غلاء الأسعار و المضاربة

 

 

د/عبد الفتاح العربي -تونس 

إن العقل يقول أن التوازن هو ميزان الحياة
خلق الله كل شيء بميزان و جعل التعامل في الحياة بميزان و عندما يختل الميزان تتدخل الإرادة الإلاهية لتصويب الأمر .
فالله هو صاحب الرزق يعلقه بٱسم صاحبه في السماء حتى ينفذ .
نأتي إلى فعل الإنسان الجاهل للأمر ،الفاقد للضمير ،المنزوع الرحمة،العابد للمال، الملبوس بالشيطان و العياذ بالله.
إن هذا الإنسان خلق ليعبد الله و يطبق شرع الله، يولد بالفطرة و يجد نفسه يعيش في ملكوت الله مع باقي الخلق.
يعلم هذا الإنسان كل شيء و إدراكه بالفطرة أن الله رزقه وهو يعمل من أجل لقمة العيش و يأتي مما رزقه للفقير و المحتاج.
نجد هذا الإنسان يبحث لذاته في كل شيء ،يشبع أنانيته و يفقد إنسانيته ،يبتعد شيئا فشيئا عن الصواب و عن الصراط المستقيم ،ينحاز شمالا نحو المنحدر حتى يسقط أخيرا و يندم.
نجد هذا الإنسان عندما يكون تاجرا ببحث عن مزيد من كنز المال دون كنز أعمال الخير ،يسرق في الميزان و في حساب البيع و يزيد في الأسعار و يغش في البيع و السلعة .
نجده لا يزكي عن ماله و لا يرحم الفقير و لا يسامح الضعيف و لا يعطي بل يأخذ.
كما نجد العامل لا يجتهد في عمله و ليس أمينا بل يسرق وقت العمل و يسرق ما يجده بدعوى أن صاحب العمل لا يعطيه أجرا كافيا .
نجد الموظف و ليس كلهم يتلقى الرشاوي و يعيق العمل في الإدارة ( ارجع غدا ) .
نجد المسؤول في الإدارة و ليس كلهم ،فيهم الشرفاء و من ضحوا بأوقاتهم ،نجدهم يتهاونون مع المقصرين في العمل و حتى مع المرتشين.
كل هذا يحيلنا أن الغلاء هو نتيجة مجتمعية بعقلية مريضة استشرت في مجتمعاتنا بحكم عدة عوامل منها الشجع على المال و عقلية فكر في نفسك دون غيرك .
عقلية أن الناس كلهم يريدون أن يكونوا أغنياء ،عقلية أن الفقير ليس له مكان بيننا .
إن المجتمعات التي تتماسك مع بعضها تصنع مستقبلا ناصعا لأجيال قادمة فيها مرتكزات العيش الكريم.
إن آفة غلاء الأسعار مرتبطة بالتضخم المالي الناتج لعدة أسباب هيكلية و موضوعية و التضخم هو مرض سرطان ينخر جسم كل مجتمع لا يتحصن بالوقاية اللازمة و إن عاجلا أو آجلا سوف ينهار السقف على ساكنيه فٱحذروا جميعا.
استبشروا خيرا لو راجعتم أنفسكم كلكم ،لو تكاتفتم كلكم نحو بناء مجتمع نظيف لا ينخره الفساد من الداخل فإن ما تكنزونه لن تتمتعوا به فإما تتركونه للوارثين يتخاصموا حتما عليه أو تدفعونه للعلاج من أمراض لا سامح الله،فثوبوا إلى رشدكم و صححوا أمركم فالمال الحرام لا يضر إلا صاحبه و ما أحلى المال الحلال.
غلاء الأسعار من أنفسنا ،نتهاتف على سلع لا تلزمنا ،اتركوها لهم ،علينا أن تكون لنا عقلية التوازن في كل شيء

Related Articles

Back to top button