معرض الهجرة ” يشكِّل أهميةً ثقافية على الصعيد المحلي والعالمي


الرياض – فوزية الوثلان

يشكِّل معرض “الهجرة على خطى الرسول ﷺ” المقام في المتحف الوطني أهميةً ثقافية على الصعيد المحلي والعالمي؛ إذ يسلِّط الضوء على أحد أكبر الأحداث في التاريخ الإسلامي، وهي الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة المنورة. كما يتسم بكونه أحد المخرجات القلة في العالم اليوم التي توثِّق وتروي أحداث الهجرة النبوية بتقنيات حديثة ومعاصرة.
ويضم معرض الهجرة مجموعة من الأعمال الفنية والمقتنيات التاريخية، بدءاً من الأعمال الفنية التي تصوّر الهجرة وتنقل تجربة المهاجرين والأنصار، تضحيتهم وإيثارهم. كما ينطوي المعرض على عدد من اللوحات الفنية التي تعكس الثقافات المختلفة والترابط الذي نشأ بين مجتمعات الجزيرة العربية، كما يزخر المعرض بأعمال فنية حديثة وتقنيات معاصرة تستعرض أحداث الهجرة النبوية وتفاصيلها.
إلى جانب الأعمال الفنية، يتم عرض مجموعة من القطع الأثرية التي تروي قصص الهجرة وتاريخها، تشمل هذه القطع الأثرية العملات، والمخطوطات، والأدوات التي تأخذنا في رحلة عبر الزمان والمكان لتمنحنا رؤية تأثير الهجرة على الثقافات المختلفة على مر العصور عن قرب. كما يشتمل المعرض على مجموعة كبيرة من المنسوجات والمنمنمات التي تم إحضارها من مناطق مختلفة حول العالم والتي تأتي لتعكس التقاليد والموروث الثقافي للمجتمعات التي أنتجتها. مما يعزز التفاهم والتقدير بين الثقافات المختلفة.
عمل فني: الوقوف على الأطلال – هند الغامدي
لوحة “الوقوف على الأطلال” تجلي فني لمطلع قصيدة امرؤ القيس “قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ” حيث يعبّر الفنان فيها عن حالة التوقف والتأمل أمام آثار الخيم المتفرقة في الصحراء. تم رسمها باستخدام الخط العربي بشكل دائري ولون ذهبي على قماش أسود لتصوير مشاعر الحنين والمعاناة التي جسدها امرؤ القيس في مطلع قصيدته. تروي اللوحة لحظة التوقف والتأمل وتستحضر التراث المعروف بـ “الوقوف على الأطلال”، والذي يعد راسخاً في الشعر العربي ومستمراً في إلهام الفنانين والأدباء، ولقد اتخذ نوعاً جديداً من القوة خصوصاً مع ظهور الإسلام ووفاته ﷺ، كما يتضح في أعمال الشعراء المسلمين الأوائل الذين وجدوا الرثاء كحالة من البحث عما يصلهم بالرسول ﷺ، والآثار، والأماكن المرتبطة بحياته، بما في ذلك العمل الحالي.
تُعد هذه القصيدة واحدة من أهم الأعمال الشعرية في حقبة ما قبل الإسلام، وهي واحدة من “المعلقات السبع”، وقد سُميت بهذا الاسم لأنها كانت تُعلق في أسوار الكعبة أو داخلها، وتعد رمزًا للفخر بتلك القصائد النفيسة التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من التراث الشعري العربي.
شاهد قبر من الحجر من حضارة ما قبل الإسلام
” شاهد قبر” حجري من حضارة ما قبل الإسلام في معرض الهجرة والذي يُعد إحدى القطع الأثرية المميزة والفريدة من نوعها. تم اكتشاف هذه القطعة في تيماء، المملكة العربية السعودية، وتعود إلى القرن الخامس – الرابع قبل الميلاد. صُنعت القطعة من الحجر الرملي وتتميز بأبعادها الهائلة التي تبلغ 72 سم في الطول و26 سم في العرض و15 سم في الارتفاع. تتميز هذه القطعة الأثرية بوجود رسم لوجه بشري على الحجر، ونقش بالخط الآرامي على أحد جوانبه لعبارة “في ذكرى تيم، ابن زيد” والتي تعبر عن أهمية القطعة وتاريخها. تُعرض هذه القطعة في المتحف الوطني؛ حيث تشكِّل جزءاً هاماً من مجموعة الآثار التاريخية لحقبة ما قبل الإسلام. تعد هذه القطعة شاهداً حياً على تاريخ المنطقة وعلى التطورات الثقافية والحضارية التي مرت بها شبه الجزيرة العربية.
عمل فني: المؤاخاة – زهرة الغامدي
“المؤاخاة”؛ عمل فني نابض بالإبداع والتميز في معرض الهجرة، تم تصميم العمل ليعبّر عن مفهوم المؤاخاة، الذي يجسد العلاقة بين المهاجرين والأنصار. يعكس هذا العمل الفني المصاعب التي عانى منها المهاجرون أثناء هجرتهم، وعن إيثار الأنصار الذي تمثل في استقبالهم ودعمهم للمهاجرين من خلال مشاركة كل ما يملكونه. تم تنفيذ هذا العمل التركيبي الكبير ليبرز هذه الروابط وقوة تجذرها في تكوين العلاقات الأخوية بين مجتمع المهاجرين والأنصار. تم استخدام المواد الطبيعية؛ مثل القماش والطين كإشارة للطبيعة والبيئة التي تحتضن مسار الهجرة. يجمع هذا العمل بين مرونة الأقمشة ونعومة الطين، حيث غمست الأقمشة في الوحل وتم ربطها معاً بأحجام مختلفة. تصور هذه العقد العلاقات الوثيقة والغنية بالإيثار والتضحية بين الأنصار والمهاجرين، بينما تمثل الخيوط المدمجة ذات الألوان المختلفة نمو وقوة جذور شجرة عظيمة. يتوجه العمل برسالة نداء لإحياء مفهوم المؤاخاة، الذي يمنح معنى للحياة ويدعو إلى التلاحم والتعاون بين الأفراد. في النهاية، يقدم العمل رؤية تجسد الروابط الإنسانية والتضامن الذي يمكن أن ينشأ من خلال التعاون والإيثار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى