لا تكن مغروراً
✍️مسفر محمد السعدي – الرياض:
المغرور كائن ينظر إلى الخلق من مكان مرتفع فيراهم صغاراً و لا يعلم أنهم لايرونه .
دائماً ما تجد المغرور يفرض رأيه بأنه على صواب و هو المحق في كل شيء و لو وقف الجميع ضده و خالفوه في الرأي , يخطو بزهو و لا يعترف بالرأي الآخر , يعاني من نقص الثقة فيكمله بالتعالي على الآخرين.
و يقال أيضاً أن المغرور ديك يعتقد أن الشمس تشرق كل صباح لكي تستمتع بمهارته في الصياح . أو كالطاووس الذي يزهو بريشه الناعم الطويل الذي لا يساعده على الطيران.
فى كثير من الأحيان يكون السبب الرئيس لإصابة هذا الشخص المغرور بهذا الداء هو عقدة نقص عنده أو شعوره بأن الآخرين لا يلتفتون إليه بالرغم من إنجازاته. الشخص الذى يدعى أنه خارق للعادة فى الغالب يحاول إخفاء نوع معين من الضعف عن طريق إظهار نفسه و كأنه ليس به أى عيوب. إذا فالغرور و العجرفة قد لا يكون إلا محاولة
للتعويض عن نقص يشعر به.
و قد أوصانا ديننا الحنيف بعدم الغرور في قوله تعالى
(وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ )
و كان قدوتنا و حبيبنا رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم فعلى الرغم أنه صعد إلى السماء السابعة و كلم الله و صلى بالأنبياء و الرسل في المسجد الأقصى و كان يحكم الجزيرة العربية و أصحابه يفدونه بأنفسهم و مالهم و هزم كفار قريش و هزم الروم فلم يغتر و لم يعتد بنفسه و لم يزده ذلك إلا تواضعاً فيذكر في السير عند فتح مكه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يغرَّه النصر على عِظَمه، ولم يُصِبْه ذاك الفتحُ المبين بكِبْرٍ، وحاشاه من ذلك، فلم يدخل مكة دخول الفاتحين المتغطرسين، بل كان خاشعًا لله شاكرًا لأنعمه، حتى إنه كان يضع رأسه ويُطأطئها؛ تواضعًا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن شعر لحيته ليكاد يَمَسُّ واسطة الرَّحل.
و قد ذكر في أحاديث كثيرة كان يثني صلى الله عليه و سلم على التواضع و منها;
عَنْ أبي هريرة رضي اللَّه عنه أَن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: « ما نَقَصَتْ صَدقَةٌ من مالٍ، وما زاد اللَّه عَبداً بِعَفوٍ إِلاَّ عِزّاً، ومَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ » رواه مسلم.
– عن أَنس رضي اللَّه عنه أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبيانٍ فَسَلَّم عَلَيْهِم وقال: كان النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَفْعَلُهُ. متفقٌ عليه.
– عنه قال: إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِن إِمَاءِ المَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيثُ شَاءَتْ. رواه البخاري.
و قال الشاعر الكبير سعد بن جدلان في قصيدة جميلة و منها بيتين في ذم الغرور ;
يا ابن ادم يلعن الله مختال فخور
من تواضع تحت ربه يعليه ادرجه
لجل ماتدخل جهنم على شان الغرور
للعرب حاول تواضع وتعطيهم وجه