*في لحظة غضب*

✍ صالح الريمي :

قرأت مقولة قديمًا وأعجبتني كثيرًا وأخذتها قاعدة ونبراس في حياتي: (لا تخسر كل شيء من أجل شيء واحد)، ومن هذه القاعدة ننطلق مع قصتنا التي أنقلها بتصرف مني، حيث يقول صاحبها في بداية حديثة “فقدت حريتي في لحظة غضب”..
وبدأ قائلًا: كان عندي عزه نفس كبيرة، وفي يوم من الأيام وأنا في الإشارة مع أصدقائي الثلاثة، وإذ ينظر إليّ شخص، فتحت شباك السيارة وقلت له: لماذا تنظر إليّ؟ لا يكون شايف لي صورة في جريدة، قال الشخص الآخر: من زينك!.

قلت لصديقي وقف على جنب ما تشوف الرجل أهانني، قال صديقي ترى الرجل والله ما اهانك ولا شيء، ولو أهان والدك لن تذهب إلى قتله، قلت له وقف على جنب وإلا سأضع السكينة في بطنك، واروح عند الرجل واضع السكينة في صدره إلى آخرها من جهة قلبه، واتكى عليّ الرجل وبدأ ينتفض وينتفض وينتفض ويشهق شهقه، عرفت أنها شهقة الموت..
تركته بدمائه ورجعت إلى سيارة أصدقائي وثوبي مليان دم والسكين بيدي، وساد الصمت، ما قالوا لي ولا قلت لهم شيء، فالموقف أكبر من الكلام، أخذوني إلى بيتي، لكن لم أستطع دخول البيت وجلست على باب البيت ماني مستوعب أني قتلت إنسان، كنت أعيش بسعادة وحرية والآن قاتل، والمقتول يموت مرة واحدة والقاتل يموت 20 مرة.

المهم جلست أمام الباب نصف ساعة أفكر في المستقبل الغامض وضاقت في عيني الدنيا أضيق من فتحة الأبرة، وأول مرة أشعر أن هذه المقولة صحيحة، وركبت سيارتي بعد أن أيقنت أن حياتي انتهت هنا، وقيدت حريتي بين أربع جدران..
أذن الظهر وبعد صلاة الظهر إلا والمصلين خارجين من المسجد مبسوطين، الذي يضحك، والذي يتحدث مع هذا، والذي يشتري من البقالة، والذي ماسك ولد رايح إلى بيته، وشخص خارج من دوامه وماوراه سجن ولا أي مشكلة، وأنا أتذكر المستقبل الذي أمامي من سجن وقصاص، وتذكرت أن حياتي كانت حلوة وكنت عايشها بالطول والعرض لكن بعتها بثمنِ بخس في دقيقة واحده عند كلمة فاضية وتافه.

كنت عايش بسعادة غامرة وأنا ما أدري! كنت امشي بحرية ما في أحد يطلبني، وما في أحد يلاحقني، وما في خوف من أحد، ولا ثأنيب ضمير، مشيت بسيارتي لا أعرف أين ذاهب؟ وعند مدخل المطار توقفت أنظر إلى شباب مسافرين في حرية، وأقول في نفسي معقولة أنا كنت في هذه السعادة والحرية وأنا ما أعرف؟.
كنت أقدر أسافر وأذهب إلى أي مكان؟ حتى جاء الليل وأنا واقف عند محطة وقود، شعرت من خلالها أن الدقيقة كانت بخمس ساعات، وجاء الصباح وأنا خارج البيت ومازلت أفكر في الأحداث التي سوف تأتي من مصائب مقبلة عليّ، وهموم وسجن وقصاص، وفي الساعة التاسعة صباحًا ذهبت وسلمت نفسي إلى إلى مركز شرطة، وفعلًا عرفت أن الرجل مات وبدأت إجراءات دخولي السجن وأهلي طبعًا أدخلتهم معي في دوامه من الهم والحزن والبكاء.

وأنا أبكي أكثر منهم على أيامي الجميلة التي بعتها بكلمه تافة وتصرف سخيف أوصلني إلى طريق مسدود، أدخلوني السجن، وعندما وضعت راسي نمت وكأنني أحلم أن ما حصل مجرد حُلم، وإذا بشخص يصحيني من هذا الحُلم إلى الحقيقة التي تنتظرني..
وتمر الأيام والأسابيع والشهور والسنين وأنا احسبها حساب إلى أن أكملت خمسة عشر سنة في السجن، حتى جاء يوم أهلي لزيارتي وقالوا أنهم ذاهببن إلى أهل الدم لعلهم يتنازلون عني، ورغم الإهانات التي حصلتها والعذاب الذي جاءني لكن مازلت متمسك بالحياة وبوناستها وفلتها وحياتي الجميلة.

وبعدما ذهبوا أهلي أخبروني أن…….
غدًا تكملة القصة.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

Related Articles

Back to top button