جدل واسع في مصر بشأن إلغاء “تكليف الأطباء”.. ما حقيقة ذلك؟
القاهرة – وكالات :
أثارت منشورات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بشأن إلغاء التكليف الحكومي لخريجي الكليات الطبية، جدلا واسعا خلال الساعات الأخيرة، وسط تساؤلات عن حقيقة ذلك.
الجدل جاء على وقع التنويه الذي أصدرته نقابة العلاج الطبيعي، لتحذير طلاب الثانوية العامة قبل الالتحاق بالكليات الطبية والتي تشمل “أطباء بشريين، وأطباء أسنان، وعلاج طبيعي، وصيدلة، وتمريض”، مؤكدة أن وزارة الصحة المصرية قررت أن تكليف الخريجين “لم يعد إلزاميا، بل وفق احتياجات سوق العمل”.
ويقصد بتكليف خريجي الكليات الطبية في مصر، أي تعيينهم في المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية مباشرة عقب التخرج وقضاء “سنة الامتياز”.
ويمنح القانون المصري منذ ما يزيد عن 50 عاما، الحق لوزارة الصحة في تكليف خريجي الكليات الطبية بشكل إجباري، للعمل في المستشفيات الحكومية، أو الوحدات التابعة لها، لمدة سنتين، مع إجازة تجديد التكليف لمدد أخرى.
في هذا الصدد، كشف نقيب الأطباء المصريين، أسامة عبد الحي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن اللجنة العليا للتكليف في وزارة الصحة قررت عام 2022 أن يكون تكليف خريجي الكليات الطبية “وفقا للاحتياجات” أي العجز في المستشفيات والوحدات الصحية، بداية من عام 2025.
وقال نقيب الأطباء إن “هذا الأمر لا ينطبق على الأطباء البشريين؛ إذ أن هناك نقصا في الأعداد المطلوبة من الأطباء للعمل بالقطاع الحكومي سواء مستشفيات وزارة الصحة أو المستشفيات الجامعية، أو التابعة للجهات الرسمية المختلفة، وبالتالي تكليف الأطباء مستمر بصورته الحالية”.
وأشار إلى أن “أزمة التكليف” تظهر بصورة أكبر في نقابات “الصيادلة وأطباء الأسنان والعلاج الطبيعي”، خاصة بعد زيادة عدد الكليات لهذه التخصصات بما يفوق احتياجات البلاد.
ووفق دراسة حكومية أجريت عن احتياجات مصر من الأطباء البشريين حتى عام 2025، فإن معدل الأطباء في مصر يبلغ 8,6 طبيب لكل 10 آلاف مواطن، في حين يبلغ المعدل العالمي 23 طبيبا لكل 10 آلاف مواطن.
وأضاف عبدالحي: “هذا يعني أن هناك نقصا كبيرا في عدد الأطباء، وبالتالي الاحتياج لتكليف الأطباء لا يزال قائما”.
وحينها أوصت تلك الدراسة الحكومية، بضرورة العمل على زيادة عدد الطلاب الذين يتم قبولهم بكليات الطب البشري بالجامعات الحكومية والخاصة عن 10 آلاف طالب سنويا، بما لا يتعارض مع إمكانيات الكليات والمستشفيات الجامعية في توفير مستوى جيد من التعليم الطبي.
التمريض.. وعجز الأعداد
ينطبق هذا الأمر على أعداد العاملين في التمريض بمصر، إذ أكدت نقيبة التمريض كوثر محمود، أنه “لا استغناء عن تكليف التمريض”.
وأوضحت أن عجز التمريض يقدر حاليا بنحو 75 ألف ممرض وممرضة في محافظات الجمهورية، في حيث يتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2030 تزامنا مع تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بالمحافظات كافة، مشددة في الوقت ذاته على أن قرار وزارة الصحة الخاص بأن يكون التكليف وفقا للاحتياجات الصحية لا يعني إلغاء تكليف خريجي التمريض.
بدوره، أشار النقيب العام للعلاج الطبيعي، سامي سعد، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن “التكليف لم يعد إلزاميا للجميع، وأصبح حسب الطاقة الاستيعابية طبقا لاحتياجات المستشفيات سواء التابعة لوزارة الصحة أو الجامعية أو المستشفيات العسكرية”.
وأشار إلى هذا التغيير في تكليف الخريجين جاء بناء على اتفاق بين وزير الصحة المصري خالد عبدالغفار، مع النقابات الطبية ولجنة الصحة بمجلس النواب بعد تزايد أعداد خريجي بعض الكليات الطبية دون وجود أماكن شاغرة لتكليفهم بالعمل، متابعا: “هناك نقص في أعداد الأطباء البشريين والتمريض وهذا يتيح حرية في تكليف عدد أكبر طبقا لاحتياجات سوق العمل، على عكس الواقع في أعداد الصيادلة على سبيل المثال”.
وأوضح سعد أن عددا كبيرا من الأطباء يسافرون للعمل في الخارج سواء في الدول العربية أو الأجنبية، وبالتالي تضطر وزارة الصحة لتكليف الأطباء كافة لسد العجز في المستشفيات، لكن على الجانب الآخر، ارتفع عدد الكليات بصورة كبيرة مؤخرا لا يتناسب مع المعايير الدولية، مما ساهم في زيادة كبيرة في أعداد الخريجين، محذرا من “بطالة حقيقية” في غضون 5 سنوات من الآن.
وبيّن مصدر مطلع بوزارة الصحة المصرية، لـ”سكاي نيوز عربية”، أن قرار تكليف خريجي الكليات الطبية وفقا لـ”الاحتياجات” يرجع إلى توافق جرى بين الوزارة مع النقابات الطبية المهنية، وأعضاء بارزين بمجلس النواب، وكافة الجهات المسؤولة منذ أواخر العام 2022.
وأوصت اللجنة العليا للتكليف في هذا التوقيت، بأن يكون تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض والفنيين الصحيين والفئات الفنية المساعدة، طبقا للاحتياجات الواردة من الجهات الطبية الرسمية اعتبارًا من بداية عام 2025، مع عدالة التوزيع الجغرافي بكل المحافظات.
وشدد المصدر على أنه “لا إلغاء بشأن كامل لنظام التكليف في مصر، بل فقط تحديد للأعداد المطلوبة حتى لا يكون زيادة في التخصصات المختلفة فوق حاجة المستشفيات، ما يمثل عبئا على القطاع الطبي”.