاديمية والوظيفية، ويعزز من أدائه داخل الفصل وخارجه. إذ لا يقتصر الأمر على تحسين المعرفة والمهارات، بل يتعدى ذلك إلى ابتكار استراتيجيات جديدة تسهم في تطوير التعليم ككل.
فالارتقاء بالمستوى الأكاديمي والمهني يبدأ بالحصول على مؤهلات علمية متخصصة حيث تلعب دوراً مهماً في تعزيز كفاءة المعلم وتمكينه من أداء مهامه التعليمية بشكل أفضل ، فالشهادات الأكاديمية المتقدمة والدورات التدريبية المتخصصة تفتح آفاقاً جديدة للمعلم، وتتيح له فرصاً أكبر في تحسين جودة التعليم والأثر الإيجابي لهذه المؤهلات يظهر جلياً في نتائج الطلاب وتقدمهم الأكاديمي حيث يكون المعلم قادراً على تقديم مواد دراسية مدعومة بأحدث الأساليب التربوية.
لكن المؤهلات العلمية وحدها ليست كافية فالمعلم الناجح يدرك أن التطوير المهني الذاتي هو ما يمكن أن يحدث الفارق الأكبر في أدائه فيقوم بوضع خطة تطوير مهني تعتمد على تحليل الاحتياجات الوظيفية باعتبارها خطوة أساسية نحو تحقيق التميز. و قد تشمل هذه الخطة حضور دورات تدريبية متقدمة، والمشاركة في ورش العمل المتخصصة، أو متابعة آخر الأبحاث العلمية في مجاله ، وبالتالي فهذه الجهود لا تنعكس فقط على تحسين الأداء الفردي للمعلم، بل تسهم أيضاً في رفع مستوى الأداء المؤسسي خاصة إذا كانت الخطة تعتمد على الاستمرارية والتقييم الدوري لتحقيق نتائج ملموسة.
و كذلك التعلم المستمر والاطلاع الدائم على أحدث التطورات في التخصص هما ما يميز المعلم فالقراءة سواء كانت من خلال الكتب أو المقالات العلمية، والمشاركة في الدورات التدريبية تشكل مصدراً لا ينضب للتجديد والتطوير، فهذا النوع من التعلم المستمر يجعل المعلم أكثر قدرة على مواكبة المتغيرات، ويضمن أنه يقدم لطلابه أفضل ما يمكن تقديمه. وهنا يتجلى التأثير الإيجابي على الأداء الوظيفي للمعلم خاصة عندما ينعكس هذا التطوير على نتائج الطلاب وتفاعلهم مع المواد الدراسية.
بالإضافة إلى التقنيات الرقمية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من عملية التعليم الحديثة لذا فتطوير المهارات الرقمية يعد جزءاً مهماً من التطور المهني للمعلم كالحصول على شهادات تقنية متخصصة وتمكين المعلم من استخدام الأدوات التكنولوجية المتطورة في العملية التعليمية يسهم في رفع مستوى التفاعل مع الطلاب، ويعزز من فهمهم للمواد المقدمة ،و هذه المهارات الرقمية تتيح للمعلم الاستفادة من موارد التعلم الإلكتروني، وإعداد دروس تفاعلية أكثر فعالية وتأثيراً.
أضف إلى ذلك مشاركة المعرفة التي تعد عنصراً أساسياً في تطوير أي مجتمع تعليمي، فالمعلم الذي يشارك زملاءه المعرفة والخبرات المكتسبة يسهم في تعزيز القدرات الجماعية للمؤسسة التعليمية سواء كان ذلك من خلال المشاركة في لجان مهنية محلية أو دولية، أو من خلال تنظيم ورش عمل داخل المدرسة، فإن تأثير هذه المشاركات يكون واضحاً على مستوى تحسين أداء الجميع فالمعرفة لا تكتمل إلا عندما تُشارك، وهنا تبرز أهمية التعاون بين المعلمين لتبادل الأفكار والممارسات الناجحة.
علاوة على ذلك المشاركة في المؤتمرات والملتقيات العلمية تتيح للمعلم فرصة التواصل مع خبراء في مجالات مختلفة، وتبادل الأفكار حول أفضل الممارسات التعليمية مثل هذه المشاركات لا تقتصر على تعزيز معارف المعلم، بل تساهم في بناء شبكة مهنية قوية تمكنه من متابعة آخر المستجدات في مجاله و يعتبر إعداد ونشر البحوث العلمية هو الآخر يعد وسيلة فعالة لنقل المعرفة وتبادل الخبرات مع المجتمع الأكاديمي على نطاق أوسع كنشر مقالات أو بحوث في مواقع إلكترونية متخصصة يعزز من مكانة المعلم كمصدر موثوق للمعرفة، ويسهم في تحسين جودة التعليم.
ختاماً فالتطور المهني والتعلم المستدام هما الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها المعلم لتقديم أفضل ما لديه من خلال الارتقاء بالمستوى الأكاديمي والمهني، ومشاركة المعرفة مع الزملاء مما كان له الأثر في تمكين المعلم من إحداث فرقاً حقيقياً في مسيرته التعليمية، ويكون قدوة لطلابه وزملائه على حد سواء فعندما يكون المعلم شغوفاً بالتعلم المستمر ومتابعة أحدث التطورات، فإنه يضمن تقديم تعليم متميز ومواكب للتحديات الجديدة مما ينعكس بشكل مباشر على جودة التعليم ومستقبل طلابه.