الذكريات

جريمة على شاطئ العش" الفصل الخامس عشر"

✍️ د. فايل المطاعني :

نعم انا زوج بارع ولكني عاشق فاشل.
( غازي بن محمد)
جلس الدكتور غازي على الأريكة البيضاء التي تتوسط مكتبه، الفخم وأخذ يردد بصوت أشبه إلى الهمس: سوف أخذ غفوة ريثما يأتي المحاسب علي يطلعني على أخر أخبار السلفة التي نطلبها من البنك، ورفع صوته قليلا و هو يضرب الطاولة بأصابع يده دلالة على توتره : عبدالعزيز قد وعدني بإعطائي سلفة حال موافقتي على زواجه من منال، ولكنه أخلف وعده وتركني حائر لا أدري ماذا افعل الأموال المفروض نصرفها على تجديد المستشفي وشراء أجهزة جديدة حديثة صرفتها كلها على لعب القمار.
على أساس أعوض الخسارة وإذا بي أخسر مجدد يا لي من مقامر تعس والآن ما العمل؛ لقد خذلني عبدالعزيز ولم يوف بوعده ؛ وتركني عرضة للفضيحة والتشهير والدين أيضآ ؛ والمستشفي على وشك الانهيار، وإن كانت سمعتي كطبيب ماهر ممتازة ولكن أيضا طبيب بلا أجهزة حديثة تساعده لن ينجح في شيء وأخذ يفتش في محفظته عن رقم المحاسب علي . وإذا به تصطدم يده بصورة قديمة قد حشرت في محفظته كأنما يحمل ذكرياته وكانت الصورة تجمعه بفتاة في بداية العشرينيات من عمرها كانت ذات شعر اسود طويل وذات عينان واسعتين ولون خديها يحاكي الشمس لحظة غروبها يستلقي الدكتور غازي على الأريكة الوثيرة وألقي برأسه إلى الخلف وأخذ ينظر الى الصورة التي أخذت له في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي وفي لبنان كان كل عام يقضي الصيف في مدينة طرابلس،عند خالته ، وأخذ يتأمل الصورة مليآ؛ وكانت الضحكات تجمعه مع ليلي عزالدين وهما في قارب يتجولون قرب قوس النصر اللبناني متجهين إلى مغارة جعيتا وأخذته الذكريات إلى المزيد من المشاهد التي لم تختف رغم تقدمه بالعمر كانت بيروت في تلك الايام مقصد عشاق الحياة وطلاب ملذاتها. وكانت مهرجاناتها من اجمل المهرجانات وخاصة التي تقام للسيدة فيروز في بيت الدين وايضا مهرجان بعلبك التي تستضيف مطرب المهجر طوني حنا وأخذ يتذكر شارع الحمراء والسهرات الليلية، الى الفجر ؛ ومع رفيقته الصيدلانية ليلي عزالدين التي تعرف عليها عندما كان في مدينة زحلة عاصمة البقاع يتجول وعرفت أنه خليجي و والدته لبنانية.
ومنذ تلك اللحظة أصبحت مرشدته في لبنان كانت أجواء لبنان اجواء الحرية وفيها صخب و هناك الحياة ممتعة فكان كل صيف يذهب إلى لبنان، ويلتقي مع حبيبته بشارع الحمراء ويكون في ضيافتها حتى مغادرة لبنان.
وضحك وهو يتذكر عندما أوقفته دورية للجيش اللبناني يمشي مع حبيبته على جسر البردوني وسلموا للدرك★ اللبناني الذي أعادهما إلى زحلة وبعدها ظهر تكدر فجأة على تقاسيم وجه فلقد أخذته الذكريات الجميلة بعيدا وقال:الله يسامحك يا ليلي لو اخذت بنصحتي واجهضتي الحمل لكنت الآن معي ولم اضطر إلى الهروب منك ،لقد أجبرتيني على الهروب من لبنان بأكمله.
ولكنك تمسكتي برايك ولم تجهض الطفل كنت تقولي:أريده لكي يذكرني بك وكنت مستحيل أقبل أن يكون الطفل حيا نعم أدري لقد ارتكبت حماقة وأنانية ولكن كنت شابآ طائش واخذتني سكرة الحب ومتعته .
وفي أقل من ساعة كنت قد حجزت تذكرة لمغادرة لبنان والرجوع إلى عمان ولكن مهلا لم تنته الحكاية فقد أبرقت لي برسالة تقول فيها لقد هربت منى ولكن لن تهرب من ابنتك أو ابنك،وفعلآ لم أرتح منذ ثلاثين سنة ، وأنا أتعذب وابحث عنك لكي أعتذر لك ولا أعلم هل أنجبت ولدا أو بنتا أم لم تنجبي أو ان الطفل قد فارق الحياة ولكن منذ سنة
و اعتدل الدكتور غازي في جلسته وقال بصوت أشبه بالعزف على معزوفة حزينة: منذ عام تعرفت على دكتورة شابة تقريبا مقاربة لسن ابنتي منال.
لا أدري ماذا أقول،ولكنني أنجذبت إليها هناك شيئآ ما جعلني أنجذب إليها
لا أعلم ماهو ثم وضع نظارته الطبية الأنيقة فوق الطاولة الزجاجية، وأضاف قائلآ:هي تشبه ابنتي والغريبة لديها نفس الشامة التي لدى ابنتي وأيضا في خدها الأيسر ،وهذه الشامة موجودة لدي و وضع يدها على ذقنه قائلا وبصوت هامس:يا تري ما حكاية تلك الفتاة اظن اسمها كان هادية أو هداية أو…… نعم تذكرت اسمها هدى
الدكتورة هدى يا تري ماحكاية تلك الفتاة معي هل هي مراهقة الستين ههههههه؟
ونظر إلى ساعته وقال بتأفف: أين المحاسب علي ألم ينته من اجتماعه مع أعضاء البنك
ونظر إلى التاريخ وقال:اليوم عيد ميلاد زوجتي سوف أذهب إلى سوق مطرح ★ لإحضار هدية مناسبة لها؛ فأنا كل عام أحتفل بعيد ميلادها وقال ضاحكآ:أنني زوج رائع وحين تذكر حبيبته ليلي أضاف قائلآ والحزن يغلف وجه و يعيد الصورة إلى محفظته ولكنني عاشق فاشل.
يتبع . ★الدرك :الشرطة اللبنانية ★:سوق تقليدي شهير جدا في سلطنة عمان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى