إحساس أنثى
✍ صالح الريمي :
جئتكم اليوم لأروي لكم قصة إنسان، تقول صاحبة القصة: كأي أنثى كنت أحلم بفارس أحلامي، وبحمد من الله جاء الفارس وتمت الموافقة، وعند قرب زواجي كإحساس أنثى شعرت بالفرح يغمر قلبي والسعادة تحيط بي من كل جانب، وتم الزواج وكان يومًا جميلًا .
بعد زواجي سافرت مع زوجي شهرًا كاملًا قضينا فيها شهر العسل في أرجاء العالم، كانت من أفضل أيام حياتي الزوجية، لكن بخيبة أمل بعد شهر من الزواج مباشرة بدأت شهور البصل لا يكاد يومًا دون أن يتركنا البصل في حالنا وحياتنا الزوجية السعيدة.
وهكذا هلهم جرا، هي بداية حياتي فيها المر والحلو بين أزمة ونكبة وضيق وهم وحزن وفرح وسعادة، يومًا أجد نفسي أسعد زوجة، ويومًا بين هذا وذاك، ويومًا أتحسر على زواجي وحياتي التعيسة مع زوجي..
للأمانة أحيانًا أكون أنا المخطئة ولا يساعدني زوجي في حل المشكلة لعدم وجود حوار بيننا مبني الصراحة والاعتراف بالخطأ، فيخرج من قلوبنا ما يعكر صفو حياتنا الزوجية، لكن بحمدلله وفضلة لم أجد لنفسي سلوى إلا الصبر والاحتساب.
المعضلة الكبرى أن حياتنا الزوجية كانت خالية من مشاعر الحُب والمودة، ويومًا صحوت من حلمي وأحسست بإحساس الأنثى وبحاجتي الفطرية للعاطفة والحنان والحُب الحقيقي الذي يتغلغل داخل وجداني، والاهتمام والرعاية من رجل أعيش معه تحت سقف واحد، وقد أعطيته كل حياتي كما أزعم..
سألت نفسي؟ كيف سيتحقق ذلك كله وزوجي بعيدًا عني عاطفيًا وجسديًا؟ وكانت حجته أن عنده أعمال متراكمة يضطره للسفر كثيرًا، وإذا وجد في المنزل يقضي معظم وقته في مكتبه بين أوراقه وكتبه الساعات الطوال كأني غير موجودة في المنزل.
وأنا بغرفتي وحيدة فريدة، أمر بوحدة مملة اتقلب على فراشي كأنثى تتأجج بداخلي مشاعر وأحاسيس تريد رجل بمعنى الرجولة، فأحتاج لحضن دافئ وكلمة لطيفة وعبارة جميلة ولحظة مشاعر وهمسة عطف ونظرة حب..
اقتربت منه يومًا متسائلة بكل أدب وذوق ونقاش هادئ لماذا هذا الجفاء العاطفي؟ هل يوجد عندك مشكلة في علاقتك بي؟ هل تحتاج مني خدمة لم أفعلها؟ هل تريد مني شيئًا لم يعجبك فأغيره؟
ثم صارحته بدون خجل، هل تحتاجني كزوجة، فإن عندي مشاعر وأحاسيسي تجاهك كبيرة وأني بحاجتك كزوج فإن لم تعطيني فأين أجدها بالله عليك؟؟
نظرا إلي متعجبًا قائلًا لقد كبرنا على هذه السوالف الصبيانية فكل الأزواج هكذا تمر بهذه المرحلة!! ثم ادعي بأني رومانسية زيادة عن اللازم، ثم تجاهلني وتركني أتلوى بأحزاني خلف عواطفي وأحاسيسي، حينها شعرت أن الحوار قد فشل.
لكن كنت إيجابية لم استسلم، وكتمت أحزاني وقلت لعل نفوره عني بسبب عيب فيّا أنا، وقررت البدء في رحلة التغيير، غيرت تسريحة شعري، تجملت بأفضل المكياج، اشتريت أفخم العطور، لبست أفخر الملابس، أعدت ترتيب وتنظيم منزلي، أضفت ألوان جديدة على جدران غرفة نومنا بألوان ساحرة وبشموع جميلة، ملئت كل زاوية بالورود والزهور..
بدأت أرسل له إلى هاتفة الخلوي كلمات الحُب والغرام، وبدأت أستقبله بالأحضان داخلًا وخارجًا، وهيئت له المنزل كأننا عروسان، وعندما دخل المنزل تفاجئت بعدم اللامبالاة وبرود في تعامله مع مافعلته من أجله، ولم يتحرك له ساكن، وكأنني لست بأنثى لي مشاعر واحاسيس، فكم تأثرت بحرقة وألم عميق وأنا أواجه الفشل الذريع في حياتي الزوجية.
ومع ذلك التمست له الأعذار تلو الأعذار، لكن الشيطان لم يتركني في حالي وأدخل الشك في مخيلتي وبدأ يوسوس لي بتكهنات ربما أنه متزوج من أخرى، وبدأت أراقب أفعاله، حركاته، سكناته، ويالتني لم أبحث!! قد صعقت فالفاجعة والمصيبة التي حلت بي، وأخيرًا اكتشفت أنه متزوج منذ زمن بعيد ولديه طفلان، انتهت قصتي، لكن كتبتها بإحساس أنثى، فربما قد تكون القصة مرت بأنثى أخرى دون أشعر بها..
كم هو شعورك المحبط عندما تشعر بأنك تعيش حلمًا جميلًا!! وتتفاجأ بأن أرض واقعك لا تعكس حلمك!
*ترويقة:*
التعدد في الزواج فيه مصالح للجميع، مصالح للطرفين، وتكثير الأمة، وعفة الفروج، وغض الأبصار، والإعانة على الإنفاق على النساء المحتاجات، إلى النفقة، والتقارب بين الأسر، والترابط بين الأسر، والتحاب بين الجميع..
والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف كان الأصل عندهم التعدد، ولكن يشترط لجواز التعدد العدل بين الزوجات، فمن خشي عدم العدل حرم عليه التعدد ووجب عليه الاقتصار على واحدة، قال تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)، والعدل الواجب يشمل العدل في المبيت والسكنى والنفقة والكسوة، فلا يجوز أن يفضل أحدهما على الأخرى إلا برضاها، لكن بعض تعدد الزوجات تشهد ظلمًا للمرأة وللأولاد بعض الأحيان، وهي من الأمور التي شهدت تشويًا للفهم الصحيح للتعدد.
*ومضة:*
التعدد أمر مطلوب شرعًا لقوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ).
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*