حكاية قلم حائر
✍ هالة الغامدي :
الظلم من أكثر الظواهر التي تؤلم النفس وتعكر صفو الحياة. إنها تجربة تقع في أعماق الفرد وتتسلل إلى أروقة العدالة وتتحدث عن عدم إحقاق الحقوق والتمييز المنبوذ وغير المبرر . ولكن ماذا يحدث عندما يكون القلم هو الذي ينبض بالظلم؟
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا».
عندما تقوده الأنامل الظالمة بطرق ملتوية ، يصبح القلم أداة هدم وتشويه للحقائق ، وإلحاق الأذى بالآخرين. سواءكان بنشر معلومات غير صحيحة أو الميل إلى الإساءة لمن هم دوننا في السلم الاجتماعي أو الوظيفي والمهني أو القيام بأفعال مغلظة بهدف ضرب الآخرين وتعميق جروحهم.
“فعندما ينبض القلم في طليعة الظلم، يختزل في حبره آلام الآخرين ومعاناتهم” .
إن توقيع القلم على معاملة ظالمة أو قرار يحمل في جوفه الظلم، وقد يمتلك سلطة غير “متحرية “ لتحريف الحقائق وتسبب التظلمات بالآخرين.
يجب أن ندرك تأثير الظلم الذي تحمله أقلامنا وكيف يمكن أن يؤثر على حياة الأشخاص المعنيين.
ويشكل طعنة في القلوب وجرحًا عميقًا يعتصر النفوس. حينها، يصبح القلم سلاحًا مؤلمًا يستخدم لإلحاق الآلام وإحداث الظلم والظلمات.
هذا القلم، الذي ينبض بالأفكار الظالمة والقرارات الغير مبررة، ينفذ قوة الظلام في حياة الآخرين، مرة تلو الأخرى. يعبث بحقوقهم ويسلبهم العدالة، ويورث لهم حزنًا لا ينتهي وألمًا لا يُمكن تخفيفه.
وكما أن القلم الذي ينبض بالظلم يخلق جوًا من القسوة والتوتر وينشر تأثيرات سلبية على المجتمع. فقد يؤدي إلى تفاقم الصراعات وزعزعة السلم الاجتماعي والوظيفي والمهني والانساني وتقويض الثقة بين الناس. يكون له تأثير كبير على التفاعلات الاجتماعية والمهني والاندماج والعدالة الاجتماعية والمهنية .
قد يتساءل البعض عن أسباب تلك الظواهر المشينة للقلم. قد يكون الجهل والتحيز والانتقام والطموح الغير مرغوب فيه أحد العوامل التي تسهم في تحويل القلم إلى آلة ظالمة. هذه العوامل تعكس ضعف الشخصية والنضج العاطفي، وتنم عن عدم وجود قدرة على التعامل بشكل بناء مع الآخرين.
للتصدي لهذه الظاهرة المؤلمة، يجب أن نبدأ بتعزيز الوعي والتعليم حول العدالة والقضاء على التمييز، وتنمية القدرات الشخصية والاجتماعية للأفراد، وتشجيع ثقافة الاحترام والتسامح والتعاون. يجب أن نعمل معًا على تعزيز قيم العدل والمساواة والمصالحة في جميع جوانب الحياة، سواء كان ذلك في المدارس أو في المجتمعات أو في القطاعات الحكومية.
وحين ذا ، ينبغي أن تنبض قلوبنا بروح العدالة والإنصاف لينبض القلم بالحق والعدل الذي يسعى لصون حقوق الجميع دون انتهاكها ،
إذا كنا نرغب في تقديم التغيير، يجب أن نبدأ بتفعيل الأدوات التي تعيد القلم لدوره الأصلي كأداة قوية للتواصل والإبداع والتغيير الإيجابي. يجب أن نجعل من الكتابة والتعبير عن الأفكار والآراء ركيزة أساسية لبناء المجتمع وتعزيز التفاهم وتعقيد سلامة العلاقات الاجتماعية والمهنية والانسانية .
وقبل النهاية، على القلم أن يكون شاهدًا للحقيقة وناطقًا بالعدل والمساواة. يجب أن نعمل معًا للقضاء على الظلم ورفع الظلام الذي يعصف بالآخرين. لنتحول من قبلة الجراح إلى بصيص النور الذي يضئ دروب العدل والإنصاف.
إذاً، لنجعل قلمنا ينبض بروح العدل والإنسانية، ولنكن أصحاب التأثير الإيجابي على الآخرين، ولنكن مثالًا يحتذى به في استخدام الكلمة والقلم لمصلحة الخير والتغيير الإيجابي.
فلنتذكر دائمًا أن قوة القلم تكمن في أن ينبض بالحق والرحمة، وأن الكلمات التي يصول نبضها فيه يجب أن تهدف لإحداث تغيير إيجابي وقصاصٍ للظلم. حان الوقت لتضميد جراح الآخرين ولنترك الأقلام تنبض بالعدالة والمحبة فقط، لتزدهر الأمانة وتتلاشى الالام والدموع.”
في النهاية، “إظلام القلم أظلم من الظلام نفسه”، فلنفكر قبل أن ننشر ولنتحلى بالعدل والمساواة في كل تعبيراتنا وأقلامنا. فقط عندئذ سينبض قلمنا بنور الحق والعدل.
« وَعَنَتِ الوُجوهُ لِلحَيِّ القَيّومِ وَقَد خابَ مَن حَمَلَ ظُلمًا».