سِراجُ الأكوانِ
سِراجُ الأكوانِ
شعر : عبد العزيز محيي الدّين خوجة
يا بلادي تلفَّتَ الثَّقلانِ … كبُرَ المجدُ فوق هامِ الزّمانِ
وارتدى الأفقُ هيبةً من يُنادي … ني هلُمّوا هذا السّنا عُنواني
فأنا في ذُرى المَجرّاتِ نورٌ … وسراجٌ لمجملِ الأكوانِ
أيُّ مرْقًى لي صهوةٌ أيُّ فضلٍ … يا لفخرٍ قد هلَّ للإنسانِ
وأنا مَن بيتُ الإلهِ بقلبي … وضلوعي تضمُّه بحنانِ
وذراه العُلا وبنيانُهُ المعْـــــ … مورُ يضفي نورًا على البُنيانِ
ها هنا قبلةُ الوَرى في شِعابي … والأماني في ظلِّها الفَيْنانِ
مِشعَلُ الحقِّ والهدى في يَميني … واستضاءتْ بالمُصطفى أركاني
مَرحبًا ألفُ مرحبًا ردّدتْها … في وهادي أَعلى الذُّرى والمَحاني
وأجابتْها في المدى فرحةٌ نا … لتْ مداها في خافِقي وكَياني
أيُّ يومٍ يا مكَّتي هلَّ بشْرًا … وتباهتْ ساعاتُه والثّواني
يومَ أنْ عانقَ الإلهُ السَّماوا … تِ بأرضٍ .. شَوقانِ يلتقِيانِ
سبَّحتْ في العُلا ملائكةُ الـــ … لَّهِ حبورا للواحدِ الرّحمنِ
وسحاباتُ الخيرِ تهمي ثقالًا … والعطايا تسري إلى الظّمآنِ
وتباشيرُ المُصطفى تتوالى … والسّجايا تَتْرى على أجْفاني
ها هو الفجرُ باسمٌ يتغنَّى … والصّباحُ الوليدُ كالنَّشوانِ
قبّلَ الأفقَ نشوةً في هيامٍ … فعناقٌ يَسيلُ بالتَّحنانِ
ذاك (طهَ) يخطو على جنَباتي … ذاك (طه) يعلو على الأقرانِ
الأمينُ الأمينُ يسطعُ شمسًا … وفلولُ الظلامِ في ذَوَبانِ
يا (محمّدْ) اقرأْ ولألَأَ ضوءٌ … وتعالتْ شمسُ الهدى في العَنانِ
والهتافاتُ مِن مدى الكونِ تتلو … في سماعِ الزّمانِ أحلى البيانِ
ها هو الوحيُ مِن أعالي الأعالي … ها هو النّورُ قد سَرى للعَيانِ
ضمّهُ الوحيُ مرّةً ثمّ أخرى … وتلاقى نورانِ متّصلانِ
يا (محمّدْ) .. أنت الرّسولُ فبلِّغْ … شفتانِ بالوحي تَرتعشانِ
* * *
دَثِّريني .. تلهّفتْ مُقلتاها … دثّرتْه بقلِبها المُتفاني
مسحتْ بالتَّحنانِ جبهتَه من … عرقٍ مسكٍ كانفراطِ الجُمانِ
يا ابْنَ عمِّي .. ودثَّرتْهُ حنانًا … وعيونُ الرِّضا عليهِ حَواني
يا لها مِن عقلٍ لبيبٍ وفهمٍ … شقَّ سِترَ الغيوبِ والأذهانِ
عرفتْ أنَّهُ الرّسولُ بلا ريْــــ … بٍ ومعصومٌ مِن أَذى الشّيطانِ
ذاك وحيُ الإله يأتي و(طه) … سيّدُ الرُّسلِ، خاتِمُ الأديانِ
تلكَ أمُّ الزّهراءِ مَن مثلُها في … قدرِها .. حسبُها رِضا الدَّيانِ
ورفيفُ الملاكِ جذلانُ يأتي … لحبيبِ الإلهِ بالقرآنِ
فتلقّى من ربِّهِ ما تلَقّى … مِن كتابٍ مُنجَّمٍ بالأوانِ
مُحكَمٍ في تبيانِه وفصيحٍ … عربيٍّ مفصّلٍ بالمعاني
* * *
أيُّ خلْقٍ سوى الإلهِ كمالًا … وضياءً يَسري معَ الأزمانِ
أذِنَ اللهُ بالرّحيلِ لحِينٍ … ومضى في دربِ الهُدى الصّاحبانِ
مِن بقاعٍ هي الهَوى لبقاعٍ … هي عندَ الإلهِ أغلى مكانِ
كان في الغارِ رحمةً ثانِيَ اثنيْـ … نِ ويَجلو مكامِنَ الأحزانِ
هجرةٌ بعدَها رِضا وفتوحٌ … ثمَّ عوْدٌ في عزَّةٍ وأمانِ
و(سُراقَهْ)، قدْ هزّهُ الرّعبُ والمُهْـــ … رُ كبا، إذْ ساختْ له حافرانِ
عرفَ الحقَّ ثمَّ عاد بوعدٍ … و(السِّوارُ) حكايةُ الرُّكبانِ
والطّريقُ الطّريقُ يزهو جلالًا … واشرأبَّتْ جبالُه في افتتانِ
ذاك نورُ الكونينِ شعَّ بهاءً … ورمالٌ جذْلى منَ الهيَمانِ
عانقتْهُ الأرواحُ وهْيَ فداءٌ … وتسامى النّشيدُ في الآذانِ
مرحبًا يا خير الوَرى بقلوبٍ … فاض منها معنى الهوى الرّبَّاني
تلكُمُ الأنصارُ الميامِنُ بذْلًا … ووفاءً أهلُ الوغى والطِّعانِ
ثمَّ آخى الرّسولُ بينَ رجالٍ … صدَقوا ما قدْ عاهَدوا بتَفاني
وتجلَّتْ (بدرٌ) فهذا (عليٌّ) … في رحى الحربِ قاهرُ الشُّجعانِ
برقُه يهوي بالمنايا ويَروي … رمحَه مِن مَقاتلِ العُدوانِ
وتراءتْ أرضُ الوغى فإذا (حمـــ … زَةُ) يَسقيها بالنَّفيسِ القاني
تلكَ (بدرٌ) أقمارُها قد أضاءتْ … صفحاتِ التّاريخِ للفُرسانِ
تلكَ (بدرٌ) لم تُبْقِ للكفرِ أرضًا … وانطوى في بئرٍ مِنَ النِّسيانِ
وتلتها (بدريَّةٌ) ثمَّ أُخرى … والصّدى ترجيعٌ لصوتِ الأذانِ
وأنا مَن شقَّ الزّمانَ بنهْرٍ … مِن رجالٍ روَوْا جديبَ المعاني
أيّ (صِدِّيقٍ) في المَلَا كــ (أبي بكْـــ … رِ) المُلِمّاتِ ما لَه مِن ثاني
و(أبو حفصَ) فيصلٌ في يد العــ … دْلِ ِسنانٌ للحقِّ والإِيمانِ
والنَّدى (ذو النُّوريْنِ عثمانُ) يتلو … واللّيالي تُضيءُ بالفُرقانِ
و(عليٌّ) بابُ العلومِ تلَقَّى … سرَّها مِن يُنبوعِها النُّوارني
همْ صِحابٌ للمصطفى، فتحوا الأ … مصارَ أُسْدًا بمُحْكَمِ التِّبيانِ
حيثما ساروا نجمةٌ للحَيارى … حيثما حلُّوا دوحةٌ وأماني
هم سيوفٌ أرادَها اللهُ تَفْري … كلَّ كُفْرٍ في دولةِ البُهتانِ
فتهاوتْ في ذِلَّةٍ وهوانِ … هيبةٌ للطاغوتِ والأوثانِ
يا مناديَّ هل تمثَّلتَ مجدي … في ثنايا التّاريخِ والأوطانِ؟
جئتُ والعزُّ إخوةً في المعالي … وأنا والنُّهى معًا صاحبانِ
وحباني الإلهُ هديَ رسولٍ … فحماني مِن غَدرَةِ الحِدْثانِ
فصلاةٌ مِنَ الإلهِ عليه … كلَّ حينٍ ملءَ المدى والزَّمانِ