سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني 53 المجيد
✍سعادة الدكتور هلال بن عبدالله السناني – سفير سلطنة عمان لدى الجمهورية التونسية :
تشهد سلطنة عُمان هذه الأيام ذكرى العيد الوطني الـ 53 المجيد، وهي تمضي قدماً لتنفيذ الرؤية المستقبلية ” 2040″، التي بدأت من يناير 2021، مبنية على 4 محاور رئيسية تنموية وهي محور الانسان والمجتمع ومحور الاقتصاد والتنمية ومحور الحوكمة والأداء المؤسسي ومحور البيئة والاستدامة.
إن النهضة المتجددة التي يقودها بحكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- تكتسب أهمية كبيرة في هذه المرحلة من خلال جملة من الأهداف الوطنية ومن خلال خطوات جادة وخاصة فيما يخص خطة التوازن المالي التي تسير بوتيرة إيجابية نتج عنها تلك المؤشرات الإيجابية. كما أن استخدام الفائض من الميزانية في الاقتصاد الوطني وتحريك السوق والاستثمار خاصة بالنسبة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هو أمر في غاية الأهمية بعد التعافي من أزمة كورونا. وعلى ضوء ذلك تشهد سلطنة عُمان تنامي الإنفاق الذي يحرك الدورة الاقتصادية وأيضاً الاهتمام بأصحاب الدخل المحدود والتركيز على القضايا الاجتماعية لأن تطور الاقتصاد يعتمد على حركة السوق والاستثمار في القطاعات الإنتاجية، وهو ما تمثل في إقرار منظومة الحماية الاجتماعية، إضافة إلى مواصلة العمل بالنهج السليم الذي قام بإرساءه المغفور له السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه.
كما تأتي المشاريع التنموية ضمن رؤية شاملة لتحقيق النهضة المتجددة، واكبتها جهود لتطوير آليات صنع القرار الحكومي بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، فبعد انتخاب أعضاء مجلس الشورى في 29 من أكتوبر الماضي أصدر صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه في 1 نوفمبر الحالي مرسوما يقضي بتعيين أعضاء مجلس الدولة حيث حظيت فيه المرأة بنصيب وافر من المقاعد ما يؤكد أهمية دور المرأة في تنمية بلادها وبذلك يتأسس من جديد الركن الأساسي في مؤسسات الدولة وهو مجلس عُمان الذي تكتمل أركانه بالمجلسين الأساسيين في تركيبة النظام السياسي، والذي افتتح دورته التشريعية الثلاثاء 14 نوفمبر 2023م حضرة صاحب الجلالة السلطان رعاه الله، حيث أكد جلالته في خطابه السامي ملامح المسيرة التنموية القائمة على تعزيز دور مجلس عمان، وحوكمة الأداء المؤسسي، وتفعيل دور المحافظات، بالإضافة إلى المضي قدماً في تنويع الاقتصاد عبر تدشين تقنية الهيدروجين الأخضر وتقنيات الذكاء الاصطناعي، كما أكد جلالته رعاه الله موقف بلاده الثابت في دعم القضية الفلسطينية، ورفض ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان إسرائيلي غاشم، والتأكيد كذلك على ثوابت السياسة العمانية القائمة على حسن الجوار والحوار والتفاهم بين الأمم والشعوب وفقاً للمنافع والمصالح المتبادلة.
وحول أهم المؤشرات الدولية يمكن ملاحظة المؤشرات التي حققت فيها سلطنة عمان تقدمًا أبرزها مؤشر الحرية الاقتصادية الذي حازت فيه على الترتيب 95 من بين 184 دولة في عام 2023، ومؤشر القوة الناعمة في الترتيب 46 من بين 121 دولة، ومؤشر الأمن الغذائي في الترتيب 35 من بين 113 دولة.
وفي أول أكتوبر الماضي أصدرت وكالة “ستاندرد آند بورز” تقرير تصنيفها الائتماني عن سلطنة عمان الذي رفعت فيه التصنيف الائتماني إلى “+BB” مع نظرة مستقبلية مستقرة؛ ويعود ذلك إلى تحسن مرونة الاقتصاد في مواجهة الصدمات المالية الخارجية بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تجاه تحسين المؤشرات المالية والاقتصادية وخفض المديونية العامة للدولة واستمرار تحسن آفاق القطاع النفطي، وجاء ذلك بعد نحو 4 أيام من رفع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إلى “+BB” أيضًا مع نظرة مستقبلية مستقرة؛ بفضل الجهود الملموسة للحكومة في استمرار ضبط الإنفاق العام، وتوظيف إيرادات النفط الإضافية في خفض المديونية العامة للدولة وإدارة المحفظة الإقراضية .
أما على المستوى الثقافي، فقد تمكّنت سلطنة عمان من إدراج منظمة اليونسكو “حصن جبرين” في ولاية بهلا من محافظة الداخلية– التي تبعد 190 كيلومتر تقريبا عن العاصمة مسقط-، والمؤرخ الشاعر حميد بن محمد بن رزيق، عُنصرين ثقافيين جديدين ضمن برنامجها للاحتفال بالذكرى المئوية للأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالميا، وذلك خلال اجتماعات المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو المنعقدة حاليًّا في مقر المنظمة بالعاصمة الفرنسية باريس وتستمر حتى 22 نوفمبر الحالي .
وبخصوص التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين ، فإن السياسة الحكيمة التي ينتهجها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق وأخيه فخامة الرئيس قيس سعيد حفظهما الله ورعاهما له دور ملحوظ ومميز في النهوض بالتعاون المثمر للبلدين الشقيقين. وانطلاقاً من حرصهما على استثمار تلك السياسة وترجمة النهضة عمل المسؤولون في كلا البلدين على تكثيف الزيارات لدعم كافة أوجه التعاون التي أفرزت ثمارها في عدة مجالات مما كان له الأثر الإيجابي في دعم مسيرة التطوير والبناء وتبادل الخبرات، نتج عنها إنشاء جمعية الصداقة العمانية التونسية التي تضم نخب مميزة من رجال الفكر والاقتصاد والأعمال وإنشاء اللجنة العمانية التونسية المشتركة التي ستعقد اجتماعها القادم بإذن الله تعالى في مسقط برئاسة وزراء الخارجية في البلدين الشقيقين .