«الشخصية المصرية» في أولى فعالياته يناقش تاريخ علي مبارك ويطلق مبادرة «آباء مؤسسون»
القاهرة – الآن:
استضافت مكتبة مصر العامة الصالون الثقافي للمؤسسة العربية للإعلام والثقافة تحت عنوان علي باشا مبارك وأثره في الشخصية المصرية، مساء أمس الاثنين ٦نوفمبر، وذلك بحضور مجلس أمناء المؤسسة “الأمين العام المخرجة دكتور يسر فاروق فلوكس، وأعضاء مجلس الأمناء “اللواء دكتور محمد الهمشري أمين عام المؤسسة، دكتور عمرو سليمان المدير التنفيذي للمؤسسة والمشرف على مشروع الشخصية المصرية، والكاتب والناقد دكتور هيثم الحاج علي”، ونخبة من المثقفين والإعلامين .
وافتتحت د. يسر فاروق فلوكس الصالون بتوجيه الشكر لدكتور عمرو سليمان المدير التنفيذي للمؤسسة صاحب فكرة أن يكون المحور الرئيسي للصالون هو الشخصية المصرية، ودكتور هيثم الحاج علي صاحب فكرة مبادرة آباء مؤسسون التي تبناها الصالون لاستعراض أثرهم في الشخصية المصرية، وجميع الحاضرين مؤكدة أن تلك المبادرة هي البداية لنشر الوعي عن الشخصية المصرية وتأثيرها الثقافي، فالمجتمع المصري مجتمع كبير وذكي للغاية والأحداث التي حدثت الفترة الماضية أثبتت أن الأجيال الجديدة ذكية ولديها الوعي الكامل، لافتة إلى أن التعليم ركن أساسي في الدولة المصرية وأول شيء بدأ في تطويره الرئيس عبد الفتاح السيسي لمعرفته بمدى أهميته، لذلك كان يجب أن يكون صالون الشخصية المصرية الثقافي الأول للمؤسسة العربية للإعلام والثقافة عن علي باشا مبارك أبو تعليم المصري الذي كان له أثرًا واضحًا في تعليم كل مصري.
وانتقلت الكلمة لدكتور لهيثم الحاج علي، ناقد وأستاذ جامعي وعضو مجلس أمناء المؤسسة، ليدير الصالون قائلا:” إن علي مبارك واحدا من أهم الأسماء التي ساقت شكل الشخصية المصرية في العصر الحديث وأثرت في التاريخ المصري، وكان واحدًا من بعثة الأنجال التي سافرت في منتصف الأربعينات من القرن الثالث عشر لفرنسا، وهذه البعثة التي كان لها دورًا كبيرًا جدًا في إحياء فكرة العلمية في الشخصية المصرية مرة أخرى، علي مبارك لم يدرس فقط العلوم الحربية بل درس أيضًا الهندسة، وكان قادرًا على شغل 4 مناصب مهمة للغاية في نفس الوقت، واستطاع وقتها عمل خطة النهوض بمصر، فقد كان ناظر للأوقاف والمعارف ووزير للأشغال ورئيس ديوان المدارس ووزير للري، مشيرًا إلى أن بالرغم من إسهامات علي مبارك الكبيرة في التخطيط للأرض المصرية سواء من ناحية الري أو العمران أو تخطيط المدن أو ما إلى ذلك، لكنه كان مهتم جدًا بالتعليم واستطاع أن ينهض نهضة تعليمية، ففي التعليم المدني انشأ دار العلوم وانشأ بعدها مدرسة السينية بناء على رأي رفاعة الطهطاوي مع مدرسة الألسن لكن دار العلوم كانت هي الإسهام الأكبر له، كما كان مهتمًا بفكرة الطباعة لينشأ دار الكتب المصرية باعتبارها أول مكتبة قومية عام 1870، لذلك فإن رؤية علي مبارك للشخصية المصرية وتخطيطه لها نجني ثمارها حتى الآن، ومن المهم أن نحتفي بالآباء المؤسسين للثقافة المصرية، مؤكدًا أن علي مبارك بنى نموذجًا جيدًا للتعليم يجب التوعية به خارج المناهج التعليمية، لذلك يجب أن نعمل على مشروع لأجيالنا الجديدة لتعريفهم بالآباء المؤسسون والحضارة المصرية من خلال برامج تثقيفية خارج المناهج التعليمية ولابد أن تكون برامج ممتعة ومفيدة وتقدم بشكل جديد يجذب فئة الشباب.
وقالت حفيدة علي مبارك وكاتبة أطفال والمترجمة الأدبية زينب علي مبارك،: “لكي استعد لمواجهتكم اليوم قرأت كتاب “حياتي” لجدي علي مبارك، والذي علمني الكثير، لأنه يروي أن في أول حياته كان للتعليم شكلًا آخر، فقد كان المعلم قاس، لذلك كان علي مبارك أول من قرر أن يغير شكل التعليم وذلك من أجل التلامذة، فكان ما يشغله هو أن يتم الاهتمام بالتلميذ اهتمامًا شخصيًا ليجعله يحب العلم، فقد كان على يقين أن الشخص مهما اختلفت طبقته الاجتماعية فإن التعليم هو السبيل لتطور الإنسان، وكان لعلي مبارك دورًا مهمًا في مصر وما زال أثره موجودًا حتى الآن رغم وفاته”.
وأكد دكتور محمد رفعت، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة دمنهور وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن اختيار الشخصية المصرية لمناقشتها هو اختيار عبقري وذلك للتأكيد على الهوية، فهذا الشهر هو شهر ميلاد علي مبارك، فهو أيقونة مهمة للثقافة المصرية وهو مؤسس الهوية المصرية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كما أنه ابن التعليم الديني قبل محمد علي، فعلي مبارك نقل التعليم إلى الجمهور والعامة لأن هدفه أن يتعلم العقل الجمعي.
أوضحت د. جيهان زكي، عضو مجلس النواب وأستاذ الحضارة المصرية والتاريخ بجامعة السربون، أن الثقافة والسياسة وجهان لعملة واحدة، ويخطئ الكثير أن الثقافة مقصورة على النخبة وهذا أصبح مفهوم خاطئ في ظل التحديات السياسية الناتجة عن النزاعات العسكرية على دول الجوار والتحديات الاقتصادية على الصعيد الدولي والإقليمي وتحديات أخرى مثل التحول الرقمي والعولمة، ويوجد فرق بين بين الأجيال القديمة والأجيال ما بعد عام 2000 فهم أخطر في التعامل مع هذه التقنيات الجديدة، مؤكدة أن الصالون الثقافي يتحدث عن شخصية هامة جدًا من الشخصيات المؤسسة فهو تولى العديد من الوزارات، وكان لعلي مبارك عقيدة ثابتة أن الثقافة هي تقبل للفكر الآخر وأن الحضارة هي تجليات الإنسان تأخذه في محور وتدور في فلكه، وكان علي مبارك آخر ممثلي الأجداد الذين برعوا ونجحوا في تعدد المدارس الصناعية والمهنية والحربية والاهتمام بعلوم المصريات، فهو كان تاريخ هام لفك الرموز المصرية القديمة مما أدى إلى تطور البشرية، ولا وجود الحاضر والمستقبل بدون الماضي، وكان هذا ما يعلمه علي مبارك الذي كان سياسيًا محنكًا يدرك أهمية الثقافة والفكر وآليات المصري القديم، والتاريخ هو كبوة الشخصية المصرية.
وقال د. زين عبد الهادي، الكاتب وأستاذ علم المعلومات وتاريخ المعرفة، إن إذا تحدثنا عن تاريخ الثقافة والفنون نجد كل الطرق تؤدي إلى مصر، ويجب التأكيد على أهمية وجود علي مبارك وطه حسين وتأثيرهم في حياتنا، ومن المهم توعية جميع الأجيال الجديدة بالآباء المؤسسون مثل علي مبارك، ويجب أن نعطي التعليم حقه، والشخصية المصرية مرت بثلاثة حقب زمنية، الدولة القديمة والوسطى والحديثة، وكل حقبة تركت تأثير في العالم، واختراع المكتبة يكاد يكون مصري بجانب العراق وحضارة بابل وآشور أي أن الشرق الأوسط هو حامل للثقافة ومؤسس الحضارة، وكان علي مبارك موسوعة شاملة، والشخصية الموسوعة تكاد تكون صفة الشخصية المصرية، وأدرك علي مبارك قيمة التعليم إدراك يسبق عصره فقد أسس أول مكتبة قومية في العالم العربي وهي دار الكتب الخديوية، ولولا علي مبارك لكنا تأخرنا في الزمن، ولكن المصريين دائمًا سباقين للمعرفة على مستوى العالم.
وأكد اللواء دكتور حرب محمد الهمشري الأمين العام للمؤسسة، أن علي مبارك متمرد في داخله وهذا التمرد كان يولد عنده باستمرار الإصرار على النجاح، وفي عصره حصدت مصر ناتج ثقافي كبير وفي نفس العقد الزمني من القرن الماضي كانت وزارة المعارف تنتج 6 كتب ثرية للغاية التي كانت تدرس للطلاب من الصف الأول الابتدائي حتى السادس الابتدائي وهي صفوة دروس الدين والأخلاق لبناء شخصياتهم وتكون لديهم منظومة احترام لكل من حولهم، لافتًا إلى أن المؤسسة تعمل على إصدارات إلكترونية للشباب والأطفال تحت مسمى “أوراق وطنية” لتنقيح التراث المصري والتعريف بالقيم والمبادئ لمخاطبة أجيالنا بأسلوبهم.
وأشار د. عمرو سليمان، المدير التنفيذي للمؤسسة والمشرف على مشروع الشخصية المصرية، إلى أن المؤسسة العربية للإعلام والثقافة تهتم بدعم الشخصية المصرية، وكام علي باشا مبارك رجلًا بديعًا، وهو جزء من كل بيت مصري وقد أثر القاهرة الخيديوية التي تشكل بداخلنا الذكريات، وكان لديه بداعة الهوية البصرية للدولة التي كانت مسؤولة عن تكوين الشخصية المصرية، وأثر علي مبارك في تاريخ مصر ثقافيًا واجتماعيًا وتعليميًا فقد أسس جودة الخدمة المقدمة من الدولة لأبنائها، لذلك يجب التشجيع على وجود شخصيات مثل علي مبارك ورفاعة الطهطاوي وأن يكون هناك مُجددين .
وأضاف دكتور عمرو سليمان أن القيادة السياسية حريصة على فكرة الهوية البصرية لأننا استصغنا القبح عقودًا، لذلك نحتاج إلى استعادة هويتنا البصرية الخاصة في مختلف الشوارع وأيضًا الزخارف الإسلامية، فالأمان غالبًا يأتي في المجتمعات من خلال قوة التنمية الحضارية والتي ساعد علي مبارك في حدوثها، فعلي باشا مبارك ساهم في تأسيس الهوية البصرية في القاهرة الخديوية وحي عابدين وغيره، وتلك التنمية الحضارية تقوم بها الدولة الآن، بالإضافة إلى التنمية التي أضافها علي مبارك للمعلم الذي يحتاج إلى بيئة تعليمية جيدة، فالمعلم هو فكرة بديهة تضاف إلى رصيد الدولة، لذلك يجب أن نبعث روح علي مبارك من جديد في أجيالنا القادمة .