لا تخسر كل شيء، من أجل شيء
✍️ صالح الريمي :
من تجاربي لمست حقيقة أن “الخطأ لا يصحح بالخطأ” إذ أن “خطأ + خطأ = خطأ بالضرورة”، والغضب في كلّ الاعتبارات هو خطأ، ولن يكون أبدًا حلًا جيدًا، وليس تصحيحًا مقبولًا لخطأ مقابل خطأ، وكل ما هو مطلوب تجاوز الخطأ بلحظة صبر وفعل معاكس جميل..
إذا وصلتك رسالة تغضبك، لا ترد مباشرة، وتأخر في الرد عليها إلى الغد، بعد يوم ستجد نفسك ترد عليها ردًا حكيمًا، أو أنك سترى أن الرسالة تافهة لا تستحق الرد، ومن باب أولى لاترد على أي تصرف مباشرة!
“لا تخسر كل شيء من أجل شيء واحد”، من هذه القاعدة ننطلق مع قصتنا التي أنقلها بتصرف مني، حيث تقول صاحبتها في بداية حديثها أنا امرأة متزوجة ويحصل بعض الخصام كما هو حال كل الأزواج، فلا يوجد بيت خالي من المشكلات، ويوم من الأيام اشتد الخلاف بيننا وفي لحظة غضب قلت لزوجي: “يا ليتني لم أتزوجك”!.
توقعت أنه سيصرخ أو سيقوم بتعنيفي، لكنه صمت برهة مت الزمن ثم خرج من البيت بكل هدوء، وعاد بعد ثلاث ساعات، دخل دون كلام وأصبح من هذا اليوم صامتًا لا يحدثني بشيء من أمور البيت ولا في بعض المشكلات التي تحصل.
حاولت مرارًا أن أتكلم مع زوجي واعتذر له لكن مازال صامتًا، فمنذ عودته تلك الليلة أحسست أني متزوجة برجل أخر، رجل ليس مثل زوجي السابق يتكلم ويمرح ويمزح ويلعب معي، حتى أنني أحسست أن هذا ليس زوجي..! طوال اليوم صامت، لا يتحدث، لا يطلب، لا يفرح! لا يغضب! لا يناقش! لا يجادل! فقط يقوم بواجباته المنزلية لاغير..
لقد مرت أربع سنوات على هذه الحالة، أصبحنا نعيش في بيت كالاشباح لا نكلم بعضنا إلا للضرورة القصوى، وفهمت متأخرًا ما معنى أن تخرب بيتك بكلمة واحدة عندما قلت لزوجي، “يا ليتني لم أتزوجك”، لقد جرحت كبرياء زوجي وهدمت كل الإحترام الذي، كان بيينا بهذه الكلمة، ومن بعدها خسرت نفسي وخسرت بيتي، وخسرت زوجي وخسرت سعادتي.
*ترويقة:*
عشت كثيرًا حتى اقتنعت أن الاستمرار في عتاب الناس متعب جدًا، وتجاوز الأخطاء راحة للبال، والتجاهل صدقة جارية لمن لا يفقه أدب الحوار واحترام النقاش وتقدير الاختلاف، فكثرة النقاشات تستهلك طاقتك جسديًا وعقليًا، لذلك تعلمت كيف لي أن أنسحب من النقاشات السخيفة التي لا تأتي بنتيجة، فلم اعد أهتم كثيرًا بمن خالفني، ولا اعاتب أحدًا مهما كانت الظروف.
*ومضة:*
انتقوا كلماتكم جيدًا مع من تحبون، حتى عند الخلاف، لا نغضب، لا نجرح، لا نعف، لا نشتم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس الشديد بالصرعة بل الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب”.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*