مسلسل الرهان هو عودتي القوية الى الشاشة الصغيرة

الفنان الجزائري أيوب عمريش ضيف حوارات رمضانية مع سمير

• حاوره: سمير تلايلف


الفنان أيوب عمريش أهلا بك ورمضان كريم، بداية عودة ميمونة للشاشة الصغيرة بعد غيابك عنها لفترة، لماذا الفنان الجزائري يعيش هذا التذبذب بين ظهور وغياب أو تغييب إن صح التعبير؟


أيوب عمريش: مرحبًا ورمضان كريم مبارك على الجزائريين والأمة الإسلامية كافة، وشكرًا على هذه الإلتفاتة الكريمة منك السيد سمير.
ردًا على الشطر الأول من سؤالك حول عودتي للشاشة الصغيرة بعد طول غياب، في الحقيقة تلقيت عروضًا لكن كانت في أغلبها مجحفة ولا تتماشى مع قناعاتي، أو هي أحيانًا لا تليق بمقامي من الناحية الفنية، إما من حيث السيناريو أو الشخصية والحقوق المادية وما شابه ذلك، لكنني في الواقع لم أنقطع عن الفعل والممارسة، بحيث أنني أنجزت عملاً مسرحيًا، لكن شاءت الأقدار أن تتزامن العروض مع أزمة الكوفيد مما أجبرني على التوقف، لكن سأباشر العروض مع نهاية رمضان بحول الله. كما أنني اعتكفت مؤخرا في كتابة السيناريو، ولدي العديد منها في الفيلم الطويل والقصير والسلسلة ومسلسل في الدراما الإجتماعية، سيكون لبعضها الحظ للتجسيد مستقبلاً إن شاء الله.

أما الشطر الثاني من السؤال حول الغياب أو التغييب فسأجيزه في كلمات قلائل وهي أن القطاع عرف تشكلاً قد يكون سليما لدى البعض ومُشينا لدى البعض الآخر، بحيث أن نزعة الأقارب والأصدقاء والشلة والعصابة والجماعة والحومة والعرش والجهة…ووو، كل هذه التركيبات الإجتماعية فرضت منطقها وأصبحت ظاهرة للعيان، وأثارت سخطًا وجدلاً ولغوًا كبيرًا في أوساط أهل الفن، وهي من بين أسباب التغييب البارزة، إضافة إلى عوامل أخرى مثل اللجوء إلى بعض المؤثرين واليوتوبورز لغاية في نفس يعقوب لا يمكنني الحكم عليها، لكنني لا أراها مقبولة لدى الأغلبية، وتبقى مسألة الغياب والتغييب مشكلة يجب الخوض في متاهاتها لفهم منطقها أوّلاً، ثم الإقرار بأنه لا يمكن التخلص منها إلا بقوانين صارمة ورادعة تسيّر القطاع وتظبطه وتنظمه.


المتابع للأعمال الرمضانية يجد إسمك ضمن أبطال مسلسل «الرهان»، حدثنا عن هذه التجربة؟


أيوب عمريش: الحديث عن هذه التجربة الجميلة يعود فضلها إلى الله أوّلاً، ثم للمخرج الأستاذ محمود كامل بالدرجة الأولى الذي رشحني لتجسيد دور شخصية الجد رابح زياني ، وكذا الشركة المنتجة (welcom) ومباركة أصحابها لي لهذا الدور بالذات. في هذا الصدد دعني أقول أنّها بالفعل عودة إلى الشاشة الصغيرة التي أراها قوية وملفتة للإهتمام، بحكم قوة وثقل الدور الذي أوكل لي في مسلسل «الرهان»، والذي جمعني بكوكتيل رباعي رائع ووازن على الساحة الفنية كالسيدة جميلة عراس والممثل البارز عبد القادر جريو صاحب الباع والرصيد الطويل المتعدد في المجال، وكذلك الممثل خفيف الظل الظريف محمد خساني الذي أرى أنه يعد بحضور وظهور أقوى مستقبلاً لما له من قدرات واعدة على مستوى الأداء.

إذن تفاعلي مع هؤلاء الذين شكّلوا محيطي العائلي كجد، وكذا الإحتكاك مع البعض منهم كالممثل المبدع محمد تكيرات، وكذلك رشيد بن قذيفة، زكريا بن محمد، وآخرون لا يسع المجال لذكرهم، وهذا ما جعلني أحس وأتوقّع بأن عودتي ستترك بصمة وأثرًا جميلا لدى المشاهد إن شاء الله.


المسلسل دبلج إلى اللهجة السورية قصد التسويق له عربيا، وبالفعل فمسلسل «الرهان» يعرض عبر بعض الفضائيات والمنصات العربية، هل تعتقد أن هذه الدبلجة ستسمح بانتشار الأعمال الجزائرية عربيا؟


أيوب عمريش: بكل موضوعية، يجب أن نأخذ دبلجة مسلسل «الرهان» إلى اللهجة السورية في إطارها التجاري، فمن حق المنتج أن يسوق منتوجه بحيث شاء وبالكيفية التي تراعي مصالحه، لكن وفق شروط يتفاوض حولها البائع والشاري التي تتم برضى الطرفين، وفيها مصلحة كلا منهما، أمّا المزايدات تحت شعار لهجتنا وما شابه ذلك فهو أمر مبالغ فيه ومغالطات يروّج لها البعض عن جهل بحقيقة الأمور، الحمد لله أنّ الأغلبية الساحقة ترى أنه شيء سيفتح الآفاق الواسعة أمام الدراما الجزائرية لتتبوأ مكانتها وتعرّف الآخرين بثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا وكل تفاصيلنا، وهذا منحى إيجابي إذ أنه سينعكس على عدة قطاعات بالفائدة، بحيث أن الدراما يمكن أن تثير فضول الأشقاء لزيارة بلدنا واكتشاف ما يزخر به من ثروات وإمكانيات قد تفتح بدورها مجالات تعاون في شتى القطاعات، وبذلك تكون الدراما قد حققت لها وللبلد مكاسب لم تكن مستغلة من قبل، في حين أن الجيران قد استفادوا منها كثيرا وعلى حسابنا، إذن آن الأوان أن ننظر للأشياء بانفتاح واستشراف بعيدًا عن الإنغلاق والتقوقع الذي لم يزدنا إلا تهميشًا وتغييبًا عن الساحة.


في الأدب يقال أن الترجمة تقتل النص الأصلي، بإسقاط هذه المقولة على مسلسل الرهان، كيف وجدت هذه الخطوة الجريئة نوعا ما وهي دبلجة العمل من اللهجة الجزائرية إلى اللهجة السورية؟


أيوب عمريش: الترجمة تختلف عن الدبلجة، من حيث أن الدبلجة متحررة ويمكنها حتى أن تشكل إضافة وأن تنقل الذات الأصلية للشخصيات السيكولوجية منها والمزاجية والعاطفية والبيئة الإجتماعية بكل مكوناتها من عادات وتقاليد وتراث مادي ولامادي، وتبرز تاريخ البلد وتزيده تعريفًا واكتشافًا لمن لا يعرفه، بل وحتى تصحيح النظرة الخاطئة لدى البعض حول البلد وأهله من خلال الدبلجة أداءً وروحًا وتفاعلاً، وهنا لا تنطبق مقولة الترجمة تقتل النص لكون الدبلجة ربما أحيته أكثر ورسمته بصورة أكثر شفافية وتجانس في ذهن المشاهد الآخر الذي يجد صعوبة في فهم واستعاب اللهجة الأصلية التي يقر الغالبية أنها صعبة، بحيث أن الوصول إليهم يكون أسهل حين نتحدث بلهجتهم خاصة ونحن في بداية التسويق والترويج، وعلى قول الإمام علي كرم الله وجهه قوله: « خاطبوا الناس بما يفهمون».


تعاملت في مسلسل «الرهان» مع المخرج المصري محمود كامل كما تعاملت مع مخرجين جزائريين سابقًا، أين يكمن الفرق؟


أيوب عمريش: لكل مخرج فلسفته وطريقته وأسلوبه في التعامل مع الممثل، وفي حالتي مع دور الجد كان لي مع الأستاذ محمود كامل أكثر من وقفة على السريع لمناقشة تركيبة الشخصية وإبراز أهم معالمها وسماتها وأثرها في القصة ومكانتها، جعلني أشعر لأول مرة في حياتي بأنني لست فقط ممثلاً يؤدي دوره ويذهب، بل ممثلاً مسؤولاً عن شخصية الجد رابح زياني الذي يجب أن يتلقاه المشاهد ويتقبله بثقله وحسّه ومكانته التي يجب أن تجعله خزّان الذاكرة والتاريخ الثوري، ومرجعية أخلاقية تتسم بقيم الحق والصدق وحب الخير ورفض الظلم والسمو بحب الوطن، ويجب أن يتمكن من هذا بطريقة الأداء حتى يجعله منقوشًا في ذاكرة كل الجزائريين والمتابعين، مما جعلني أتوخّى المرونة والهدوء والصرامة في نفس الوقت.


كمشاهد، ماهي الأعمال التي لفتت انتباهك هذه السنة؟


أيوب عمريش: أتابع «الرهان» الذي حظي بنسبة مشاهدة عالية ويراهن عليه أغلب الجزائريين، بحكم أنه أول مسلسل في تاريخ الدراما الجزائرية الذي يدبلج ويسوّق عربيًا وعالميًا من خلال قناة السومرية العراقية والشارقة الإماراتية وقناة أم بي سي المصرية ومنصة شاهد ورؤيا الدولية، وهذا في حد ذاته إنجاز لم يسبقه إليه أحد.

بخصوص الأعمال الأخرى اقتصرت متابعتي على بعضها، منها سلسلة «دار الفشوش» لجعفر قاسم، وقد أعجبني كطرح ذكي وجديد للكوميديا البرجوازية الهزلية، أتابع كذلك «البطحة»، «البراني»، «دموع لولية»، «حداش حداش»، «إنتقام الزمن»، وهذا من باب مسايرة حركة الإنتاج المحلي، والوقوف على مدى تطوّر الدراما الجزائرية التي لاحظت أنها تعاني من حيث كتابة السيناريو، وهو ما أدى إلى إعتماد أغلبية الممثلين للإرتجال والتفاعل وفق ما يتطلبه الموقف أو المشهد.


مواقع التواصل الإجتماعي جعلت بعض روادها مشاهير وفنانين إن صح التعبير، هل أنت ضد أو مع استقدام مشاهير التيك توك إلى الدراما التلفزيونية؟


أيوب عمريش: بالنسبة لما أفرزته مواقع التواصل الإجتماعي من رواد التيك توك كما أسميتهم، وجعل منهم بعض المنتجين نجومًا ومشاهير، فالأمر يبدو بسيطًا لكنه في الواقع يخفي أسرارًا كثيرة، بحيث أن القاعدة كشفت أن من يبحث عن الشهرة يمكن اليوم أن يبيع نفسه بدينارين، لكنه حين يتمكن سيصبح أجره مليارين، وهو ما نراه يحدث اليوم، والمسألة هنا لم تعد مقتصرة على علاقة منتج-تيكتوكر أو يوتوبر لكنها عرفت طرفًا ثالثًا وهو المموّل أو السبونسور، وهو رأس الحبل الذي بيده الكل، وهو من يفرض هذا وذاك، وما على المنتج سوى الرضوخ والإقرار بالأمر وليس له خيار أو كلمة في الموضوع، لكن هذا لا يمنع أنّ البعض يراهن على إمكانياته ووزنه، وأسوق على سبيل المثال لا الحصر مسلسل «الرهان» التي كانت القناعة فيه المراهنة على السيناريو الجيّد والممثل الجيّد والمخرج الجيّد كقاعدة أساسية للنجاح.


كثر الحديث عن مستوى الأعمال المسرحية التي تنتج حاليًا، ويقال أن المسرح الجزائري عجز عن إنجاب مجوبي وعلولة آخرين، ماهو السبيل في نظرك لعودة المسرح إلى سكته الصحيحة؟


أيوب عمريش: المسرح اليوم يعاني الأمرّين، فلا استطاع الحفاظ على نفس مستواه ولا استطاع أن يتطوّر، باستثناء بعضه، وهذا في نظري راجع لعوامل عدة تعود بالدرجة الأولى إلى خلل المنظومة ككل، بحيث أن اقتصار التكوين على معهد وحيد أمر يجب تداركه، ثم المكوّن في حد ذاته الذي لم تتح له فرصة من فترات الرسكلة والتربص بالخارج، وظل يجتّر ما تلقاه من سنين خوالي، وأيضًا غياب التأطير في المراكز ومختلف المرافق الثقافية، حتى أن من هب ودب أصبح يكتب ويخرج ويمثل ويعقد مهرجانات وتربصات ووو… وهذا كله في ظل غياب ضوابط وتنظيم للقطاع، وانعدام المراقبة والمتابعة، هذه وغيرها من الشوائب أصبح لزاما على الوصاية تداركها من خلال خلق خلايا تفكير تمس كل نشاط في المنظومة الثقافية ومختلف الفنون، باعتبار أن الجزائر تزخر بالطاقات الخلاقة الواعدة وفي شتى المجالات وفي كل شبر منها، وعليه تكفي إرادة سياسية وتجاوب الخبراء والمختصين لتدارك الوضع استجابة لمتطلبات المجتمع، وقتها سيتكاثر من يحيون لنا مجوبي وعلولة وكاتب وإسياخم وراسم وحمينة والفرڨاني وغيرهم، وستزدهر كل المدن وتتنفس ثقافة وفنا.


صرح الفنان الطيب بنعيجة من خلال لقاء صحفي أننا بحاجة إلى قانون للأخلاق أولاً قبل حاجتنا لقانون الفنان، ما رأيك في هذا الطرح؟


أيوب عمريش: ربما لا أتفق مع طرحه، لأن الأخلاق لا ترسخها القوانين في الإنسان، ولكنها منظومة قيم ومبادئ يتلقاها من محيطه العائلي أوّلا ثم المدرسة والبيئة دون استثناء المورّثات طبعا، لكنني أتطابق معه إن قلنا أن هذه المنظومة اختلّت اليوم وفقدت معناها القويم، وأصبحت مرتعا للكل يعبث بها كيف وحيثما شاء، ومن هنا أقول أننا نعيش حقا أزمة أخلاقية خطيرة برغم كثرة المؤسسات الدينية ومظاهر التديّن والجمعيات والتنظيمات، لكن الواقع والسلوكيات تثبت العكس، فنحن إذن في ظل أزمة أخلاقية، وعليه وجب إصلاح الفرد بالعودة إلى فرض صرامة سلم القيّم وعصا القانون، وأقول بكل تأكيد وقناعة: نعم قانون الفنان ينظّم علاقات العمل لكنه لا يصنع صفاء القلوب.


طريق الفن في الجزائر هل هو محفوف بالألغام والعراقيل أم أنه طريق معبد، وهل يكفي الفنان موهبته وتعليمه من أجل خوض غمارها، أم أن هناك أمور أخرى تتحكم في الوسط؟


أيوب عمريش: طريق الفن في الجزائر طويل وشاق ومحفوف بالمخاطر والعراقيل، ولا تكفيك موهبتك ومستواك التعليمي كي تنجح وتصبح نجمًا، لأننا بصراحة لا نتقن صناعة النجوم في غياب الأساس، فعلى سبيل المثال لو كانت لنا فعلاً صناعة سينماتوغرافية بأتم معنى الكلمة لظهر فينا نجومًا اخترق صداهم الحدود، وقس على ذلك، إذن نعود دومًا لفقداننا منظومة واضحة المعالم ومكتملة الأركان تكون هي قاعدة الإنطلاق نحو آفاق ثقافية وفنية مستقبلاً.


سأمنحك ورقة وقلم، وأطلب منك كتابة رسالة لأحدهم، ماذا ستكتب لنا؟ ولمن ستكون الرسالة؟


أيوب عمريش: الرسالة ستكون للإنسان فينا وأقول له: أيها الإنسان أسقط عنك قناع الآخر وكن أنت، أو على الأقل حاول.


ماهي مشاريع أيوب عمريش المستقبلية، التي سترى النور على المدى القريب؟


أيوب عمريش: مشاريعي المستقبلية إذا كان للعمر بقية كثيرة ومتعددة منها مسرحية وسينمائية وتلفزيونية، وأهمها ربما ستكون خارج الوطن التي ستمد جسور التعاون مع أجانب، لكن أقربها ستكون جولة عروض مسرحية «سهرة شبه عائلية» التي ظلت مجمدة منذ أيام الكوفيد، والتي ستكون مباشرة بعد انقضاء شهر رمضان إن شاء الله.


وصلنا إلى السؤال الإجباري الخاص بحواراتنا الرمضانية لهذه السنة، أريد منك البوح لنا بسر سينشر لأول مرة على وسيلة إعلامية.


أيوب عمريش: الأسرار كثيرة لكن أهمّها عرض تنشيط برنامج تلفزيوني مازال التفاوض حوله قائمًا.


الفنان الجزائري أيوب عمريش شرفني الحوار معك، أتمنى أن أراك في أعمال مميزة مثلما تعودنا منك دائما، رمضان كريم وكل عام وأنت بخير، في الأخير صح سحورك، ونترك لك كلمة الختام.


أيوب عمريش: كلمة الختام أريدها أن تنطلق من قلبي إلى كل إخوتي وأخواتي وأصدقائي وأحبتي، لأقول لهم رمضان كريم، تقبل الله منا ومنكم فيه الصيام والقيام وصالح الأعمال، تحية خاصة لشركة «ويلكوم» والسيد عماد هنودة، السيد شرف لدرع، وكل عائلة مسلسل «الرهان» كل باسمه وبصفته، تحية خاصة للمخرج محمود كامل، وجميل شكري وعرفاني إلى الكم الهائل من المعجبين والمحبين الذين تهاطلت علي مكالماتهم ورسائلهم من داخل وخارج الوطن، أهديهم باقة ورد زكية عطرة، وأقول للجميع عيدكم مبارك سعيد وكل عام والجزائر والأمة الإسلامية كافة بكل خير .

Related Articles

Back to top button