استرني سترك الله

✍ صالح الريمي :

المروءة هي كمال الإنسانية، وهي الرجولة الكاملة، وهي ما يسميه العامة في عصرنا الحاضر وبلغتهم الدارجة هي المراجل، أي ما يقولونه حينما ينشِؤون الصغار، على المكارم والسمو والرفعة والعلو عن أخلاق السفلة، وعن أخلاق البهائم .

أنقل لكم قصة عجيبة وواقعة غريبة ذكرها الإمام ابن كثير في كتاب [البداية والنهاية]، يقول رحمه الله روى الحافظ أبو نعيم أنه جاءته امرأة ذات ليلة، فقالت له: إني قد امتُحِنت بمحنة، وأُكرهت على الزنا، وأنا حبلى منه، وقد تسترت بك، وزعمت أنك زوجي، وأن هذا الحمل منك، فاسترني سترك الله، ولا تفضحني، فسكت عنها.

فلما وضعت جاءني أهل المحلة وإمام مسجدهم يهنئونني بالولد، فأظهرت البِشْر وبعثت فاشتريت بدينارين شيئًا حلوًا وأطعمتهم، وكنت أوجّه إليها مع إمام المسجد في كل شهر دينارين صفة نفقة للمولود، وأقول: أقرئها مني السلام، فإنه قد سبق مني ما فرّق بيني وبينها، فمكثت كذلك سنتين .

ثم مات الولد فجاءوني يعزونني فيه، فأظهرت الحزن عليه، ثم جاءتني أمه بالدنانير التي كنت أرسل بها إليها نفقة الولد قد جمعتها في صرة عندها، فقالت لي: سترك الله وجزاك خيرًا، وهذه الدنانير التي كنت ترسل بها. فقلت: إني كنت أرسل بها صلة للولد، وقد مات وأنت ترثينه، فهي لك، فافعلي بها ما شئت، فدعت وانصرفت.. أنتهت القصة.

*ترويقة:*

حقيقة المروءة هي أن يتصف الإنسان بصفات الإنسان الحقيقية التي يفترق بها عن الحيوان وعن الشيطان، إذ أن النفس تشتمل على دواع شتى، في النفس ما يدعو إلى الأخلاق الدنيئة، وصاحب المروءة من صان نفسه عن الأدناس، وما شانها عند الناس.
ليس الغبي بسيد في قومه
لكن سيد قومه المتغابي

*ومضة:*

المروءة الحقيقية أن تسامح الناس في الحقوق وفي الواجبات، وأن تصفح عنهم كرمًا منك وطمعًا في الأجر، قال تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى