قصة نجود

من قصص الواقع

✍️ د. فايل المطاعني :

لست وحدك تُقاوم هذه الحياة!
الجميع يحمل بداخله ذلك الضجيج الصامت
فايل المطاعني . 

لم تضيع نجود الوقت ،حال رجوعها من المستشفي إلى بيت ابنة عمها منى وفي اليوم التالي ،طلبت من ابنة عمها مرافقتها إلى بلدة علي ،لتقديم واجب العزاء لعائلة علي ،لم تمانع منى ولا ابنة خالتها عبير ،فهما يطبقن قاعدة الواحد للكل ،والكل للواحد ، نهضت نجود مبكرا ،وهي تستعد إلى الذهاب الى العزاء ، لأول مرة تجد الطريق الى بلدة علي مختلف ، ليس به الحياة ، وعند دخولها القرية ،بكت ،لقد وجدت رائحة علي في كل مكان ، فهذه المدرسة الابتدائية التي درس بها علي ،وتلك التي بالجوار ، الاعدادية و الثانوية ونظرت إلى البعيد حيث الأشجار الخضراء والظلال الوارفة ،وبكت بشدة تلك هي مزرعة والد علي، وصرخت فجأة قائلة لعبير : قفي
وتوقفت عبير أمام ،بيت قديم مهترئ ،ونزلت نجود تتلمس جدران ذلك البيت .وهي تبكي وتقول :,هنا ولد علي في هذا البيت .لقد ارسل لي صورة ذات يوم وهو يضحك ويقول : هذا البيت القديم ،هو البيت الذي ولدت فيه .
ووصلت إلى مجلس العزاء ،تقدم خطوة وتاخر خطوة اخري،كان المكان كئيب يكتم الأنفاس وصوت بكاء النساء ، يصم الاذان ،و نجود في حيرة ، ماذا تفعل فهي لا تعرف احد في ذلك المجلس وليس لديها صورة لوالدة علي ،وهي بهذا التردد ،سمعت صوتا يخاطبها قائلا :اهلا وسهلا بكم ،انتم من مسقط أليس كذلك ، نظرت نجود إلى مصدر الصوت فوجدت فتاة في نفس عمرها تقريبا، تقول لها :انا ابنة خالة المرحوم علي ،وتلك والدتي ،واشارت إلى امرأة تجلس في صدر المجلس ،والتفت يمين قائلة : اما والدة علي خالتي فهي هناك في اخر الزاوية محاطة بالنساء ،وحاولت أن تبتسم ولكن الدموع غلبتها ،فقالت نجود لنفسها :,يبدو أن هذه الفتاة مثلي ، ويبدو أن علي كان يعني لها الكثير وليس فقط مجرد ابن خاله؟.
اتجهت نجود وصديقاتها خلف الفتاة حيث تجلس والدة علي ،وكلما اقتربت نجود من والدة علي تتكون صورة علي أمامها وقبل أن تصل رأت وجه علي يبتسم ومد يده إليها وهو يسلم ويبتسم ويقول لها :انظري يا حبيبتي الخضرة في كل مكان وانظري إلى ثيابي أنها ناصعة البياض،هل رأيت شعري أليس جميلا ، و ضعت يدها على فمها لكي لا تبكي ،فقال لها علي والإبتسامة على وجهه لا تبكي يا طفلتي ،هيا تعالى معي، الجنة ستكون جميلة وانت معي وتوقفت فجأة نجود عن السير ،وكان ورائها ابنة عمها منى ،مسكت منى بيد نجود ،وضغطت عليها بقوة لكي، تكمل السير نحو ،والدة علي ،وبعد أن سلمت عليها ، حضنتها فترة طويلة وجلست بجوارها ،وكانها تري فيها حبيبها علي. في تلك الأثناء ،يتصل محمود زوج منى. محمود والغضب يتطاير منه :اين انت ، لقد بحثت عنك في المنزل فلم أجدك؟ منى بلا اكثراث :لدينا عزاء ، محمود بفرح شديد :هل مات أباك ،نعم مات ،لقد ترك لك أموالا طائلة ، سوف نكون اغنياء ،اغنياء….. صرخت منى في وجهه قائلة: والدي لم يمت لا يزال على قيد الحياة ، صحيح هو طريح الفراش ،ولكن لا يزال حيا يرزق . اصيب محمود بالاحراج الشديد ،وقبل أن يعتذر أغلقت منى الهاتف في وجهه ،ورجعت من الخارج ،لتجلس بجوار ابنة عمها حز في نفسها ،بان تتزوج من شخص اناني اتكالي لا يهمه الا مصلحته ،وعندما رفض والدها زواجها ،ذهبت الى المحكمة وتزوجت هناك دون علم والدها مما سبب له جلطة لم يتعافي منها إلى الان ،وبدات الأمطار السوداء تتجمع أمام عيناها،و تنهمر ولم تستطيع أن توقف تلك الأمطار الهادرة ،فبكت وبكت نجود وايضا عبير وابنة خالة علي و والدة علي والكل يظن أن منى تبكي على حزن على ، علي

Related Articles

Back to top button