أحب نفسي أتقبلها اقدرها
✍شيخة الدريبي – الإحساء :
يشير حبّ الذات إلى كل عمل تقوم به بهدف معاملة نفسك بلطف ورحمة واحترام، وهو، بتعبير أدق، إعطاء الأولوية لرفاهيتك وسعادتك.إنه ينطوي على قبول نفسك كما أنت، بما في ذلك نقاط ضعفك كما نقاط قوتك، واتخاذ خيارات تدعم صحتك الجسدية والعاطفية والروحية.يمكن أن يظهر حبّ الذات بعدة طرق مختلفة، أهمها وضع حدود صحية ورفض الأمور التي تؤذيك أو لا تخدم مصلحتك.والاعتناء بصحتك الجسدية، وذلك من خلال ممارسة الرياضية بانتظام وتناول الطعام الصحي وأخذ قسط كاف من الراحة.كذلك ممارسة أنشطة الرعاية الذاتية التي تجلب لك السعادة، مثل المطالعة أو الاستحمام أو الاسترخاء. والتعاطف والتسامح مع الذات،خاصة عندما ترتكب خطأ أو تواجه انتكاسة ما.وايضا الاعتراف بقيمتك الخاصة، ومعاملة نفسك بنفس مستوى الاحترام واللطف الذي قد تمنحه لشخص يعزّ عليك..
بشكل عام، يتعلق حبّ الذات بمعاملة نفسك بنفس المستوى من الرعاية والاهتمام الذي قد تعطيهما لمن تحبّ، والإقرار بأنك تستحق أن تكون سعيدًا وسليمًا ومكتفيًا بذاتك.فحبّ الذات من وجهة نظر علم النفس، يشير حبّ الذات إلى قدرة الشخص على قبول وحبّ ذاته دون قيد أو شرط، بغض النظر عن عيوبه الخاصة أو سلبياته أو أخطائه في الماضي.إنه ينطوي على تطوير صورة ذاتية إيجابية وإحساس صحي دون إفراط باحترام الذات، مما يمكن أن يساعد الفرد على التعامل مع التوتر، والتغلب على التحديات الأخرى التي قد تواجهه في الحياة، وبناء علاقات جيدة مع الآخرين.ويرتبط حبّ الذات ارتباطًا وثيقًا بالعديد من المفاهيم النفسية الإيجابية، بما في ذلك على سبيل المثال التعاطف مع الذات، وقبول الذات، واحترام الذات..
يتضمن التعاطف مع الذات معاملة المرء لنفسه بلطف وتفهّم ورحمة، خاصة في لحظات الصعوبة أو الضيق، وهذا من شأنه أن يساعد الأفراد على تجنب نقد ذواتهم بقسوة، بطريقة يمكن أن تهدم احترامهم لذواتهم وتخفض من رفاهيتهم الذاتية. أما قبول الذات، فهو يتضمن اعتراف الفرد بنقاط الضعف لديه واحتضانها كما يحتضن ويفخر بنقاط قوته، دون إطلاق أحكام أو استنقاص من النفس. فلا يوجد شخص كامل بل لدى كل شخص نقائصه وعيوبه، وأن هذه الأمور لا تخفض من شأنه أيا كان، أو تقلل من قيمته المتأصلة كإنسان. وأخيرًا، يشير احترام الذات إلى شعور الفرد عامة بتقدير الذات والثقة بنفسه، وعادة ما يميل الأشخاص الذين يتمتعون بتقدير عال للذات إلى تطوير صورة إيجابية عن أنفسهم، والإيمان بقدراتهم، والقدرة على تحقيق أهدافهم.كما أنهم عامّة أكثر مرونة خلال تعاملهم مع الآخرين وفي مواجهة الشدائد وأقل عرضة للتأثر بالتعاليق الجارحة أو ردود الفعل السلبية القادمة من الآخرين..
وعليه فإن تطوير حبّ الذات يتطلب جهدًا واعيًا وعزيمة قويّة، بالإضافة إلى الاستعداد الدائم لقمع الرغبة في الحديث السلبي عن النفس وعن صفاتها وقناعاتها.ووضع الحدود اللازمة، وتعلم تحديد أولويات واحتياجات الفرد ورغباته، ويمكن أن يساهم العلاج وغيره من أشكال الدعم النفسي أيضًا في تنمية حبّ الذات، خاصة لدى الأفراد الذين عانوا من صدمات أو سوء معاملة في الماضي أو غيرها من التحديات الكبيرة التي ربما أضرت بإحساسهم وبقيمة ذاتهم .كماإن تطوير حبّ الذات هو عملية تستلزم التدرج والمثابرة وهناك العديد من الاستراتيجيات المختلفة التي يمكن للأفراد استخدامها لتنمية حبّ وتقبل الذات.لا يعني حب الذات الأنانية، وليس أمرا مخجلا، بل على العكس هو مفيد للصحة الجسدية والنفسية والعاطفية، وينعكس إيجابا لا على الفرد بحد ذاته فحسب، بل على الآخرين،وهذا يجعلك أكثر راحة وانسجاما وينبهك إلى قيمتك عند الآخرين…