عبرة الموت

✍️  سعاد حسني :

يقول الله سبحانه وتعالى ” قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون” صدق الله العظيم

هكذا نستكمل حديثنا عن العبر المأخوذة من الموت،وكيف أن الإنسان يوضع فى صندوقه، وكما قلنا ياله من منظر رهيب.
فالإنسان فى هذا المكان مجرد
من أمواله، مجرد من مكانته بين
الناس، مجرد من أقاربه وأحبابه، وقبل كل ذلك مجرد من ملابسه، ويرجع كما ولدته أمه.وهنا يحمل على الأكتاف والناس يسيرون به، والكل فى هذا الوقت ينطقون وفى وقت واحد دون معلم، ودون ملقن ( لا إله إلا الله)،. كلمة التوحيد التى تحي النفوس وتطهر الأبدان، وتريح القلوب. ويستمر الوضع هكذا إلى أن
يصل الميت إلى المرحلة قبل
الأخيرة ويدفن فى تربته، فى مقره الأخير، فى المكان الذي يتركوه فيه أهله، وينصرفون عنه ، ويصبح وحيدا دون أهله
دون أصحابه، دون أحبابه، ولا أى
مخلوق كان له علاقة به فى الدنيا. وفجأة تنفجر المشاعر، وتنهمر الدموع مثل المطر، وتتدفق الأحزان مثل السيول. فالكل فى مشهد عجيب وغريب، تلقائيا، دون سابق إنذار لايريدون أن يتركوه وينصرفوا، بل يكادون أن يأخذوه معهم ويرجعون به مرة أخرى. لكن هيهات وهيهات لقد أسدل الليل ستائره، وانتهت الأمنيات، وتهدمت الرجائات، فقد أصدر القدر كلمته امتثالا لأمر ربه، واسترد الله وديعته. ليصل
القطار إلى محطته الأخيرة. فبعد
أن دفن الميت، وأغلق عليه قبره
وانفصل عن الدنيا تماما، أحبابه
يقفون ويدعون له سنة عن الرسول (ص)، وتلبية لأمره ( عليه الصلاة والسلام) فالدعاء
للميت يهون عليه هول قبضة القبر، وعذابه، وفزع الوقف الذى
يقف فيه أمام الملائكة حين يسئلونه أصعب ثلاثة أسئلة ( من ربك؟ _ من رسولك؟ _ ما دينك؟) ثم تنتهى الرحلة ويا لها من رحلة شاقة صعبة حزينة مفعمة بالأوجاع والأسى،. فينصرف الناس عن الميت، ويتركونه وحده فى قبره ولا يبقى له صلة بالدنيا إلا عمله، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به. وهنا نقف أمام حقيقة ثابتة ألا وهى ( الموت عبرة لمن يعتبر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى