أنين الحنين
أحمد بن محمد بن أحمد زقيل…
ما بين ليلِ تسهدي ومداري
وحدي أجولُ مُسافِرا كالساري
وحدي أمدُّ إلى الظلام أناملي
أتحسسُ الذكرى بلا أنوارِ
وحدي أترجمُ ما يضجُ بأضلعي
ويمزقَُ الأحشاءِ كالمنشــارِ
وحدي وأحزاني أسير وعبرتي
سرعان ما تعدوكنهر جاري
اتصفحُ الماضي .. أُقلِبُ دفتراً
للذكرياتِ يطوفُ في أفكاري
أبتي ذكرتُكَ فاستثارَ تأوهي
خلفَ الضلوعِ كضربةِ الإعصارِ
لمّا فتحتُ مقرك أزدادَ الجوى
و ازداد حرُّ الشوقِ في أشعاري
أبتي أراكَ أمامَ عيني واقفـاً
متوضئاً للفجـرِ في الأسحـارِ
تتلو من الــقــرآنِ آيٍّ طــاهرٍ
مُـتـبـتِّــلا للواحد القهار
وهزيع ليلِكَ بالعبادة عامرٌ
يحيي المساءَ بأجملِ الأذكارِ
فأروحُ استقصي المكانَِ مُفتِشاً
عن شدو صوتك خلف كل جدارِ
حتّى إذا أدلفتُ خطوي عابراً
ودخلتُ أوسط حجرةٍ في الدارِ
سجادةً مازالَ عطرُكَ فوقَها
أشتمُّه متضوعاً بجـواري
رفاً عليهِ مصاحف و زجاجةٌ
من عطرِ عودٍ دونَ أيِّ غبارِ
أبتي.. ملامحُكَ البهيةُ لم تزلْ
وضاحةً كالشمسِ في الأنظارِ
كم طُفتَ في ركبِ الحجيجِ مُلبيّاً
للهِ بين تزاحمِ الزوارِ
وكمِ اعتمرتَ لوجههِ مطّوعاً
مطّوّفاً بالبيتِ في تكرارِ
للمكرماتِ صدىً تردد صوتُهُ
في كل زاويةٍ و كلِّ مسارِ
بيمينِكَ المعطاءِ عشتَ مُبجلاً
بالجودِ دُمتَ كديمةِ الأمطار
قلبٌ رحيمٌ لم يغادرْ عاجزاً
إلا و قد أقــراهُ بالإيثــارِ
فلأنتَ من جعلَ الجمائلَ سُلماً
نحو الرقيِّ بهيبةٍ و وقارِ
ولأنتَ من ربّى بنيهِ على التُقى
متمسكينَ بمبدأِ الأخيارِ
فتعلّموا منكَ الوفاءَ لأرضِهمْ
تبعوا خُطاكَ بمُجملِ الآثارِ
بالدينِ والأخلاقِ والقيمِ التي
كانتْ على دربِ النبيْ المختارِ
فعليكَ تنزلُ رحمةٌ من ربِّنا
فــوّاحةً كنسـائمِ الأزهــارِ
إنَّ الجزاءَ لكُلِّ عبدٍ مؤمنٍ
خيرُ المنازلِ جنةُ الأبرارِ