ظننت أن موعد سفري غدًا

✍️ صالح الريمي : 

عندما كنت مقيمًا في تركيا، ذهبت إلى مطار إسطنبول الدولي لإستقبال أحد الشباب من مملكة البحرين الشقيقة، لكن عند وصولي المطار اتصلت به سائلًا أين أنت الآن؟ هل وصلت مطار إسطنبول الدولي؟ فاذ به يفاجئني قائلًا: أنا مازالت في مملكة البحرين!! فقلت له ولماذا لم تسافر بعد؟ أليس اليوم موعد سفرك إلى تركيا ووصولك حسب التذكرة المرسلة إليّ مسبقًا مطار إسطنبول؟.
فقال لا لا لا.. غدًا إن شاء الله موعد وصولي إلى تركيا! فقلت عفوًا راجع تاريخ تذكرة سفرك، بعد حين من الوقت أتصل بي قائلًا: كلامك صح اليوم هو موعد وصولي إلى مدينة إسطنبول وليس غدًا، وسبحان الله أنا مرتب نفسي وشنطتي ظنًا مني أن موعد سفري غدًا وليس اليوم، وما انسانيه إلا الشيطان، والحمدلله على كل حال.

*أرسلت له هذه الرسالة:*
“أقول لك قدر الله وماشاء فعل، ولعله خير، بل والخير كل الخير ما أختاره الله لك والحمدلله على كل حال، ربما صرف الله عنك شيئًا بعدم سفرك، أو ربما تأخير السفر كان لمصلحة لك في مملكة البحرين يستوجب تواجدك فيها، أسأل الله أن يعوضك الله خيرًا عن ذهاب تذكرته”..
النسيان بالرغم كونه صفة نقص للإنسان إلا أنه نعمة كبيرة من نعم الله على الإنسان، وهي صفة إيجابية أودعها الله في النفس البشرية، ولهذا سمي الإنسان إنسانًا لكثرة نسيانه، وخاصة نسيانه بعض ملمات الحياة ومنغصاتها ومشكلاتها.

النسيان بإيجابياته وسلبياته وهو مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية في حالة إصابتنا بالمصائب والأوجاع والشدائد والابتلاءات، ولما أودع الله فينا الخطأ والنسيان، رفع الله عننا المؤاخذة بهما، مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»..
ومهما تعرضنا للبلاء وتكاثر الهموم أحيانًا قد نصل إلى قمة الحزن من شدة الألم، فيسيطر علينا شعور بأن مصابنا لا تخطر على بال ولم يمر به أحد غيرنا، ولكن بعد فترة من الزمن يذهب الحزن، وتستمر الحياة، ثم تأتي فترات سعادة وقتها يعد حزن الماضي ذكرى، كان بلاء أو ابتلاء، والشعور بالحزن قد تجمد ونُسي، فتلك نعمة من الله عزوجل.

*ترويقة:*
يقول أحد الحكماء:-
لله على الناس نعمتان لا تطيب من دونهما الحياة ولا يهنأ بغيرهما عيش، “النسيان والأمل” فبالنسيان تندمل الجفون القريحة ويخفف الهموم والذكريات المحزنة والضغوط الفكرية، وبالأمل نتفائل بان القادم أفضل.

*ومضة:*
قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا…).

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى