سكة سفر 2
قصة قصيرة
✍️ سعاد حسني :
وبينما أنا سارحة بخيالي سمعت صوت ضجيج داخل القطار حيث وجدت بعض الشباب يتشابكون مع شباب مثلهم، َ ويتلفظون ألفاظا بذيئة، ويتبادلون الشتائم و الإهانات. وكم من مصلح أراد أن يتدخل بينهم ويحاول أن يصلح، ولكن دون جدوى. العصبية تحكمت، والمشاعر فلتت. َلا أحد بينهم يريد التنازل
أمام الأخر دون رحمة، ولا هوادة.
وعندما سألت عن السبب كان الرد صاعقة بالنسبة لي. وهو أن أحد الشباب ناد على الأخر فقال له ( أنت يا عم) وهذه الكلمة كانت بداية الشرر. وأخذت أسأل نفسي : ألهذا الحد تحكمت فينا العصبية؟ ألهذا الحد تخلينا عن وقيامناوأخلاقنا؟ “وبدأنا نتشاجر
ونتشابك على أتفه الأسباب. وسار القطار وتخطى محطة تلو الأخرى وإذا بسيارة موتى تحمل ميتا وورائها لفيف من السيارات وداخلها أناس يملؤهم الحزن، ويعتريهم الأسى، وبعض النساء لا تظهر وجوههن من الدموع المنهمرة، والنفس الضائعة. والكل فى ذاك الوقت لا يتذكر للميت إلا العمل الطيب – أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم _ ونسوا كل فعل أو قول مسىئ منه. وفى هذه اللحظة لمحت طائرة فى السماء عليها رمز وعلم السعودية، وفرحت بها كثيرا؛ للهفتي إلى السفر لأرض الحجاز، وأزور بيت الله الحرام، وأقبل قبر رسول الله( صلى الله عليه وسلم). وأغسل ذنوبي ودموعي تكسوني طهرا ونقاء، ودعوت إلى الله أن يستجيب لي دعوتي ويتقبلني عند بيته في عام الحج القادم. وعند هذه اللحظة الجميلة – دعوتي لله _ فقت من خيالي، َونظرت حولي لأتلمس واقع الحياة. فهمت جيدآ أن حياتنا على اختلاف الأماكن والأزمنة،والمواقف والأحداث ما هى إلا سكة سفر.