غانية القصر
✍🏻/ علي الخبراني :
زارت منامي على إطلالة الفجرِ
وعاتبتني على ما قلتُ من شِعرِ
قد ساءها قولنا في الشعر غانيةٌ
وما أحاطت بما فيها من الطُهرِ
ظنَّت أسأنا لها بالقول ما علمت
ما للغوانـي من التفضيل والقدرِ
مـا قِيـل غـانـيـةٌ إلَّا لمن ملكـت
تاج الجمال وحازت صورة البدر
لا تـشـتـري زيـنـة العطـار فـاتنـةٌ
بها من الحسن ما بالماس والتبر
إذا تمشَّـت إلـى جـاراتها عُـرِفَـتْ
بما يفـوح بها مـن فـاخـر العـطـرِ
المسك في جيدها والشهد مبسمها
وجـال رمـانها كـالتـل فـي الصـدرِ
أضــاء مـن وجـهـهـا نـورٌ تـخـلـلـه
سـنـا الثـنـايـا وقـد بانت مـن الثغرِ
إن أقبلت هـابها من ليـس يعرفها
ومـال عـارِفُـهـا بالـرأس لـلـحِـجْـرِ
تكـاد تُخـرسـهم سِـيماءُ هـيبتـها
وإن أشارت أتاها جمعهم يجري
لها مكانتها غابت وإن حضرت
أدمت حواسدها غبناً مع القهر
جالت محجلة كالمهر شـامخـة
لجامها قدرها في ساحة القصر
ما راعها غـيـر صـقرٍ جـاء يرقبها
وقام ينشدها من شِعره العذري
تأملت ما بها قد قال وانسحبت
تلوذ من نظرات الصقر بالخِـدر
وكـلـمـا برزت تـلـقـاه مـنـتـظـراً
كـعـابـدٍ يـتـحـرى لـيـلـة الـقـدر
ضـمَّت جـوانحـه شـوقاً يغـالبـه
وأضمرت حبها خـوفاً من الغدر
تقرِّب الوصل حتى ينتشي طرباً
وتقتـل الأمـل المرجـوَّ بالهجـر
وهـكـذا حـالـهـا دومـاً وحـالـتـه
ما بين هجرٍ ووصلٍ سائر الدهر
تـعـاهـدا بـعـهـودٍ كـان آخـرهـا
عـهـد الوفـاء لها بالكـتـم للسـر
فغادرت ثقةً من بعد ما أمنت
وأبدعت فـي وداعٍ فاح بالمكر