خلف اللسان صفاء
✍ عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون :
من العبارات التي تكرر دائما (المنطق سعادة)، وواضح أن المرجع في ذلك والمراد هو اللسان، تلك القطعة اللحمية السهلة الحركة، والصغيرة في الحجم، إلا أن أثرها كبير وعظيم ، واللسان عموما هو ميزان معتبر يقاس به الإنسان، وقد تجلس في مكان مع أشخاص تخرج منه بانطباع عن أحدهم أنه محترم ووقور وذو إدراك وتفهم، وعن آخر أنه سطحي ومتعجل ولا يعطي الأمور حقها من التروي والتأني، وهذان الانطباعان تخرج بهما من مجلس واحد، ودليلك عليهما كلمات خرجت من أفواه صاحبيك، وتحرك بها لسانيهما، تبني بعدها اعتبارات تقوم عليها التعاملات والعلاقات .
والناس عموما من حولنا لهم من طيبة القلب، ورقة الطباع ما يجعل المرء يأنس لمجالستهم، ويألف معاشرتهم حين يعرف معادنهم، وكم رأينا من أناس ظننا بهم سوءا بسبب أسلوبهم في الحديث، ونبرات أصواتهم التي تزعج الحاضرين، بالإضافة إلى عدم إحسانهم في اختيار الألفاظ الهادئة والموزونة وتعجل ألسنتهم، وحين حدثت مواقف كانوا ممن تثلج الصدور أفعالهم، مع ظهور الصفاء والخير الكامن في أنفسهم، فتتغير نظرتنا عنهم إلى أخرى ملؤها الاعتزاز بصحبتهم .
فالحياة محطات ولكل محطة حدث يكون له تصرف مقابل، وردة فعل قد لا يحسن فيها صاحبك التصرف فيه بالسلوك الطيب أو القول السديد، وما أكثر السقطات التي نقع بها في مسيرة حياتنا بحكم ضعفنا البشري الذي خلقنا عليه، فإذا أخذنا الآخرين بهفواتهم، ووصمناهم بها لم يبق لنا صديق، وكما أن لدينا من العيوب ما نريد ممن حولنا أن يعذرونا عليها، وأن يعينوننا على تجاوزها، فكذلك هم يريدون ذلك منا، فلنفعل معهم ما نريده منهم وإن هم قصروا.