قياس الإنتاجية

عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون :

كون الأهداف المرجوة ذات قيمة يمكن قياسها أمر يمكّن المرء من معرفة مقدار تقدمه إليه بدقة وهذا ما يعرف بمقياس الإنتاجية، فمن يعمل ويكد وينصب ولا تتوفر لديه المؤشرات عن تناسب جهوده مع المحصول لا يكون طريقه واضح الرؤية، ولا يعلم إن كانت خطته صحيحة أم تحتاج إلى دراسة جديدة وتقويم .

لا تفعل ما لا تريد أن تفعله، والبعض يقول أنه يفعل أشياء لا يريد أن يفعلها، وهذا الكلام غريب حقا، فإذا كنت مطالبا بعمل أمور فالواجب عليك إنجازها سواء شئت أم أبيت، وعليك أن تتحمل مسئولياتك كما تطالب الآخرين أن يؤدوا واجباتهم، إلا أن هناك من الأمور فيها سعة، وعليك أن تنظر إليها بتمعن فلا تقدم إلا على ما أنت مطمئن إليه وترغب فيه، والذي يسلك بك إلى ما تريد تحقيقه، على أن تكون فائدته بينة، وتعود عليك وعلى من حولك بالخير سواء في الدنيا أو في الآخرة   . 

وللوصول إلى المبتغى وتقليل الهدر في الطاقات والأوقات هناك أسئلة يجب الإجابة عليها مثل: ما هي الأمور التي سارت بشكل جيد هذا اليوم ولماذا…؟ ما هي الأمور التي لم تسر جيدا هذا اليوم ولماذا…؟ ماذا فعلت اليوم وكان بالإمكان تجنبه…؟ أي النقاط تحتاج إلى تعديل…؟
مع الاهتمام بوضع مقياس لأداء العمل، ومراقبة التقدم الحاصل في كل المهمات، ومعرفة أين أنا، وماذا أريد، وكيف أنتقل من هنا إلى هناك…؟
قال ياقوت الحموي: إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر . 

فالأمر هو ما تريد، فكل منا له رغبات وأهواء، ولو استهلكنا عمرنا كله في الجري خلفها لم نصل معها إلى غاية، ولكننا نسير بعمر ذي أجل محدود، وهو حقا مليء بالعقبات التي يتحطم عندها البعض، وإن كان يرى البعض أنها مكاسب، فهل إحراز المال الكثير مكسب عنده حين أخذه من الحرام وصرفه في الحرام أو الحلال000؟ فهذا هو خسران فإن الله لا يقبل إلا طيبا، والناس في حركة دائبة مستمرة، وفي هموم كثيرة تفنى الأنفاس ولا تفنى:
نروح ونغدو لحاجاتنا
. وحاجة من عاش لا تنقضي
تموت مع المرء حاجاته
. وتبقى له حاجة ما بقي
والتمعن في هذه الحاجات والتفكير فيها يصنفها إلى أولويات ومراتب، والبعض يعاني من الإدراج الخاطئ للأولويات، وكلمة الأولويات تسمعها بين حين وآخر حين تنبه البعض على ضرورة فعل شيء، فيبرر تكاسله وعدم فهمه بأن هناك أولويات تسبق هذا الأمر المطلوب، ويمضي به العمر وهو لا يزال جاهلا بمعنى كلمة الأولويات أو سبيل تحديدها . 

ومن الأمور الصحيحة أن توضع الخطة ويتم مراجعتها وتعديلها وتنقيحها بين فينة وأخرى ولا ضير في ذلك طالما أنها تسير في الاتجاه الصحيح للهدف، وقد يكون هذا الاستعجال للوصول إليه دون إخلال، أو التريث والتثبت من صحة الخطوات.

Related Articles

Back to top button